3 مارس 2022

د. حسن مدن يكتب: بين النوم واليقظة

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"، صدرت له مجموعة من الكتب بينها: "ترميم الذاكرة"، "الكتابة بحبر أسود"، "للأشياء أوانها"، "يوميات التلصص".

د. حسن مدن يكتب: بين النوم واليقظة

نعرف جميعاً تلك الحال الحائرة بين اليقظة والمنام، التي نشعر فيها بعدم اليقين عما إذا كنا، لحظتها، نياماً أو في يقظة، وهذا يحدث عادة في نهايات النوم، في الصباح الباكر، حين نشعر أننا نتنقل بسلاسة بين النوم والصحو، وقد تأتينا أحلام تعزز هذا الشعور في نفوسنا وأذهاننا، فالحلم، في المنام، يتلبس صورة الواقع، فلا نتبين ما إذا كنا نحلم أم نعيش، فعلياً، الواقعة التي تتراءى لنا في المنام.

ومن تجربتي الشخصية فإن أحلام نهايات النوم سريعة التبدد، أي لا ترسخ في الذاكرة، فما إن ننهض من فوق أسرّتنا لا نكاد نتذكر منها شيئاً، وإن تذكرنا فمجرد ومضات من مشاهد غير مكتملة أو مترابطة.

يقودنا هذا إلى سؤال أقرب إلى أن يكون علمياً، وليس بوسع سوى المختصين الإجابة عليه، عما إذا كانت حواسنا التي تعمل بنشاط ونحن في حال الصحو، تتوقف عن العمل كلية أثناء نومنا، أم أن بعضها يظل يقظاً وتعمل بطريقة مختلفة عن تلك التي تعمل بها ونحن غير نيام.

وسنأتي الآن، على خلاف ما بدأنا به الحديث، على بدايات النوم، لا على نهاياته، حيث تلفتنا بعض التقارير إلى «التساؤلات والشكوك» التي يعانيها الكثيرون عندما يستلقون على أسرّتهم استعداداً للنوم، ومن تلك التساؤلات «هل أطفأت جميع الأنوار؟ لم أتأكد من إغلاق الفرن والتلفاز. هل جميع صنابير المياه مغلقة بإحكام؟ ماذا لو حدث تماس كهربائي وأدى إلى وقوع حريق أثناء النوم؟».

أحد هذه التقارير الذي اقتطفنا منه ذلك، يرى أن تلك المخاوف، والتي تدفع الكثيرين للقلق، هي برأي خبراء الصحة، بمثابة وساوس مبالغ فيها، والسبب في ذلك هو أن حواسنا «تبقى في حالة يقظة حتى أثناء النوم»، ويضيف أيضاً «بالرغم من أن الجفون تغطي العيون أثناء النوم، إلا أنها تملك مستقبلات صغيرة تدرك من خلالها ما إذا كان هناك ضوء في الخارج أم ظلام».

أكثر من ذلك فإن بعض الدراسات تشير إلى أن حواساً بعينها لا تكفّ عن العمل حتى أثناء النوم، وبينها حاسة الشمّ وحاسة التذوق، إذ تبقى مستشعرات التذوق الموجودة على اللسان في عمل دائم، وكذلك حاسة اللمس التي لا تتوقف، هي الأخرى، عن العمل مثل حاسة السمع، إلا في حال استخدام سدادات الأذن.

وإن كان من استخلاص يمكن أن نستنتجه من ذلك فهو أننا في حال النوم نعيش مزيجاً من الوعي واللاوعي. صحيح أن اللاوعي هو الغالب لحظتها، لكن يبقى للوعي محفزاته الأخرى، الكفيلة بإيقاظه عند اللزوم.

 

مقالات ذات صلة