28 فبراير 2024

لمناسبة اليوم العالمي للأمراض النادرة.. قصة أُمّ تستمد من ابنتها طاقة الإصرار والعطاء

محررة في مجلة كل الأسرة

محررة في مجلة كل الأسرة

لمناسبة اليوم العالمي للأمراض النادرة.. قصة أُمّ تستمد من ابنتها طاقة الإصرار والعطاء

مناسبة استثنائية ترتبط بتجربة مختلفة في أذهان بعض الأُسر ممن رُزقت بطفل لديه مرض نادر، لِما مرّت به من ظروف يُنظر إليها على أنها قاسية، إلا أن هناك من يعبّر عنها بكونها الملهِمة، لقدرتها على تفجير طاقة من العطاء والإرادة والتصالح مع الذات. إنه اليوم العالمي للأمراض النادرة الذي يصادف اليوم الأخير من شهر فبراير، من كل عام.

نحْيي هذه المناسبة بتقديم تجربة بطلتها أمّ اتخذت من مرض ابنتها النادر، وسيلة لتقديم المساعدة والدعم، النفسي والمعنوي، لمن تمرّ بنفس ظروفها، من أمهّات ذوي الهمم.

لمناسبة اليوم العالمي للأمراض النادرة.. قصة أُمّ تستمد من ابنتها طاقة الإصرار والعطاء

نشمية الفيلي، ربّة منزل، تقول «نعلم جميعاً أن المرض اختبار من الله تعالى، وعلينا أن نتقبّله بكل رضا، وطيب خاطر، وهناك من يخفق في هذه المسألة ممن يتمردون على واقعهم، ويرفضون تقبّله، فبعدما أنجبت ابنتي مزنة، علمت بأنها تعاني متلازمة «كورنيليا دي لانج سيندروم»، وهي مرض نادر يسبب إعاقة ذهنية وجسدية، حمدت الله تعالى على هذا الاختبار الصعب الذي كان قاسياً في البداية، بخاصة أنها ولدت طبيعية، ولم يكن فيها عيب ظاهر، سوى ضعف عام في جسدها، والذي يستلزم، على حد إدراكي، الاهتمام بتغذيتها جيداً حتى تصبح كباقي أقرانها».

الدعم المعنوي من جميع أفراد الأسرة

تضيف الأم البطلة «تقدم الدولة خدمات كثيرة لأصحاب الأمراض النادرة، فبجانب أنواع الدعم المختلفة، هناك ما هو أهم، وهو الدعم المعنوي الذي لا يقدم للمريض فحسب، بل ولذويه أيضاً، حتى يتمكنوا من رعايته بالطريقة السليمة، خاصة مع الأعراض المصاحبة التي تستلزم وجود شخص واعٍ، ومدرك لها».

وتتلقى مزنة الدعم المعنوي من جميع أفراد أسرتها «فابنتي تُعد الحالة الأولى في العائلة، ما لم يجعلني أدرك الكثير من الأمور، فهي لديها بجانب نوبات الصرع، مشكلة في الكلى، وخمول في الغدّة الدرقية، إضافة إلى فقر الدم، ومشاكل أخرى في المريء، وقرحة المعدة، ومع كل هذا الألم النفسي الذي قد يراودني أحياناً، لشعوري بالوجع وابنتي تتألم، إلا أنني أودّ أن أشكر كل من يخفف من معاناة الأهل ولو بكلمة، فأكثر ما يزعجني هو نظرات البعض لابنتي بعين الشفقة. فهؤلاء كل ما يحتاجون إليه هو استيعاب تصرفاتهم، وتقبّلهم كما هم، بجانب التودّد لهم، وتقديم الحب، والعطف الذي يمثل لهم الكثير».

أسعى دوما لأن تعيش ابنتي الحياة التي تستحقها

وتكمل أمّ مزنة «مرّت ابنتي بفترات صعبة، بخاصة عندما داهمَتها نوبات الصرع منذ الصغر، وكانت تتناول جرعات مكثفة من الأدوية لتقليل عدد التشنجات اليومية، ومع كل ذلك، لم أتهاون لحظة في البحث عن المناسب لها، فمن طبيب يقول لا يوجد علاج، لآخر يعطي أملاً، ومن عيادة أصعد درجات سلمها وكلي تفاؤل وصمود، لأخرى أنزل منها وكلي ضعف وهوان، كلّها أمور مرّت، وخرجت منها وأنا في قمّة إصراري على أن تعيش ابنتي الحياة التي تستحقها، من دون أن تفارقها بعد عمر طويل، ولم تأخذ حقها منها.

فمزنة ترتيبها الثاني بين إخوتها، ولديّ 3 أبناء غيرها، وكلهم يحبونها، ويقدمون لها الرعاية التي تحتاج إليها، سواء ما يتعلق منها بمواعيد الأدوية، أو الأكل، بجانب تقديم الدعم المعنوي الذي تحتاج إليه، فأخوها نايف الذي يكبرها بعام، يُعد صديقاً لها، وكذلك أخوها ماجد الذي يصغرها بخمس سنوات، هو من أصرّ على حملها أثناء إحدى الفعاليات، فهي، والحمد لله، تحظى بحب كل المحيطين بها، والجميع يسعى دوماً لأن يرسم البهجة والضحكة على وجهها».

لمناسبة اليوم العالمي للأمراض النادرة.. قصة أُمّ تستمد من ابنتها طاقة الإصرار والعطاء

وتواصل أمّ مزنة رواية رحلتها مع ابنتها «رحلة علاج طويلة مررت بها، مع فِلذة كبدي، ولم أشعر باليأس فيها يوماً، حتى عندما علمت من قراءتي الكثيرة حول مرضها النادر، أن أصحابه أعمارهم قصيرة، حينها تمنيت أن تظل ابنتي معي، ولا تغيب عن عيني، وأظل أرعاها، وأقدّم لها الدعم حتى آخر لحظة في عمري، والحمد لله وبفضله، أكملت مزنة عامها السادس والعشرين، فبين أمل يتبعه آخر، تظل صامدة لتقدم تجربة ملهمة لكل من يعيش ظروفها نفسها، كما تقدم لي شخصياً، نموذجاً يدفعني لأن أعيش الحياة، وأتقبّلها كما هي، لا كما أريدها، والحمد لله، بسبب ابنتي أستطيع أن أرى نِعم الله تعالى عليّ، وعلى أسرتي كلها، وأحمده كثيراً على عطائه الوفير، بل أبحث عن دور فعّال أقدّم من خلاله الدعم لمن يحتاج إليه».

وتتابع نشمية الفيلي «أسست، وصديقة لي، «جروب» على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي، يجمع كثيراً من الأمهات ممن لديهن ابن، أو ابنة، في حاجة إلى رعاية خاصة، كي نقدم لهنّ النصائح والأفكار التي تعينهنّ على رعاية أبنائهن، كما أشارك في كثير من المؤتمرات والندوات لتبادل الخبرات، وآخرها كان سوق السياحة والسفر في دبي، واستعرضنا مع المعنيين المشكلات التي تعانيها الأسر أثناء سفرها، ممن لديها حالات خاصة، وتحدثنا عن حلول مقترحة تخفف عنها بعض الممارسات الخاطئة، وبما يضمن لها قضاء إجازة من دون منغصات.

وأحياناً أذهب معها لبعض الفعّاليات، فقد كانت ضمن مجموعة من أصحاب الهمم ممن شاركوا في افتتاحية بوابة إكسبو 2020 دبي، وكان يوماً حافلاً لما لمسناه من تقدير وحفاوة لدور الأمّهات في تيسير الحياة على أبنائهن، ممن لديهم أمراض نادرة».

 

مقالات ذات صلة