26 أبريل 2022

إنعام كجه جي تكتب: اضربها حتى الموت

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس.

إنعام كجه جي تكتب: اضربها حتى الموت
مسلسل" فاتن أمل حربي"

لن أقول رأيي في أي مسلسل رمضاني لأنني، بصراحة، غير قادرة على تكوين رأي فيما شاهدته منها. لكن «فاتن أمل حربي» جذبني لمشاهدته وانتظاره كل مساء. إنه يتناول ذلك الموضوع الذي بات يتصدر الجدل الاجتماعي والديني والقانوني خلال السنوات الأخيرة، سواء في بلادنا أو في الغرب، أعني به سوء معاملة الرجال للنساء.

لعل من المناسب التوضيح أنني لا أميل للمبالغة في القهر ولا أحب مسلسلات النكد. فالواحدة منا، والواحد، يريد في آخر النهار أن يستسلم لمتعة بصرية وحوارات لطيفة تخفف عنه ضغوط اليوم وإرهاق الواجبات في العمل والبيت. إن مسلسل يسرا، مثلاً، يقدم لي وجبة شهية من أداء مجنون ومتجدد برعت فيه هذه النجمة التي لا يخبو بريقها.

أما نيللي كريم فأكاد أرى الكرب مختبئاً في عينيها الصغيرتين رغم إقراري بموهبتها الفذة.

شيء ما دفعني للمقارنة بين هذا المسلسل وبين فيلم الكبيرة فاتن حمامة «أريد حلاً». إن العملين يتناولان قضية ظلم بعض القوانين للمرأة المطلّقة.

لكن شتان ما بين شخصية فاتن في الفيلم وشخصية نيللي في المسلسل.

الشياكة مقابل السفاهة. وأنا أتفهم ظروف الزوجة المقهورة وأعرف ما ينتج عن التفاوت الطبقي، وأدرك أن رفاهية فاتن بعيدة عن الواقع المزري لنيللي، لكنني لم أحب في حياتي المرأة السفيهة. لا أدري هل توافقونني على هذا الكلام، فقد شعرت بالنفور من المشاهد التي ترفع فيها البطلة صوتها بالصراخ، أو تلك التي ترفع فيها يدها وتضرب زوجها، أو حين تدق بكفها على منصة القاضي في المحكمة وتنشب نظراتها الوقحة في عينيه.

ستقولون إنها ذاقت المرّ ولم تفعل أكثر من الدفاع عن نفسها.

هل يكون الحل في تعديل القوانين وتغليظ العقوبة على الرجل المعتدي؟ أمامي كتاب صدر حديثاً لفرنسية تطلق على نفسها اسماً مستعاراً هو «سانشاين»، أي شروق الشمس، وفيه تروي معاناتها مع زوج ظل يضربها ويهينها ويحبسها طوال ثلاث سنوات. وفي النهاية فاض بها القهر فأخذت طفليها وهربت لتعيش في مكان بعيد.

إنها اليوم في الرابعة والأربعين من العمر، وتقول إن الأمر استغرق سنوات طوالاً لكي تدرك أن ما احتملته لم يكن طبيعياً، وأن من حق المرأة أن تلجأ إلى القضاء. لكن لمن تشتكي؟ إن أفراد الشرطة سخروا منها حين ذهبت لتقديم بلاغ وكان رأيهم أن تعود إلى بيتها.

في عام 2020 ماتت 140 امرأة بسبب ما يسمونه بالعنف المنزلي. إن وسائل الإعلام تتناول هذا الموضوع بشكل شبه يومي. لكن المقتلة مستمرة. وهناك عدة أرقام هاتفية خصصتها الدولة والمنظمات النسائية ويمكن للمعنّفة الاتصال بها فور تعرضها للتهديد أو شعورها بالخطر. لكن المتصلات قطرة في بحر الزوجات الخائفات من الفضيحة أو من الانتقام أو من حرمانهن من أبنائهن.

أفلام وكتب كثيرة ظهرت حول الموضوع. وهناك مرشحون في الانتخابات جعلوا من نصرة المرأة شعاراً في حملاتهم للرئاسة.
فهل تكون حالة المصرية فاتن أمل حربي شبيهة بمعاناة الفرنسية «سانشاين»؟ مع هذا فإن العولمة بريئة من هذه القضية. إنه واقع يعود لعصور ما قبل التاريخ.

اقرأ أيضًا: حصريًا لكل الأسرة.. علماء الإسلام يحسمون الجدل حول قضايا مسلسل «فاتن أمل حربي»

 

مقالات ذات صلة