27 أكتوبر 2022

د. حسن مدن يكتب: هل للعواطف فصول؟

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"، صدرت له مجموعة من الكتب بينها: "ترميم الذاكرة"، "الكتابة بحبر أسود"، "للأشياء أوانها"، "يوميات التلصص".

د. حسن مدن يكتب: هل للعواطف فصول؟

في إجابة سريعة عن هذا السؤال يمكننا القول: نعم! توجد للعواطف فصول. يمكننا، مثلاً، أن نتحدث عن «ربيع الحب» في إشارة إلى أوج التوهج العاطفي، حيث المشاعر في ذروة تجليها بين الشركاء، ويمكن لنا أن نتحدث، أيضاً عن «خريف الحب»، في إشارة إلى فتور المشاعر أو حتى تبددها، ولا نعلم إذا كان يصحّ الحديث عن «شتاء الحب» في إشارة إلى أن المشاعر لم تعد دافئة كما كانت، وأنها خبت وبردت.

يبقى كل هذا في نطاق المجاز.

فالمفترض أن الحب لا ينتظر موعداً حين يأتي. بوسعه أن يأتي في أي فصل وفي أي وقت، ولا شأن له بالجو، ويمكن له أن يأتي في كل الأعمار، في الشباب والكهولة والشيخوخة، ويأتي في زمن «الكوليرا» كما يشير إلى ذلك عنوان رواية غابرييل ماركيز الشهيرة، «الحب في زمن الكوليرا»، والحب أتى ويأتي أيضاً في زمن «الكورونا» وعن هذا كتبت روايات وأشعار ومقالات.

لكن ما نحن بصدده ليس المجاز، وليس الحب في الشعر وفي الأدب، ذلك أن تقريراً ينقل عن خبيرة ألمانية في العلاقات العاطفية، اسمها تابيا فينكلر، حديثها عما سمته «العلاقات العاطفية الشتوية»، والتي ينتهي بعضها، حسب رأيها، بشكل أسرع مما بدأ.

وحسب الموقع الذي أورد التقرير فإنه في اللغة العامية، الألمانية على ما يبدو، يُشار إلى الفترة ما بين بداية الخريف إلى بداية الربيع باسم «موسم التكبيل». خلال هذا الوقت من السنة، يصبح الناس أكثر ميلًا إلى «الاقتراب من بعضهم» وتكوين علاقات حتى لا يكونوا بمفردهم في المواسم ذات الأجواء الغائمة، وحسب الخبيرة فإن هذا لا يحدث عن قصد و يمكن تفسيره كالتالي «الناس ليسوا مخلوقين للعيش بمفردهم! ولكن خلال أشهر الصيف، قد ننشغل كثيراً بالطقس الجميل والأنشطة الاجتماعية بحيث لا تتاح أمامنا فرصة كبيرة للشعور بالوحدة».

وواضح أن الحديث يدور عن البلدان التي تعرف تعاقب الفصول فعلاً، حيث تخلع الطبيعة في كل فصل رداءها لترتدي رداء جديداً، الأخضر للربيع والصيف، الأصفر للخريف، والأبيض للشتاء حين يغطي الثلج الأرض والأشجار وحتى أسقف البيوت، لذلك نقرأ أنه «عندما يحل فصل الخريف والشتاء، تُصبح الأيام أقصر وأكثر قتامة، ونقضي جميعنا المزيد من الوقت بداخل جدراننا الأربعة»، فيما تتضاءل الأنشطة الاجتماعية المتنوعة المعتادة في الصيف، لذا يبدو مفهوماً أنه خلال الأشهر الباردة «يزداد توقنا إلى (اللمة) والرفقة. ولهذا لا نريد قضاء تلك الأشهر وحيدين».

لكن الخبيرة المشار إليها تحذّر من أن الشراكات التي تنشأ تحت ضغط الشعور بالوحدة فقط خلال شهور الشتاء، عرضة للانتهاء «أسرع مما بدأت».

 

مقالات ذات صلة