على الضفة الشرقية للنيل بمدينة الأقصر، وعلى مقربة من معبد الأقصر، يقع "وينتر بالاس" أو قصر الشتاء الأيقوني، والذي يعود تاريخ إنشائه إلى عام 1866 في عهد الاحتلال الإنجليزي لمصر. قامت ببناء القصر شركة "فنادق مصر العليا"، التي أسسها عام 1905 رجل الأعمال السويسري "تشارلز بِهلر" بالتعاون مع كل من "جورج نانغوفيتش" ورائد السياحة الإنجليزي الشهير "توماس كوك".
كان توماس كوك صاحب فكرة بناء القصر الشتوي
كان رائد الأعمال والمستشرق الإنجليزي "توماس كوك"، الذي أسس أول علامة تجارية في تاريخ السياحة، مولعاً بالحضارة المصرية، وكان هو من اقترح على الأسرة المالكة فكرة أن يكون لها قصراً شتوياً خاصاً يًمكن لأفرادها قضاء بعض الوقت فيه بمدينة الأقصر حين يكون الجو رائعاً صحواً بصعيد مصر، وذلك على غرار قصر المنتزه بالإسكندرية الذي كانت تقضي فيه الأسرة المالكة فصل الصيف.
تم افتتاح القصر عام 1907
قام المهندس الإنجليزي "جي كروز" بتصميم القصر على الطراز الفيكتوري الكلاسيكي الفخم على مساحة شاسعة من الأرض تبعد 100 متر تقريباً من معبد الأقصر. تم افتتاح القصر الشتوي رسمياً عام 1907، وأقامت الأسرة المالكة حفل افتتاح ضخم دعت إليه عدد كبير من الملوك والأمراء من جميع أنحاء العالم.
تاريخ مليء بالأحداث والشخصيات الهامة
على مدار تاريخه الطويل الذي امتد لأكثر من قرنٍ من الزمان، كان القصر الشتوي "وينتر بالاس" – والذي تحول إلى فندق فخم فيما بعد - شاهداً على عدد لا يحصى من الأحداث التاريخية الهامة؛ فعلى درجات سلمه الأيقوني، وقف المستكشف وعالم الآثار الإنجليزي، هوارد كارتر، مُعلناً للعالم اكتشاف أعظم مقبرة فرعونية عرفها العالم حتى الآن، وهي مقبرة الملك الذهبي توت عنخ آمون عام 1922.
شهد القصر بداية انهيار زواج الملك فاروق
كان القصر في البداية يتكون من 86 غرفة و6 أجنحة شديدة الفخامة، وكان يتميز بدرجه الداخلي الكبير وأسقفه المرتفعة، هذا إلى جانب احتوائه على العديد من غرف الجلوس الأنيقة والمفروشة بأثاث ملكي وثير، ومكتبة مذهلة تحتوي على مجموعة كبيرة من الكتب النادرة، وقاعة طعام فاخرة تليق بالملوك. ويضم القصر جناحاً خاصاً بالملك فاروق والملكة فريدة، ولا يزال الجناح يحمل اسمه حتى الآن، ويُروى أن قاعة الطعام الملكية بهذا القصر شهدت الكثير من التوتر والمناقشات الحادة بين الملك والملكة قبيل انفصالهما في نهاية الأمر.
استضاف الملوك والمشاهير على مر السنين
أقام بالقصر العديد من الملوك والشخصيات الشهيرة، مثل الإمبراطورة أوجيني، إمبراطورة فرنسا التي دعاها الخديوي إسماعيل للإقامة بالقصر أثناء احتفالات افتتاح قناة السويس. كما أقام به بعد أن تحول إلى فندق، اللورد كارنرفون، ممول بعثة كارتر في الأقصر، والذي كان من المقيمين الدائمين فيه ما بين عامي 1914 - 1922. وكان من أهم نزلاء القصر في آونة مختلفة، هو الملك فؤاد الأول ملك مصر، ورئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل، والملك ألبرت الأول ملك بلجيكا، والروائية الإنجليزية الشهيرة أجاثا كريستي، وغيرهم من الشخصيات الشهيرة.
تحوُّل القصر إلى فندق ومنتجع فخم
بعد أن تحول القصر إلى فندق تديره إحدى شركات الفندقة العالمية، تم إضافة عدد كبير من الغرف الجديدة في عام 1996، ليصل عدد الغرف الفندقية به إلى 255 غرفة و6 أجنحة فاخرة. ويعتبر وينتر بالاس حالياً أحد أفخم فنادق الأقصر التراثية ذات الخمس نجوم، وقد انضم الفندق كعضو في Historic Hotels Worldwide للفنادق التاريخية المرموقة منذ عام 1914، والتي تضم 360 فندقاً فقط من أرقى فنادق العالم.
