12 ديسمبر 2022

«النطاح» في الفجيرة .. تقاليد مشروطة بقوانين الحماية

محررة في مجلة كل الأسرة

محررة في مجلة كل الأسرة

«النطاح» في الفجيرة .. تقاليد مشروطة بقوانين الحماية

تحافظ منطقة «القرية» شمال شرق إمارة الفجيرة على تنظيم نشاط مصارعة الثيران كأحد الموروثات الاجتماعية التي يعود تأريخ ممارستها في دولة الإمارات إلى عقود قديمة مضت، لتكون إحدى أهم الأنشطة التي يترقب انتظارها أسبوعياً عدد غير قليل من الأشخاص كباراً وصغاراً، نساءً ورجالاً، وهم يشاهدون منافسة تبدو مألوفة بالنسبة لهم لكنها غريبة بالنسبة لأشخاص كثيرين.

مصارعة الثيران في الفجيرة.. حدث أسبوعي

ما إن انقضت صلاة العصر حتى بدأت الشاحنات التي تنقل الثيران بالتجمع في بقعة على أطراف المنطقة التي يفد نحوها السكان من كل حدبٍ وصوب سالكين طرقاً مختلفة منهم من يسير على قدميه ومنهم من جاء راكباً عجلته مترقبين الحدث الأسبوعي الذي حافظت عليه قريتهم وأصبحت معروفة به بالنسبة للمواطنين والوافدين من جميع إمارات الدولة والسياح القادمين من الخارج.

تخلو المنافسة من التحديات لكنها فرصة جيدة لتثمين قيمة الثيران للراغبين بالبيع أو الشراء

«النطاح» في الفجيرة .. تقاليد مشروطة بقوانين الحماية

قوانين واشتراطات في إدارة حلبة مصارعة الثيران

أوجدت الطفرة الاقتصادية ودخول مكائن الري الحديثة تغيراً كبيراً في استخدامات الكثير من الأشياء من حول أهل الإمارات، كشف عنها محمد راشد الصريدي، المسؤول على إدارة حلبة مصارعة الثيران، قائلاً «(النطاح) من الموروثات القديمة التي لم تجد الاهتمام الذي تشهده اليوم، بعد أن استخدم المزارعون سابقاً الثيران في استخراج المياه من جوف الأرض «اليازرة». كانت تقام فعالية «النطاح» مرتين في العام، بينما يقتصر استخدامها اليوم أي «الثيران» على مشاركتها في المصارعة».

وإن لم يتم إدراج مصارعة الثيران كنشاط رياضي معترف به إلا أنه يخضع لقوانين واشتراطات وضعها المنظمون لضمانة استمراره، يبين الصريدي «يبتعد (النطاح) عن كونه نشاطاً تنافسياً أو ربحياً، حيث تنظم الحلبة لجنة أتولى إدارتها بينما يشاركني عضو يعمل على سحب حبال يربط بها الثور من ساقيه ورقبته منعاً من إحداث الضرر بنفسه أو الآخرين ويعلق شخص ثالث على مجريات الأحداث داخل الحلبة، كما لم توضع شروط للمشاركة حيث يمكن مشاركة المواطن والوافد بثور أو بعدة ثيران على حدٍ سواء».

فرصة ثمينة لعملية بيع وشراء الثيران

لهذا النوع من النشاطات وجه آخر إلى جانب المتعة التي يحظى بها رواد هذه الحلبة، يكشف الصريدي «تخلو المنافسة من التحديات لكنها فرصة جيدة لتثمين قيمة الثيران للراغبين بالبيع أو الشراء، حيث يختص أشخاص معنيون بتربية الأبقار على إكثارها كونها تحتاج إلى رعاية واهتمام من نوع خاص».

«النطاح» في الفجيرة .. تقاليد مشروطة بقوانين الحماية

«النطاح» موروث شعبي في الفجيرة

يبين الأربعيني محمد حسن سعيد بن كميلة، تأريخ هذا الموروث «مارس هذا النشاط مواطنو دولة الإمارات قبل قيام الاتحاد وتجهد الأجيال الحالية في الحفاظ عليه ونقله لأبنائهم، فهو لا يختلف عن غيره من الرياضات كسباق الهجن، والخيول ورياضة كرة القدم»، ويكشف بن كميلة، الذي يسعى للحفاظ على هذا الموروث، فوائد هذه المنافسة وسلبياتها «أشارك في المنافسة كونها جزءاً من تراث الآباء والأجداد ولا أنكر رغبتي بالفوز كوني أملك ثمانية ثيران أعمل على تربيتها والتجارة بها، حيث يساعدني على الاعتناء بها أبنائي وإخوتي وأبناء عمومتي»، يكمل «من سلبيات المنافسة دخول أشخاص «هواة» غير مختصين وعدم وجود ميدان مناسب تتوفر فيه وسائل الأمان وتوفير الإضاءة التي تتيح إطالة وقت النشاط لفترة أطول وهذه من أكبر العقبات التي تواجهنا».

«النطاح» في الفجيرة .. تقاليد مشروطة بقوانين الحماية

أنواع وصفات الثيران

من واقع الخبرة المتراكمة التي امتلكها بن كميلة، يوضح أنواع الثيران ومصادرها وأسعارها وصفاتها «من المهم أن يمتلك الثور المصارع صفات تناسب طبيعة النشاط والبيئة التي يتواجد فيها وهو ما لم تمتلكه الثيران المحلية، بينما تكون الثيران الهولندية، والباكستانية، والهولندية الباكستانية، والجيرسي من أكثر الأنواع شهرةً في هذا المجال»، يضيف «الثيران التي تتوسط رأسها قرون حادة هي الأكثر طلباً، كما يكون عمر العامين أو ثلاثة أعوام أفضل فترة عمرية يمكن أن يشارك فيها الثور بالمنافسة، حيث تصل أسعار الثيران بعد تربيتها والاعتناء بها ما بين 100 إلى 200 ألف درهم».

«النطاح» في الفجيرة .. تقاليد مشروطة بقوانين الحماية

وسيلة للتسلية في الفجيرة

يشير الوالد محمد بن هاشل الكعبي إلى ارتباط هذا النشاط ببساطة الحياة قديماً «لم تكن هناك وسائل كثيرة للتسلية، يبدأ صباحنا منذ صلاة الفجر حيث يتوجه كل شخص منا بعد ذلك لعمله سواء في المزرعة أو رعاية الأغنام أو للبحر، ويخصص يومي الجمعة والسبت للراحة وترقب إقامة (النطاح) حيث يقبل أصحاب الحلال، الذين أورثوا هذه الموروث لأبنائهم الذين أكملوا المسير من بعدهم، من كل مكان على الفجيرة من مربح، ودبا وكلباء، كما كان يقام في عمان، وتحدد أسعار الثيران بحسب عدد جولات فوزها».

* تصوير: السيد رمضان

 

مقالات ذات صلة