27 فبراير 2022

من أخطأ بحق من؟.. فيلم "أميرة" أم منتقدوه؟

ناقد ومؤرخ سينمائي

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

من أخطأ بحق من؟.. فيلم "أميرة" أم منتقدوه؟
فيلم أميرة - إخراج محمد دياب

تعرّض فيلم «أميرة» للمخرج محمد دياب لما نعرفه جميعاً من متاعب توزيع وعرض، واتهم بأنه معاد للقضية الفلسطينية لمجرد أنه طرح احتمالاً رغم أن المخرج يستخدم عبارة في نهاية الفيلم تؤكد أن أكثر من 100 حالة تهريب نطف تمّت في السنوات الأخيرة وأن «كلها تم التأكد من نسبهم».

هذا الشرح ربما جاء متأخراً. ربما كان من الأجدى وضعه في مقدّمة الفيلم قبل سرد الأحداث. لكن في كل الأحوال، ووجه الفيلم بغضب شديد في بعض المحافل العربية وتم سحبه من تمثيل الأردن رسمياً في ترشيحات الأوسكار التمهيدية.

الإعلان الترويجي لفيلم "أميرة"


قصة الفيلم 

يحكي الفيلم قصّة عائلة من ثلاثة أفراد: سجين سياسي اسمه نوّار (علي سليمان) وزوجته وردة (صبا مبارك) وابنتهما أميرة (تارا عبّود).
يتفق نوّار مع زوجته على تهريب نطفة جديدة ويتم ذلك بالفعل.

لكن الطبيب الفلسطيني المسؤول يكتشف أن النطفة لا تحمل ما يكفي من مني للإنجاب. يصارحهما الطبيب بأن نوّار في الواقع عقيم. هنا يتبلور السؤال حول أميرة. إذا كان نوّار عقيماً كيف وُلدت أميرة إذاً؟

وإذا لم تكن ابنة أبيها، فمن هو والدها؟ هذا السؤال يأخذ باقي الفيلم وشخصياته في مفارقات مثيرة للاهتمام.

أميرة تريد أن تعرف هي ابنة من؟ أشقاء زوجها وأقارب آخرون يعتقدون أن أمها أنجبت أميرة من عشيق ما والأم ترفض أن تكشف الحقيقة خوفاً على ابنتها إذا ما اكتشف الناس أنها إسرائيلية (حسب ولادتها) وليست فلسطينية.

يستخدم السيناريو هذا الطرح ليوفر تداعياته. مشاهد كثيرة لردّات الفعل والعلاقات المتردية ليس بين الزوجة ومحيطها العائلي المباشر فقط، بل بينها وبين ابنتها كذلك.

ويقطع المخرج بين ما يحدث في هذا الإطار وبين وضع السجين الذي لا خيار أمامه سوى التشكيك بتحليل الطبيب قبل أن يبدأ بقبول احتمال أن تكون زوجته خانته. عندما يكتشف، بعد تحريات أميرة، بأن منيه استبدلت وباتت ابنته وليداً غير شرعي يسعى لدفع أميرة للهجرة مع والدتها إلى الإسكندرية حفاظاً على حياتهما.

تارا عبود في دور أميرة
تارا عبود في دور أميرة

يتحاشى المخرج أي ميل سياسي. لا وجود لظروف الاحتلال ولا لقسوة الحياة في ظله لا داخل السجن ولا خارجه. فصل النهاية وحده فيه قتل لكنه- أمنياً- مجاز. لا ذكر لحق الفلسطينيين بالعدالة ولا، بالطبع، لوم أو معاداة. لكن هذا التحاشي له وجهتان واحدة تفيد فيلماً يريد فقط أن يحكي قصّة، والثانية تبتعد عن توظيف المناسبة لعرض ولو موجزاً أو بسيطاً لواقع يتجاوز مشكلة واحدة.

 

مقالات ذات صلة