8 مارس 2021

غريس النجار: المرأة قادرة على مواكبة التطور بالعزم والإصرار

محررة في مجلة كل الأسرة

محررة في مجلة كل الأسرة

غريس النجار: المرأة قادرة على مواكبة التطور بالعزم والإصرار

عندما خاضت غمار الحياة المهنية، لم تأبه بالتحديات كونها تؤمن أنّه «لا يمكن للعلم أن يخذلنا». 

اختيرت من قائمة النساء الأكثر تأثيراً في العالم العربي عامي 2014 و2015، في ظل ما اتسمت شخصيتها الزحلاوية (نسبة إلى مدينة زحلة عروس لبنان) بإصرار وعناد إيجابي لتجاوز أي صعوبات.

هذه هي غريس النجار، شخصية تزاوج بين الميدان والإدارة، بين العقل والعاطفة وبين المغامرة والعقلانية. عملت في مجال الهندسة وأنظمة المعلومات، تخصصها، وارتقت من خبيرة وطنية في المشاريع المموّلة إلى خبيرة دولية لتصبح العضو المؤسس لفرع PMI لبنان- معهد إدارة المشاريع في 2004، وتسهم في بلورة وجه المعهد على المستوى الإقليمي وتصبح المديرة التنفيذية للمعهد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عام 2019.

غريس النجار: المرأة قادرة على مواكبة التطور بالعزم والإصرار - خلال إحدى الاحتفاليات
خلال إحدى الاحتفاليات

كيف تعرّف غريس النجار عن نفسها ومسيرتها؟

بدأت مسيرتي عام 1995 عندما تخرجت في جامعة القديس يوسف في كلية الهندسة في بيروت بشهادة ماجستير في الهندسة الكهربائية ونظم المعلومات. وحصلت بعدها على شهادة الدراسات المعمقة في هندسة الشبكات والاتصالات عام 2002 من «تيليكوم باريس تك». 
منذ تخرجي، خضت مسيرة طويلة في وزارة التربية والتعليم العالي والمركز التربوي للبحوث والإنماء في لبنان كمهندس معلوماتية واتصالات.
بدأ دوري يبرز كخبيرة دولية في المشاريع الممّولة دولياً وكنت ضمن فريق الوزارة التي تستفيد من المشاريع التي تجمع بين ثلاث جهات بهدف تطوير التعليم و البنية التحتية والتطبيق، وهي الجهة الممّولة، الجهة المستفيدة والجهة المنفذة. ثم أسسّت شركتي الخاصة عام 2010 وتعنى بتكنولوجيا الأعمال والاستشارات الإدارية في منطقة الشرق الأوسط إلى أن باشرت مسيرتي مع معهد إدارة المشاريع PMI في 2004 حيث أسسّت للمعهد فرعاً في لبنان وباشرت انطلاقة دولية عام 2013. 

ما كانت ملامح تلك الانطلاقة، وما الذي تغير على صعيدك المهني؟ 

عام 2013، أسسّت العلاقات الحكومية والخاصة للمعهد سواء مع الشركات أو الجهات الرسمية وخاصة في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ليباشر المعهد التواصل مع الجهات الرسمية بشكل مباشر و يبلور دوره في تقديم مجموعة من الخدمات لإدارة المشاريع والعمل على تطوير الوظائف وتحسين النجاح التنظيمي والنتائج. وعام 2019، طلب مني المعهد التفرغ لتوسيع نطاق حضوره الإقليمي من موقعي كمديرة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. و كمهندسة تعنى بالتنفيذ والتركيز على الحلول، وظفت خبرتي التي تناهز ما يزيد على الـ25 عاماً مع المعهد الذي يهدف لدعم وتحفيز نجاحات المشاريع وتحقيقها لأهدافها.

من احتفالية تكريمها من أكثر النساء تأثيراً في العالم العربي - غريس النجار
من احتفالية تكريمها من أكثر النساء تأثيراً في العالم العربي

تحاولين المزاوجة بين الإدارة والميدان، كيف تتلمسين قدرة المرأة على توظيف قدراتها بالشكل الصحيح؟

وجدت نفسي وتطلعاتي في مجال الهندسة. عندما تسلمت أولى مسؤولياتي، كنت دوماً أبحث عن المشاريع الكبيرة لإيجاد الأساليب الداعمة للنجاح. لذلك، وجدت نفسي في معهد (PMI) متجددة لا تتعب ولا تهدأ.

في مجالات التربية، نفذت مشاريع ذات بعد إنمائي وكان الدور كبيراً للمرأة في تدعيم صلة الوصل بين جهات متعددة، إذ تتقن التواصل مع عدّة أطراف وبإمكانها الحديث بكل اللغات سواء اللغة التقنية، لغة المستفيد ولغة الجهات المنفذة التي تقوم بتسليم المشروع، وثمة دراسات تؤكد

أن المرأة تتسم بقدرة على إدارة العلاقات بين جهات مختلفة الأدوار والاختصاصات وعلى وضع الكل ضمن الهدف الأوحد.

ومن جهته، يدعم معهد المشاريع التنوع ودعم المرأة هو من ضمن مسؤولياته لجهة وجودها في المراكز القيادية والتنفيذية وحتى ضمن كادر المتطوعين حيث نشجع حضور المرأة الرائد في هذه المسؤوليات الكبيرة التي تثبت فيها جدارتها.

تواصلت مع عدّة جهات حكومية وكانت غالبية إدارات الموارد البشرية تترأسها نساء

للمعهد دور في الإمارات، كيف ترصدين مشاركة المرأة في البرامج التي تقدمونها؟

في الإمارات، نلاحظ الطلب الكبير على التعلم والمعرفة حيث تتماهى أهداف «إدارة المشاريع» من تمكين الموارد البشرية وتنفيذ أهداف الجهات في الدولة سواء مؤسسات أو وزارات في التميز والتوطين وتمكين المواطنين.
يدعم المعهد كل المبادرات التي تستقطب الكوادر النسائية. فقد تواصلت مع عدّة جهات حكومية وكانت غالبية إدارات الموارد البشرية تترأسها نساء ولاحظنا أن الدورات عن بعد، في ظل الجائحة، كانت محل استقطاب من قبل جهات كثيرة في الدولة وكان الإقبال كبيراً على شهادة محترف إدارة المشاريع وعلى الامتحان عن بعد. فالطلب على التمكين والاختصاص والشهادة جداً مرتفع في الإمارات ونسعى لدعم الدور الرسمي الإماراتي في تمكين المواطنين بالكفاءات إذ ترتبط شهادة إدارة المشاريع ارتباطاً مباشراً بالارتقاء بمستوى الفرد المهني في العديد من الجوانب مثل بناء القيادة وإدارة المشاريع في العمل.

إلى أي مدى لمست الدور القيادي للمرأة الإماراتية، وماذا عن مجالات التدريب التي تصبو إليها؟

لفتني حضور المرأة الإماراتية في كل المؤسسات وخاصة في المواقع والمهام التي يتخللها تدريب وتطوير وتميز. لا بد من الوقوف ملياً عند رئيسة الاستراتيجية والابتكار الحكومي في مجلس الوزراء سعادة هدى الهاشمي والمبادرات التي تقوم بها لدعم الابتكار وتحقيق استراتيجيات دولة الإمارات وتغيير أطر العمل، وهذا شيء ملفت، إلى جانب الكثير من المؤسسات ومنها مركز الشيخ محمد بن راشد للابتكار.
في الإمارات، نجد أن غالبية من يتولى جانب التطوير وأقسام التدريب من النساء كما سبق وأسلفت، وهذا يتماشى مع نتائج الدراسات التي تؤكد قدرة المرأة على مواكبة التطور بالعزم والإصرار. ومن خلال تماسي مع الواقع، عندما ترغب المرأة بإنجاز أمر ما فهي تلاحقه إلى «آخر نفس» وتعلّم نفسها ولا تستسلم للوضع القائم، بل تتلمس عندها مرونة للتعامل مع الواقع وتبرهن قدرتها على عدم توقف الوقت في وقت تكون الحياة كلها متوقفة في ظل «كورونا»، فهي لا تريد أن تخسر عملها وترغب أن تكون الأفضل وتحتل المناصب الأعلى وتتحمل مزيداً من المسؤوليات.

تتسلّم من الشيخة  لبنى القاسمي جائزة «من أكثر النساء تأثيراً» - غريس النجار
تتسلّم من الشيخة  لبنى القاسمي جائزة «من أكثر النساء تأثيراً»

من أهدافكم تدعيم دور المرأة القيادي في العمل، كيف تتلمسين خصوصية القيادة النسائية في كل دولة؟

هناك تميز نسائي يتماهى مع تمايز بيئة كل دولة وثقافتها. كل النساء يتمتعن بالإرادة لتغيير الثقافات القديمة والخروج من الصندوق، وهذا يتبلور عبر مشاركتها في الكثير من القطاعات. ففي الإمارات، نرصد انخراطها في قطاع النفط والغاز والهندسة والاقتصاد والقطاع الطبي وغيره من القطاعات وصولاً إلى مجالات أخرى، ومنها التكنولوجيا والفضاء واكسبو وهيئة الطرق والمواصلات والهيئة الاتحادية للموارد البشرية، حيث تتولى النساء مسؤوليات إدارية وتنفيذية في كل تلك القطاعات. فالقاسم المشترك بين النساء هو السعي الحثيث لتسلم مسؤوليات أكثر وإثبات جدارتهن ووجودهنّ، في ظل عزيمة واعية على تحقيق النجاح.

وماذا عن غريس - الأم؟

كنت أماً في عمر صغير ولدّي ابن اسمه سيمون ويبلغ 22 عاماً. درس الهندسة وهو يخطو أولى خطواته في مجال العمل الاستشاري بالإمارات، هذا البلد الذي يشرق بالعلم ويصبو إلى النجاح والارتقاء. استطعت بالفطرة والأمومة أن أنقل محبتي للعلم إليه، ففي حال سقطت كل المفاهيم وتعرض المرء للخذلان من وطنه، صحته، الظروف أو العلاقات، فالعلم لا يخذله وهو الجهد الذي تتلمسين نتائجه بعد عمر. أنا مكافحة كبيرة ولا أستسلم ونفسي طويل في سبيل النجاح والجهد لا بد أن يثمر يوماً.
كان ابني هو الثمرة الأكبر التي لا يمكن أن تخذلني خاصة أني وضعت روحي فيها وأنا أستشرف فيه الأمل والمستقبل وهو يسير على النهج نفسه. أما التقصير في حقه، فهو سؤال كنت أطرحه على نفسي خلال الأوقات التي لا أتواجد فيها معه شخصياً. فقد كنت أتعب لأرى حصادي بين يديه وشعرت أن الأمومة أثمرت عبر عملي إذ جعلتني، بطريقة ما، إنساناً أفضل وأكثر صبراً وصلابة، ما ساعدني على النجاح في أمومتي.

غريس النجار مع ابنها سيمون
مع ابنها سيمون

ما رسالتك للمرأة؟

المرأة يجب ألا تتعب ولا تنام ولا تيأس. القلب الذي لا يتعب ينبض على الدوام. الشهامة والشجاعة هما من سمات المرأة والإصرار هو من حمضها النووي. 

رسالتي: لا استسلام لأي تعب، لأي انتقاد ولأي ظرف والدور هو ما تمنحه المرأة لنفسها.

اقرأ أيضًا: حوار خاص مع سفيرة المنظمة العالمية للمرأة في الإمارات.. وداد بوحميد

 

مقالات ذات صلة