16 يناير 2022

د. حسن مدن يكتب: الأماني أم التوقعات؟

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"، صدرت له مجموعة من الكتب بينها: "ترميم الذاكرة"، "الكتابة بحبر أسود"، "للأشياء أوانها"، "يوميات التلصص".

د. حسن مدن يكتب: الأماني أم التوقعات؟

أصبحنا في عام جديد، عام 2022. العام السابق أصبح ماضياً. وما كان قبل أيام مقبلاً أصبح حاضراً، وكما في كل عام جديد يتبادل الناس لا التهاني وحدها بقدومه، وإنما التمنيات بأن يكون أجمل وأسعد، ونكون فيه أكثر عطاء وتوفيقاً في أعمالنا ومشاريعنا المقبلة وفي تفاصيل حياتنا الشخصية.

هناك سؤال أكبر، خاصة في ظروفنا الراهنة، يتخطى حدود أمنياتنا كأفراد، أو كمحيط عائلي ضيق، أو مجموعة أصدقاء، ويشمل ما هو شامل وجمعي على مستوى الأوطان وعلى مستوى العالم، وهذا ما سعت مؤسسة «غالوب» الإجابة عليه قبل نهاية عام 2021 من خلال قياس مدى الشعور بالسعادة لدى الناس. وفي مقابلة مع كانشو ستويتشيف، رئيس المؤسسة، أكدّ فيه على اليقين أنه لا يمكننا معرفة المستقبل، لذا فالأفضل بدل أن نغرق أنفسنا في الحديث عن التوقعات عما سيحمله العام الجديد لنا من مفاجآت، سارة أو محزنة، أن نتحدث أكثر عن الأماني.

والأماني كما نعلم جميعاً هي بطبيعتها إيجابية، فلا أحد يتمنى السوء أو الشر أو الضرر لنفسه أو لمن يحب، فيما التوقعات قابلة لأن تميل نحو التشاؤم والقلق حكماً من قراءتنا للحاضر، بما فيه من محبطات، ولذا فإذا كانت الأمنيات تمنحنا طاقة إيجابية، فإن التوقعات، على العكس، يمكن أن تكون جالبة للتشاؤم وخيبة الأمل والإحباط.

وعلى صلة بالتوقعات، فإن رئيس «غلوب» يشير إلى أن ما ميّز العام الماضي هو تزايد الآمال بانتهاء أزمة «كورونا» بتوافر اللقاحات، ومع ذلك طوينا صفحة ذلك العام بأسئلة كثيرة تفوق الأجوبة، وهنا بالذات يمكن أن نتحدث عن غياب اليقين، فلا أحد بوسعه الجزم ما إذا كان متحور «أوميكرون» سريع الانتقال وشديد الانتشار حالياً هو الفصل الأخير في الجائحة المشؤومة، بالنظر إلى أنه، على ما يظهر حتى الآن، أقلّ خطراً، أم أنه قد يخلي مكانه لمتحور آخر أكثر خطورة.

مع ذلك علينا، ولو من باب التمني والأمل، كي نكون إيجابيين، أن ننظر إلى ما هو العالم عليه اليوم بصفته وضعاً غير طبيعي، طارئ وعابر حتى وإن طال بعض الشيء، وأن منطق الأمور يقول إننا سنعود إلى الوضع الطبيعي الذي ألفناه قبل الجائحة، وهو نفسه لم يكن خالياً من المشاكل، لكنها لم تكن بالخطورة التي أشاعتها «كورونا».

ولأننا «محكومون بالأمل» فإن استطلاع «غالوب» المشار إليه أشار إلى 38% من المشاركين رأوا بأن العام المقبل سيكون أفضل من العام الماضي، فيما توقع 28 بالمئة أن يكون عام 2022 أسوأ من عام 2021، فيما توقعت نسبة 2 ٪ بعدم حدوث أي تغيير وأن العام المقبل لن يكون مختلفاً عن سابقه.

 

مقالات ذات صلة