2 نوفمبر 2022

ميركا.. المرأة التي لا يبتعد عنها لاعب التنس المعتزل روجر فيدرر

كاتبة صحافية

كاتبة صحافية

ميركا.. المرأة التي لا يبتعد عنها لاعب التنس المعتزل روجر فيدرر

لا أحد يعرف بالتأكيد إن كان وراء كل عظيم امرأة، ولا وراء كل امرأة رجل يساندها بقدر ما يستند إليها. إن حكاية بطل كرة المضرب العالمي روجر فيدرير مع زوجته ميركا تشبه حكايات الغرام بين قيس وليلى وروميو وجولييت. وقد جاء اعتزال اللاعب لكي يسلط الضوء على هذه القصة، ويدعونا للتعرف إلى تلك المرأة التي جمعه بها القدر فما عادا يفترقان. وإذا كانت إرادة بطل الكرة من حديد فإن صلابة زوجته من فولاذ.

شريكة حياته في اللحظات الحلوة والمرة

ميركا.. المرأة التي لا يبتعد عنها لاعب التنس المعتزل روجر فيدرر

منذ أكثر من عشرين عاماً وهي تشاركه حياته. أنجبت له أربعة أطفال ولم تتركه يبتعد عنها شبرين، طوال كل تلك الفترة. وفي منتصف سبتمبر الجاري اعتزل روجر فيدرير اللعب، وحياه الجمهور بالتصفيق المدوي، بينما كان الملايين في أنحاء العالم يتابعون مباراته الأخيرة وأعين المعجبين والمعجبات تدمع من التأثر بلحظات الوداع. ومن بين كل هؤلاء وقفت امرأة تشعر بسعادة غامرة، لأن ساحات كرة المضرب كانت تسرق زوجها منها بالساعات كل يوم. إنها ميركا.. شريكة حياته التي عرفت معه لحظات الحلو والمر.

ميركا.. المرأة التي لا يبتعد عنها لاعب التنس المعتزل روجر فيدرر

قصة احتراف و حب

يبلغ فيدرير الحادية والأربعين من العمر، وتبلغ ميركا الرابعة والأربعين. ورغم فارق السن البسيط بينهما فإنها كانت بمثابة الأم له، إلى جانب كونها الحبيبة والصديقة والمستشارة والزميلة في ميدان اللعبة. وإذا كان الزوج سويسرياً من مواليد مدينة بازل، فإن ميروسلافا فافرينيكوفا ولدت في تشيكوسلوفاكيا السابقة، وهاجرت مع عائلتها إلى سويسرا وهي طفلة في الثانية من العمر، وكانت مثل زوجها لاعبة كرة مضرب محترفة بين عامي 1996 و2002. توقفت عن اللعب وتحولت إلى مديرة لأعمال حبيبها البطل الصاعد الذي التقته في دورة سيدني للألعاب الأولمبية قبل عامين من اعتزالها، وتزوجا في ربيع 2009.

ميركا.. المرأة التي لا يبتعد عنها لاعب التنس المعتزل روجر فيدرر

كانت في التاسعة يوم اصطحبها أبوها لحضور دورة لكرة المضرب في فيلدرستاد، قرب شتوتجارت في ألمانيا. وهناك التقت اللاعبة الشهيرة مارتينا نافراتيلوفا التي أعجبت بمهارات البنت وقامتها القوية ونصحتها بلعب التنس. ولما عرفت أنها تشيكية مثلها أهدتها مضرباً للكرة ورتبت لها درسها الأول لدى أحد المدربين.

وكان من الطبيعي أن تحاول اللاعبة الناشئة تقليد نافراتيلوفا التي تعتبرها مثالها الأعلى، ولاسيما في طريقة إرسال الكرة خطفاً. ومع الوقت والتدريب كبرت ميركا وتقدمت في صفوف اللاعبات المعروفات وصار لها موقع عالمي.

وفي عام 1994 تم اختيارها ضمن الفريق السويسري لكأس الاتحاد وفي 2000 شاركت في دورة سيدني بأستراليا.

ميركا.. المرأة التي لا يبتعد عنها لاعب التنس المعتزل روجر فيدرر

اللقاء الأول

كان القدر ينتظرها هناك. فقد تعرفت في القرية الأولمبية على زميلها روجر فيدرير. وفي الوقت نفسه واصلت خوض المباريات ونالت أربع كؤوس مهمة حتى بلغت المرتبة 76 عالمياً بين لاعبات كرة المضرب. لكنها اضطرت لاعتزال اللعب بشكل مبكر بسبب إصابة في القدم.

وخلال ذلك لم تنقطع علاقتها بروجر لحين إعلان زواجهما الذي جرى في بازل، مسقط رأس العريس. انتقلت معه إلى زيورخ ووضعت في صيف 2009 توأماً من البنات هما شارلين ريفا وميلا روزا. وفي أواخر 2013 أعلن البطل العالمي أن زوجته حامل بطفلهما الثالث. وكانت المفاجأة أنها ولدت توأماً من الذكور هذه المرة، هما ليو وليني.

ميركا.. المرأة التي لا يبتعد عنها لاعب التنس المعتزل روجر فيدرر

توصف ميركا بأنها امرأة باردة. لكن علاقتها بزوجها تشير إلى عكس ذلك. وهو عندما حاول تقبيلها للمرة الأولى تمنعت عليه وقالت له «أنت صغير جداً». كان يافعاً بالفعل وما زالت بثور حب الشباب تملأ وجهه، لكنه رد عليها بأنه ليس طفلاً بل تجاوز الثامنة عشرة بشهور، وهنا قالت له «معنى هذا أنك طفل».

كان ذلك في صيف 2000، ليلة اختتام دورة سيدني، وكان فيدرير حينذاك يربط شعرة بهيئة ذيل حصان ويضع قلادة حول رقبته من الخرز الخشبي. وهو قد انجذب إلى زميلته التي تكبره بأربع سنوات دون أن يتوقع أنهما لن يفترقا وسيصبحا الثنائي الأشهر في ميدان كرة المضرب الاحترافية.

نجاحات الثنائي في التنس

ميركا.. المرأة التي لا يبتعد عنها لاعب التنس المعتزل روجر فيدرر

بالتأكيد لم يكن من المتوقع أن تجرح ميركا في قدمها، الأمر الذي وضع نقطة النهاية لمهنتها، لكنه الجرح الذي كان فاتحة لتوطد علاقتهما. لقد رأت في صديقها الصغير التعويض عما لن تستطيع هي تحقيقه. ارتبطا وصارت ذراعه اليمنى ومستشارته ومديرة أعماله.

ولم يكن سهلاً أن تشق له الطريق بقوة وعزم بين منافسيه وأبناء جيله. وتبادل الخصوم تقولات كثيرة حول القوة البدنية لميركا وحول عشقها للمال. لكنها لم تلتفت للشائعات وأعلنت في عام 2003، بعد فوز شريكها بدورة ومبلدون، «حين يفوز روجر فكأنني أنا الفائزة». إن تصريحها ليس عبثاً.

وها هو زوجها يعلن من خلال صحيفة «الجارديان» البريطانية أنه لم يكن قد حقق أي فوز ولا يحمل أي لقب حين التقاها ثم حصل على 88 كأساً خلال حياتهما المشتركة. كان ذلك عام 2016، وبعدها جمع 103 كؤوس.

لم يكن دورها أن تعلمه الحب فحسب بل العمل. ولم تكن تحسب حساب الساعات والسنوات التي أمضتها تراقبه في التدريب والمباريات. كانت صلبة ومثابرة لاسيما وأنها جاءت مهاجرة من بلد فقير إلى بلد غني وكان عليها أن تكافح لتثبت نفسها. إن ميركا من النوع الذي لا يتعب. ولو طلب منها مدربها أن تجري في سباق «الماراثون» قبل التدريب فإنها لا تتردد ولا تتحجج أو تعتذر.

هذا ما يرويه روني ستوفر، المؤلف المتخصص في سيرة روجر فيدرير، ويضيف أنها كانت قادرة على التمرين لسبع ساعات متواصلة، وهي التي علمت زوجها معنى العمل والاجتهاد.

ميركا.. المرأة التي لا يبتعد عنها لاعب التنس المعتزل روجر فيدرر

مع أطفالهما الأربعة يطوف الاثنان العالم من ملعب إلى ملعب ومن دورة لكرة المضرب إلى دورة. لا مجال لانفصال الأسرة. وقد بلغت الطفلتان البكر سن العاشرة ولابد من التحاقهما بمدرسة سويسرية داخلية. لقد أمضت البنتان طفولتهما في السفر والطائرات، وكذلك الولدان التوأم. والسبب هو أن فيدرير يرفض الابتعاد عن أسرته والسفر وحيداً، إنه متعلق بأبنائه ومتعلق أكثر بزوجته. وقد صرح لصحيفة «الصنداي تايمس» في خريف 2018 قائلاً «أرفض النوم في سرير لا تكون فيه ميركا».

 

مقالات ذات صلة