14 أغسطس 2021

دعوهم «يتفلسفون».. أهمية تدريس الفلسفة للأطفال

محررة في مجلة كل الأسرة

محررة في مجلة كل الأسرة

دعوهم «يتفلسفون».. أهمية تدريس الفلسفة للأطفال

تعددت الآراء، بل تفاوتت لدى العديد من المختصين بعلوم الأطفال، حول أهمية تعريف الطفل بعلم الفلسفة، وأن يمارس حقه في الشك والسؤال وكذلك الدهشة والتأمل، لاسيما وأن الطفل يتمتع بخيال واسع، إضافة إلى فطرته الفضولية والجريئة التي تفرض عليه طرح الكثير من الأسئلة، وهي أمور يرى البعض أنها لا تتناسب مع عقلية الطفل البسيطة، التي تحتاج إلى النضج واستكمال القوى العقلية، ولكن من المؤكد أن أطفال اليوم لديهم رأيهم الشخصي، الذي يتناسب مع طبيعة واحتياجات العصر الحديث.

فما مبررات التفكير في حاجة الطفل إلى الفلسفة؟ وكيف يطبق الأطفال النظريات الفلسفية في مواقف حياتهم؟ وكيف تسهم دراسة مادة الفلسفة في نظرتهم للأمور؟

دعوهم «يتفلسفون».. أهمية تدريس الفلسفة للأطفال

خلال ورشة «حوارات فلسفية مع الأطفال» فعلت مقدمة الورشة هيا القاسم، كاتبة ومدربة تفكير إبداعي للأطفال، مفهوم الفلسفة الآمنة، حيث حررت تفكير الأطفال بمجالات مختلفة، من أجل تعريف الأطفال إلى معنى كلمة الفلسفة، أصلها، أهم روادها، وأهم الفلاسفة بشكل عام، وكذلك تعرف الأطفال إلى أهمية الفلسفة ووجودها في حياتنا، وكيفية خلق الأسئلة الفلسفية، وقد شهدت الورشة، التي شاركت «كل الأسرة» بها، عشرات التساؤلات التي من خلالها حرر الأطفال فكرهم ومخيلتهم للوصول إلى نتائج مختلفة.

غرس المصطلحات الفلسفية بشكل ممتع ومسلٍ

دعوهم «يتفلسفون».. أهمية تدريس الفلسفة للأطفال

وحول الأسلوب الذي تم اتباعه مع الأطفال خلال ورشة حوارات فلسفية، تقول الكاتبة ومدربة التفكير الإبداعي للأطفال، هيا القاسم " اعتمدت الجلسة بشكل فعال على فلسفة المشاعر والأحاسيس لدى الأطفال، فطرحت عليهم أسئلة مثل:

بماذا يشبهك الكون؟ .. ما الذي يدهشك؟

وطرح الأطفال مجموعة أسئلة فلسفية مميزة أثناء الجلسة، عن ماهية الموت وماذا بعده، وهناك من طرح سؤالاً عن ماذا لو كنا جميعاً نتشابه في الشكل فكيف سيفرق الناس بين بعضهم البعض؟!

فمثل هذه الأسئلة من أساس الفلسفة، لذلك حرصت من خلال التعاون مع دار «كتاب للنشر» أن نكون أول من يقدم ورشاً فلسفية للأطفال في دولة الإمارات، وذلك تزامناً مع إدخال مادة الفلسفة بالمناهج الدراسية لهذا العام، من أجل تمهيد الفكرة، بل وتبسيطها بالنسبة للأطفال، فأنا أؤمن بفكرة تعريف الأطفال بالفلسفة عن طريق الورش التفاعلية وغرس المصطلحات الفلسفية بشكل ممتع ومسلٍ، بعيداً عن الأسلوب المنهجي".

وفي حوار مع عدد من الأطفال المشاركين، تحدثوا عن أهمية تعلم الفلسفة بالنسبة لهم، وكيف تم تبسيط هذا المصطلح المعقد لهم، تمهيداً للقرار الأخير بتدريس مادة الفلسفة للطلبة في مدارس دولة الإمارات.

تسهم في تعزيز مهارة التحدث والتخيل

دعوهم «يتفلسفون».. أهمية تدريس الفلسفة للأطفال

يقول عمار يوسف المرزوقي " كنت أظن أن دراسة الفلسفة معقدة، ولا تتناسب مع المرحلة الابتدائية، لكنني أرى أن ورشة حوارات فلسفية، من أجمل الورش التفاعلية التي حضرتها على الإطلاق، فقد شعرت أنها تقترب من أمور راسخة في ذهني، فقد استمتعت وأنا أطلق عنان أفكاري في التحدث والحوار والتخيل، والميزة أنني كنت أشعر بأريحية وبساطة من دون تكليف، خاصة أنني تجرأت في الحديث بعدما استمعت لأصدقائي وأفكارهم والغوص في مخيلتهم أثناء الحوارات اللطيفة التي تمت مناقشتها، فقد طرحت سؤالاً اكتشفت حينها أنه فلسفي، وهو ماذا سيحدث لو كانت أشكالنا متشابهة؟، فكيف سنفرق ونميز بين بعضنا البعض؟".

تنمي حب الحكمة

دعوهم «يتفلسفون».. أهمية تدريس الفلسفة للأطفال

لفتت شريفة الهوتي إلى الرغبة التي تولدت لديها بعد جلسة حوارات فلسفية، بأن تصبح فيلسوفة، «كنت أعتقد أن الفيلسوف هو الشخص الذي يتحدث كثيراً، ويستخدم مصطلحات معقدة إلى حد ما، ولكن خلال الورشة، اكتشفت بأنه علم ملهم، يدفعنا للبحث والفهم، وفهمت معناها الذي اكتشفت بأنه جزء لا يتجزأ من حياتنا وأفكارنا، وقد قررت أن أهتم أكثر بعلم الفلسفة وأن أصبح فيلسوفة، ذلك لأن هذا العلم يعني حب الحكمة وأنا طفلة تحب الحكمة، وأريد أن أكون واحدة من حكماء هذا الزمان».

ترفع من مستوى كتاباتهم الأدبية الفلسفية

دعوهم «يتفلسفون».. أهمية تدريس الفلسفة للأطفال

أما بيسان عثمان فهي تطبق كل العلوم التي تتعلمها في القصص التي تكتبها، منها ما تعلمته أخيراً في ورشة الفلسفة، تقول " كنت أروي لأختي الصغيرة سيرين، قصصاً وحكايات من بنات أفكاري وكانت المستمع الوحيد الذي ينام قبل انتهاء القصة وبعدها رسمنا أنا وأختي قصصنا على جدار المنزل والحمد لله أنني أمتلك أماً وأباً لم يعارضا هذه الفكرة، حتى إنهما أحضرا لنا كرسياً لنكون أطول قليلاً لنكمل رسوماتنا في المساحات الفارغة، الأمر الذي خلق لدي الرغبة في الابتكار، وترك بصمة ثقافية من خلال الأدب الذي أكتبه، وأرى أن علم الفلسفة يساعدني في تطبيق نظرية الأسئلة المفتوحة في القصص التي أكتبها، وأن أمنح القارئ الفرصة للتفكير خارج الصندوق، والحكم على الأمور من خلال تجاربه، بل والشك في النتائج الأخرى".

تعلم فلسفة المشاعر

دعوهم «يتفلسفون».. أهمية تدريس الفلسفة للأطفال

أما موزة الهوتي، فقد دفعتها الورشة للتفكير من دون تردد، «أصبحت أكثر جرأة اليوم لاستكشاف مساحة واسعة في عقلي، وخاصة أنني أحب البحث والفضول، وقد كنت أظن أن ذلك يعد عيباً إلى أن عرفت أخيراً بأن ما أقوم به علم، يدفع لمعرفة كل ما هو مفيد، وأكثر ما أعجبني في علوم الفلسفة هو (فلسفة المشاعر)، لأنني أحب الرسم ومن خلال الرسم أعبر عادة عن مشاعر داخلية، والآن يمكنني أن أعبر عن مشاعري أيضاً، ولكن بفلسفتي الخاصة في الحياة».

تسهم في خلق أفكار جديدة

يقول عامر سعيد " نحن الأطفال أجيال المستقبل نحتاج إلى العديد من الحوارات الفلسفية لتنمية مهارة الحوار وتبادل المعلومات، خصوصاً في فترة الجائحة، التي أتاحت الفرصة أمامنا للبحث في علوم ومعارف جديدة، ففي ورشة الفلسفة تم تبسيط العديد من الأفكار التي كنا نعتقد أنها معقدة، خصوصاً أننا كنا نسمع بعضنا البعض، ونخلق أفكاراً جديدة من أحاديثنا".

تحفز تساؤلات للتعرف إلى الذات

دعوهم «يتفلسفون».. أهمية تدريس الفلسفة للأطفال

من جهتها أشارت غاية سعد الأحبابي وأختها نيلا، إلى التساؤلات التي تم طرحها في الورشة، «أثارت ورشة حوارات فلسفية العديد من الأسئلة في ذهني، تساؤلات نحو الحياة والمنطق، والتفكير بشكل عام، كما أتيحت لي الفرصة للتعبير عن نفسي أكثر والتعرف إلى ذاتي بشكل خاص ومختلف». أما نيلا فقد أضافت بأن الحديث عن الفلسفة في هذا السن المبكر أضاف لها قيمة كبيرة، تقول « تناولت موضوعات تحت عنوان فلسفي جديد بالنسبة لي كطفلة، فقد خاطبت ذاتي وشعرت بقيمة وجودي كإنسان في هذه الحياة».

يشهد جيل اليوم الكثير من الأحداث التي تدفعه للسؤال حول الموت، وهو السؤال الفلسفي الأول

الإجابة عن الأسئلة الفلسفية

من جهته، يرى دكتور علم النفس والفلسفة عصام عثمان، أن جيل الإنترنت يمتاز بالواقعية، «يشهد جيل اليوم الكثير من الأحداث التي تدفعه للسؤال حول الموت، وهو السؤال الفلسفي الأول، خاصة مع انتشار أخبار القتلى وضحايا الكوارث، أما الذين يعيشون في مجتمعات تمتاز بالأمان إلى حد ما، فلابد أن يقودهم فضولهم للبحث حول المواقف التي تثير في ذهنه تساؤلات فلسفية، وهو ما يقودهم للبحث والمعرفة، وهنا تبرز أهمية تدريس مادة الفلسفة، حينها سيكتشفون أنه ليس استثناء، وأن هناك علماً مخصصاً لتعزيز التفكير وتحليل الأمور بشكل صحي وسليم».

 

مقالات ذات صلة