26 نوفمبر 2024

10 علامات تدل على النجاح في تربية الأبناء

محررة متعاونة

مجلة كل الأسرة

النجاح والفشل كلاهما يحتاج إلى وقت، وكلاهما يحتاج إلى عادات مستمرة، فالنجاح والفشل لا يقتصران على العمل فقط، بل أيضا النجاح في حياتك الشخصية، النجاح في علاقتك مع شريك حياتك في تربية الأبناء.

في هذا التحقيق تحاول «كل الأسرة» رصد أبرز علامات النجاح في تربية الأبناء، وأهم الأخطاء التي يقع فيها المربون، وأهم الطرق الحديثة والشائعة في تربية الأطفال. تابع القراءة حتى تتمكن من فهم كل طريقة، واختيار ما يناسب شخصية طفلك، ونفسيته، أو التوقف عنها إذا كانت مضرة به.

مجلة كل الأسرة

طبيعة الطفل وطريقة تربيته

على مدار عقود من الزمان، قام علماء النفس وأطباء الأطفال بالعمل على تأليف كتب تقدم الطرق الحديثة في تربية الأطفال، من أجل مساعدة الأبوين على فهم سلوك أطفالهما، وفهم طريقة التعامل معهم بشكل صحيح. فالكثير من الآباء والأمهات الجدد، هم بحاجة إلى من يساعدهم على تربية أطفالهم، ولكن كل طفل يختلف عن الآخر في البيئة، والنفسية، والسلوك، ومن هنا تختلف طرق تربية الأطفال.

النموذج المثالي هو أن يعمل الوالدان على فهم طبيعة طفلهما، قبل اختيار ما يناسبه من طرق التربية المختلفة، ولكن للأسف ما يحدث أن البعض منا يتصور أنه يسير في الطريق الصحيح في تربية أولاده، وأنه نجح في تربيتهم بالشكل الصحيح، وأنه يقوم بواجبه كاملا، وهو في الحقيقة أبعد ما يكون عن النجاح في هذه المهمة الشاقة، وقد يكتشف فشله في أي لحظة خلال مشوار التربية، وقد لا يكتشفه حتى بعد نهاية المطاف، وفي النهاية، نجد أنفسنا أمام جيل معبأ بالكثير من المشكلات النفسية.

مجلة كل الأسرة

ركائز ومقوّمات تضمن تربية إيجابية للطفل

بداية، تؤكد الدكتورة سهام حسن، استشارية نفسية الطفل وخبيرة تعديل السلوك وتأهيل الأطفال في القاهرة، أنه لا أحد ينكر أن كل الآباء والأمهات يطمحون إلى الأفضل لأبنائهما، وأحيانا نعتقد أننا نقدم الأكثر مثالية لدعم وحماية أطفالنا، إلا أننا نفاجأ بأن سلوكنا، وخوفنا الزائد، قد يؤديان إلى ضرر نفسي واجتماعي، على غير ما هو متوقع.

وتحدد د. سهام حسن أهم ركائز النجاح في تربية الأبناء وفقا للأسس التربوية الحديثة في نقاط عدة:

الكلام الإيجابي: إحدى أقوى الأدوات في بناء شخصية الطفل، وتعزيز ثقته بالنفس، ومن خلاله يمكن للوالدين أن يُسهما في تنمية قدرات الطفل، وتعزيز تفاؤله، وإيمانه بقدرته على تحقيق النجاح. فعندما يستخدم الوالدان كلمات تشجيعية إيجابية، مثل «أنت قادر»، «أنا أثق بك»، «أنت مميز»، يشعر الطفل بالثقة بنفسه، وبقدراته، ويصبح أكثر استعدادا لمواجهة التحديات، والمضي نحو أهدافه. كما يشعر الطفل بأنه مدعوم، ومسموع، ما يجعله يفتح قلبه وعقله، لتلقي الإرشاد، والتوجيه.
الحب والاحترام: دائما عبر لطفلك عن حبك واحترامك له. هذا يجعله يشعر بالأمان، والارتباط بك. ضرورة تكوين علاقات ودودة وطيبة بالأبناء في كل المراحل، فالصداقة في فترة المراهقة المبكرة تمكننا من حماية أولادنا من كل المخاطر التي تحيط بهم، فلماذا لا يذهب الأب، أو الأم، مع الابن، أو الابنة، المراهق إلى النادي لمشاهدته، وهو يلعب مباراة رياضية، أو يشترك معه في لعبة، أو يشاهد معه برنامجا يحب مشاهدته في التلفزيون، بهدف توطيد العلاقة التي يربطها الحب والمودة؟
لنموذج الجيد: الأطفال يتعلمون بالتقليد. لذلك تأكدوا من أنكم تقدمون لهم نموذجا جيدا للسلوك الذي ترغبون في رؤيته.
التربية بالحوار: حتى يتعلم الطفل التعبير عن مشاعره وأفكاره وآلامه بالكلام. فالأطفال في أمس الحاجة إلى إشباع احتياجاتهم للأمن، من خلال الاستقرار الأسري، وحل الخلافات الزوجية بعيدا عن أعين الأبناء، كما أنهم يحتاجون إلى إشباع الحاجة للحب، فالحب هو أكثر ما يحتاج إليه الطفل، فهو ماؤه، وغذاؤه، ودواؤه، وشفاؤه من كل المشكلات النفسية، كما أن الطفل يحتاج إلى الشعور بالتقبل، والتقدير، والاهتمام، بخاصة من الأبوين.
الحرية الشخصية: الطفل يحتاج في كل مراحل عمره إلى مقدار مختلف من الحرية، بخاصة في فترة الشباب، لأنه يحتاج إلى التعبير عن أفكار، ومشاعره، ورغباته، من دون أن يفكر ألف مرة في الإعلان عنها. أما الطفل، فهو يحتاج منذ نعومة أظفاره إلى الحرية في اختيار لعبه، وملابسهن وأصدقائه، على أن نقف دائما في دور المراقب الذي يتدخل، إذا لزم الأمر.
مشاركة الزوجين: من أهم ركائز النجاح في تربية الأبناء، ألا يعتقد الرجل بأن مهمة التربية مقصورة على المرأة في كل مراحلها، فينطبع في ذهنه أن دورها كاف، وأن مسؤوليته تنتهي عند إحضار الطعا،م وما يلزم من ماديات!! صحيح أن لكل منهما أدوارا يختص بها، لكن مسؤولية التربية في شقها المتعلق بتنمية وتزكية أخلاق، وفكر، وسلوك الطفل، لن تنجح إلا إذا اشترك الأب والأم فيه. تربية الأبناء هي مسؤولية مشتركة بين الطرفين، والأبناء في سن معينة بحاجة إلى وجود الأب ومتابعته، والقيام بواجباته، من دون الاعتماد على المرأة فقط.

مجلة كل الأسرة

 علامات التربية الناجحة

ويتفق معها الدكتور باسم سليمان، استشاري الطب النفسي بكلية الطب جامعة الإسكندرية وعضو الجمعية المصرية للطب النفسي، في أهمية بناء علاقات نفسية قوية مع الأبناء، وحثهم على التحدث دائما عما يجيش في صدورهم، وما يطرأ عليهم من أحداث صغيرة، أو كبيرة، والاستعداد للإجابة عن تساؤلاتهم، من دون كلل أو ملل، وعدم تصيد أخطائهم، ويقول «نحن باختصار نحتاج أن نصاحب أولادنا، ونبني معهم علاقات قوية، وصداقة حقيقية خلال كل فترات حياتهم».

حرص الأهل الزائد على حل أيّ مشكلة يجعل الطفل يعيش داخل كبسولة مغلقة

ويحذر د. باسم سليمان الأهل، بخاصة الأم، من الهوس، والحرص الزائد على أداء أبنائهم للواجب المدرسي بإتقان، والحرص على الدرجات النهائية، وكذلك بذل أقصى الجهود لحل أي مشكلة تواجه الطفل، بحيث تضمن أنه لن يتعرض لأي خبرة سيئة، مهما كانت، ويضيف «للأسف نحن ننتج بهذا السلوك إنسانا غير قادر على تحمل ضغوط الحياة، وانفعاليا، وعصبيا عندما يواجه أي مشكلة. فحرص الأهل الزائد على حل أي مشكلة يجعل الطفل يعيش داخل كبسولة مغلقة، والأهل يوفرون له الحماية الخارجية،وبالتالي يعيش بمعزل عن أقرانه الذين سيواجههم حتما في المستقبل».

ويحدد د. باسم سليمان أهم العلامات التي تشير إلى النجاح في تربية أبناء أسوياء:

1. الاستقلالية والقدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة: إذا كان لدى أبنائك القدرة على اتخاذ القرار الصحيح بشكل مستقل، من دون الحاجة للرجوع إليك لتتخذه بدلا منهم، فهذا دليل قوي على أنكم نجحتم في تربيتهم بالشكل السليم الذي يمكنهم من اتخاذ القرار المناسب.

2. احترام الآخرين وتقديم التقدير اللازم لهم:علامة أكيدة على أنك نجحت في تربية أولادك على الخلق القويم، وأنك غرست فيهم قيمة احترام الآخر.

3. إظهار الحب الكافي تجاه الوالدين، وأفراد الأسرة، ودعمهم بالشكل الكافي في كل الأوقات، بخاصة الأوقات الصعبة: أبرز دليل أنك نجحت في بناء أسرة ناجحة تقوم على على الحب، والرحمة، والتكاتف.

4. تقديم المساعدة لك، ولمن يحتاج إلى مساعدته، سواء من أفراد الأسرة، أو من المحيطين به: يدل على النجاح في تربية الأبناء على التعاون، ومد يد العون للجميع وقت الحاجة.

5. الاستجابة للنصائح والمرونة في تقبلها: تلفت إلى أنك نجحت في بناء علاقة وثيقة بهم، تجعلهم أكثر طاعة ومرونة في تقبل التوجيهات، والنصائح.

6. تحمل الظروف القاسية التي قد تمر بها الأسرة من دون ضجر أو سخط: بما في ذلك الظروف المادية والاجتماعية التي قد تحرمه من بعض طلباته، وأمانيه.

7. القدرة على التواصل مع الآخرين، وبناء حوار وعلاقات مختلفة معهم من دون الوقوع في مشاكل: تعني أنكم نجحتم في بناء شخصية جيدة للطفل تمكنه من ممارسة حياته الطبيعية مع الآخرين.

8. التحصيل الدراسي الجيد والنجاح في تحقيق أهدافه الدراسية: تعني أنه على الطريق الصحيح في مشواره، الدراسي والعلمي، ولكن هذا لا يعني بالتأكيد الحصول على الدرجات النهائية، فلكل طفل إمكاناته، وقدراته، ولكن نجاحه الدراسي بالمستوى المقبول، والذي يتناسب مع قدراته يكون كافيا جدا، في كثير من الأحوال.

9. الالتزام الأخلاقي والديني: يعتبر من أهم الدلائل والعلامات على أننا نجحنا في مشوار التربية، فلا نجاح في الحياة بلا دين، وأخلاق.

10. التخطيط الجيد للمستقبل والطموح: يعتبر أيضا من علامات النجاح في التربية، فمن المهم جدا أن يحلم الأبناء بمستقبلهم، ويخططوا منذ الصغر لتحقيق أحلامهم وطموحاتهم.

مجلة كل الأسرة

أخطاء تعرقل مشوار التربية السليمة

وأخيرا، تشير الدكتورة زينب مهدي، استشاري الطب النفسي ومدربة تعديل السلوك في القاهرة، إلى مجموعة من التحذيرات والأخطاء الشائعة التي يرتكبها الآباء والأمهات، والتي تعرقلهم عن النجاح في مشوار التربية، ومن أهمها:

العنف: لا يربي أبدا، بل يوسع الفجوة بينكم وبينهم، لذلك لا تجعلوا طريقة تربيتكم لأبنائكم هي الضرب، والشتم.
المشقة: لا تكلفوهم أكثر من طاقتهم في أن يكونوا مثاليين في تصرفاتهم، دعوهم يعيشوا فترة الطفولة بجمالها، وروعتها.
التعنت والاستبداد: يُنشئان أبناء انقياديين لكل من يملك سلطة، وصلاحيات، أو يكبرهم سنا، أو قوة، وهذا الانقياد يضعف الشخصية لدى الأبناء، ويجعلهم أسهل للانقياد، والطاعة العمياء، لاسيما عند الكبر مع رفقاء السوء.
اللوم: تجنبوا أن تكونوا في حياة أولادكم نموذجا للشخص اللوام كثير العتاب.
المقارنة: تجنبوا المقارنة مع الآخرين، لا تقارنوه بإخوانه الصغار، ولا تقارنوه بأولاد الجيران، أو أولاد فلان، فكل ولد متميز، ومختلف عن الآخر. المقارنة الوحيدة المسموحة هي بين القدرات وبين الأداء.
النقد: لا تكثروا الانتقاد لأبنائكم، وبناتكم، فإن النقد يقلل من الثقة بالنفس، ويجعل هذا الإنسان مهزوما، مهزوزا من الداخل.

اقرأ أيضا: أبناء اليوم يعذبون آباءهم بسبب «التربية الحديثة»