يتميّز الأطفال بالعفوية، والتلقائية، وردود أفعالهم الطريفة، هذه العفوية يستغلها أحياناً بعض صنّاع المحتوى لجذب المزيد من المشاهدات في حساباتهم في منصات التواصل الاجتماعي، وقد يحوّل بعض الآباء أبناءهم إلى أدوات لتحقيق الشهرة والأرباح المادية..
فبات من الشائع رؤية أطفال صغار يشاركون في تحدّيات ومقاطع فيديو، فيتعرّضون ربما للنقد، والسخرية، والتنمّر، الأمر الذي يؤدي إلى اضطرابات نفسية لدى الطفل، بل ويحرمه طفولته الطبيعية، ويجعله يشعر بالضغط، والمسؤولية.
استغلال الطفل اقتصادياً
من الأمور التي ينبغي الانتباه إليها والتعرف على مدى خطورتها هي تعرّض بعض الأطفال للأذى النفسي، والبدني، بسبب استغلال مواهبهم واستعراضها أمام الجمهور، إذ تأتي مسألة استعراض المواهب من أبرز العوامل التي تستدعي ظهور الأطفال بمفردهم، أو مع ذويهم في البرامج التلفزيونية، ومنصّات الـ«سوشيال ميديا»..
الأمر الذي يضعهم في مقارنة مع المنافسين لهم، قد لا يكونون على استعداد لها في هذه السّن المبكرة، ويعتبر تهديداً حقيقياً لسلامتهم النفسية والاجتماعية، بسبب التعرّض المستمر للكاميرا، والتعليقات الإيجابية، أو السلبية.
موزة الشومي
قانون حماية الطفل من الاستغلال
ومن أجل توعية أولياء الأمور، وصنّاع المحتوى، والقائمين على برامج الأطفال، ببعض النصوص القانونية التي تحمي الطفل من الاستغلال الاقتصادي له، حاورت «كل الأسرة»، موزة الشومي، نائب رئيس جمعية الإمارات لحماية الطفل، التي لفتت في بداية حديثها إلى أن «قانون وديمة» شمل حماية الأطفال من الاستغلال الاقتصادي..
وقالت «موضوع الاستغلال الاقتصادي واسع، وشامل، لكنه يشمل العديد من المواد التي تحمي حقوق الطفل، خصوصاً عند توقيع الأهل عقوداً مكتوبة من أجل مشاركة أبنائهم في البرامج، أو المنافسات التي تستعرض مواهبهم، وهو أمر مسموح به، ولكن بشرط أن يتم من دون تعريض الطفل لأيّ إساءة..
كما يجب عليهم توعية الطفل وإرشاده قبل المشاركة في مثل هذه البرامج، فقانون وديمة جاء واضحاً، حيث يفرض العقوبة على أيّ شخص مسؤول عن تعرّض الطفل لأيّ إساءة».
نصّ القانون
ففي المادة (34 ) من القانون، يحظر تعريض سلامة الطفل العقلية، أو النفسية، أو البدنية، أو الأخلاقية، للخطر، سواء بتخلّي القائم على رعايته عنه، أو تركه في مكان أو مؤسسة رعاية من دون موجب، أو رفض قبول الطفل من القائم على رعايته، أو الامتناع عن مداواته، والقيام على شؤونه.
وتنصّ المادة (35) كذلك على أنه يحظر على القائم على رعاية الطفل تعريضه للنبذ، أو التشرّد، أو الإهمال، أو اعتياد تركه من دون رقابة، أو متابعة، أو التخلّي عن إرشاده، أو توجيهه، أو عدم القيام بشؤونه، أو عدم إلحاقه بالمؤسسات التعليمية.
فالمنافسات التي يشارك فيها الطفل ستؤثر في مسيرته التعليمية، وهذا يعرّض أولياء الأمور للمساءلة كذلك.
وفي المادة (36) مع مراعاة ما ورد في البند (2) من المادة (2) من هذا القانون، يحظر تعريض الطفل للتعذيب، أو الاعتداء على سلامته البدنية، أو إتيان أيّ عمل ينطوي على القسوة، من شأنه التأثير في توازن الطفل العاطفي، أو النفسي، أو العقلي، أو الأخلاقي.
المادة (37)
يُحظر القيام بأيّ من الأفعال الآتية:
- استخدام طفل، أو استغلاله في تصوير، أو تسجيل، أو إنتاج مواد إباحية.
- إنتاج، أو نشر، أو توزيع، أو تسهيل وصول الأطفال إلى مواد إباحية بأيّ وسيلة.
- حيازة مواد «إباحية الأطفال» بغضّ النظر عن نية التوزيع.
- تنزيل، أو تحميل، أو إرسال، مواد إباحية الأطفال عن طريق شبكة المعلومات الإلكترونية أو عبر أية وسيلة أخرى من وسائل الاتصال أو تقنية المعلومات.
- مساهمة القائم على رعاية الطفل في مشاركة الطفل في إنتاج أو تصوير مواد «إباحية الأطفال»، أو أية أعمال جنسية أخرى، أو السماح له بذلك، أو مساعدته على أيّ من هذه الأفعال.
- استغلال الطفل استغلالاً جنسياً بتعريضه، أو تهيئته لأعمال الدّعارة، أو الفجور، سواء بمقابل، أو من دون مقابل، وبطريقة مباشرة، أو غير مباشرة.
عقوبات
يعاقب بالحبس أو الغرامة التي لا تقل عن (5000) خمسة آلاف درهم، كلّ من خالف حكماً من أحكام البند (2) من المادة (11)، أو المواد (28)، أو (34)، المادة (35)، أو البند (2) من المادة (42) من هذا القانون.
توعية
وأضافت الشومي، «دورنا كجمعية التوعية بعدم استغلال الأطفال أثناء مشاركتهم في منافسات غير رسمية، وليست خاضعة للإشراف الحكومي، ونعلّمهم توابع الأمر السلبية، إذا لم يكونوا على دراية كاملة بقدرة أطفالهم على خوض مثل هذه البرامج والمنافسات، من الناحيتين، الصحية والنفسية.
من جهتي، أتمنّى ألا يتدخل المشاهير، أو الأشخاص غير المخولين، أو غير المختصين بشؤون الطفل، برأيهم في القضايا أو الأحداث التي تنتشر بخصوص أحد الأطفال الذين يتعرضون لأي إساءة أو استغلال..
فتناول البعض غير المسؤول قد يزيد من حجم المشكلة، وقد يوصف بالاستغلال لحياة هؤلاء الأطفال من قِبل صنّاع المحتوى، أو لتحقيق بعض الشهرة».
ملاك جعفر
رصد أيّ نشاط قد يشير إلى استخدام غير مناسب
من جهتها، صرّحت ملاك جعفر، مديرة التواصل والشراكات في منطقة الشرق الأوسط في «تيك توك»، «لكل الأسرة» بأن الحد الأدنى لسن المستخدمين لإنشاء حساب هو 13 عاماً، وأضافت «ندرك أن مرحلة المراهقة هي فترة حاسمة في حياة الشباب، حيث يستكشفون هويتهم، ويشكّلون فهمهم للعالم.
لذلك قمنا بتأسيس مجلس الشباب العالمي للإصغاء إلى تجربة المراهقين، لبناء منصة آمنة للمراهقين، وعائلاتهم. ويساعدنا ذلك على تجنب تصميم حلول أمان قد تكون غير فعّالة، أو غير مناسبة للمجتمع، ونعمل بجد لضمان سلامة منصّتنا..
حيث نقوم بتدريب فريق الإشراف لدينا لرصد أي نشاط قد يشير إلى استخدام غير مناسب من قبل الذين دون هذا العمر، وسجلوا عن طريق الخطأ على المنصة.
نحن ملتزمون بتوفير تجربة آمنة ومناسبة للمراهقين بين 13 و17 عاماً، من خلال تقييد الوصول إلى ميزات معيّنة، مثل المراسلة المباشرة، والبث المباشر، وتعيين حسابات المستخدمين بين 13 و15 عاماً على وضع خاص. قمنا أيضاً بتحديد وقت الشاشة اليومي لكل مراهق بـ 60 دقيقة افتراضياً.
وبجانب إرشادات المجتمع، نوفر عناصر تحكّم في الخصوصية، مثل تحديد حسابات خاصة يمكن للمتابعين فقط رؤية محتواهم، والتحكم في التعليقات، كما نوفّر ضوابط للمراسلة، وإدارة وقت الشاشة لتحقيق التوازن في الوقت الذي يقضيه المستخدم على المنصة.
كما نعمل على تقييد المحتوى ليتناسب مع تفضيلات المستخدم، وندعم المجتمع من خلال تحديد من يمكنه إنشاء ثنائيات مع المحتوى، أو التفاعل معه. كما نقدم أدوات مثل ربط الحسابات للعائلة، ما يتيح للآباء والأوصياء تخصيص إعدادات الأمان لتناسب احتياجات أبنائهم».