05 يناير 2025

الأسرة في الإمارات.. رؤية شاملة ومبادرات استراتيجية لتعزيز استقرارها

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

كيف تسهم استراتيجيات الإمارات التنموية في تمكين الأسرة واستقرارها، وكيف تنعكس المبادرات الوطنية على جودة حياة الأسرة، وأفرادها؟
هذه الأسئلة تواكب المبادرات الاستراتيجية التي تتبناها دولة الإمارات لتعزيز استقرار الأسرة، وتمكينها من التكيّف.

وأبرز هذه المبادرات «برنامج نمو الأسرة الإماراتية» لتعزيز رفاه الأسرة، وجودة حياة الأفراد، وليس آخرها إنشاء «وزارة الأسرة»، حيث أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أن «الأسرة هي النواة الصلبة التي يلتف حولها المجتمع.. وهي الضامن لاستمرار تماسكه وقوّة أفراده.. والجميع، من آباء وأمّهات ومؤسسات وطنية، معنيّ بدعم تكوين وتمكين الأسرة».

فما هي أهم المبادرات التي تواكب تحقيق رفاه الأسرة ومستقبلها المستدام؟

مجلة كل الأسرة

مبادرات تعزز استقرار الأسرة وتمكين المرأة

تؤكد عائشة القاسمي، رئيسة جمعية الاتحاد النسائية في الشارقة، أن دولة الإمارات العربية المتحدة تولي استقرار الأسرة ورفاهيتها أولوية قصوى، من خلال إطلاق العديد من المبادرات بالتعاون مع الجمعيات النسائية، بهدف تعزيز دور المرأة، وتمكينها من أداء دورها الأساسي في بناء مجتمع متوازن، ومستقر. وقالت القاسمي «إن الشراكة بين الدولة والجمعيات النسائية تجسد رؤية القيادة الرشيدة، التي تسعى إلى تحسين جودة حياة الأسر، ودعم المرأة، اقتصادياً واجتماعياً وصحياً، لتكون عنصراً فاعلاً في مسيرة التنمية».

1- تمكين المرأة اقتصادياً:

- تحرص نسائية الشارقة على برامج تدريبية لتمكين المرأة من دخول سوق العمل عبر الدورات التدريبية التأهيلية لمشاريع اقتصادية متنوّعة في مجال التفصيل، والخياطة، والفنون.

- افتتاح منصة رقمية إلكترونية لتشجيع وتسويق منتجات الأسر الصغيرة والمتوسطة التي تديرها النساء.

2- التوعية والتثقيف الأسري:

- تنظيم ملتقيات ومؤتمرات تناقش اهتمامات الأسرة.

- تنظيم دورات تدريبية لرفع مستوى المرأة والأسرة في جميع المجالات.

- تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية حول بناء العلاقات الأسرية السليمة والتفاهم بين الأزواج.

- حملات توعويّة حول تربية الأطفال وتعزيز القيم الإيجابية داخل الأسرة.

- إطلاق حملات توعويّة للتعريف بحقوق المرأة وتعزيز مفهوم احترامها.

3- الصحة الأسرية:

- توفير برامج صحية للنساء والأطفال، مثل حملات الكشف المبكر عن الأمراض بإشراف رابطة الأمراض الوراثية والصحة النفسية.

- تقديم خدمات استشارية مجانية للأمّهات بشأن الصحة الإنجابية والتغذية.

- إطلاق مبادرات لتعزيز الصحة النفسية للأسرة.

4- تعزيز التعليم والتطوير المهني: عن طريق مركز التدريب المهني بالجمعية وافتتاح مركز «العلم نور» التابع لدائرة الخدمات الاجتماعية لمحو الأمية بين النساء.

5- تعزيز دور المرأة في القيادة وصنع القرار: عبر تشجيعها على المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية، وفي الحملات الانتخابية التوعويّة.


سمية حارب السويدي
سمية حارب السويدي

الإمارات نموذج عالمي في رعاية الأسرة

من جهتها، تؤكد سمية حارب السويدي، عضو المجلس الوطني الاتحادي ورئيس مجلس أمناء مؤسسة الشيخ سعود بن صقر التعليمية الخيرية، أن دولة الإمارات العربية المتحدة قدمت نموذجاً متفرداً في دعم الأسرة، وتعزيز استقرارها الاجتماعي، والاقتصادي، مستندة إلى رؤية القيادة الحكيمة التي تعتبر الأسرة نواة المجتمع، وحصنه الحصين.

وتضيف «حرصت الدولة على إطلاق العديد من المبادرات والسياسات التي تضمن استقرار الأسرة، وتمكينها لتكون ركيزة أساسية في التنمية، وتأتي وزارة الأسرة في مقدمة هذه الجهود، حيث أُنشئت لتعزيز دور الأسرة في التنشئة السليمة، واقتراح وتنفيذ السياسات والتشريعات التي تدعم بناء أسر مستقرة، ومتماسكة، كما تعمل الوزارة على نشر القيم الإيجابية، وتعزيز الهوية الوطنية».

مجلة كل الأسرة

وتشير السويدي إلى أن «مؤسسة التنمية الأسرية تقدم باقة من البرامج التي تهدف إلى بناء مجتمع متلاحم ومتماسك»، متوقفة عند كون المبادرات الحكومية، مثل برنامج نمو الأسرة الإماراتية لعام 2024، تسهم بشكل مباشر في تحسين جودة حياة الأسرة، عبر تقديم مساعدات إيجارية للمتزوجين حديثاً، وسلفة زواج ميسّرة، ودعم إجازة الأمومة، إضافة إلى تخفيض القروض السكنية.

وفي إطار التوجه نحو التمكين الشامل، تقول السويدي «السياسة الوطنية للأسرة، والسياسة الوطنية لتمكين المرأة 2023-2031 تعكسان التزام الدولة بدعم المرأة والأسرة معاً، ما يضمن استدامة التماسك المجتمعي، وتعزيز الصحة النفسية للمرأة، كما تشمل دمجها في القطاعات المستقبلية مثل التكنولوجيا والطاقة وعلوم الفضاء، ما يجعلها عنصراً فاعلاً في تنمية الوطن»

وتخلص السويدي «جهود الإمارات لم تقتصر على الداخل، إذ حققت الدولة مراكز ريادية، عالمياً وعربياً، في مؤشرات رعاية الأسرة وتمكين المرأة، ما يعكس نجاح سياساتها المتكاملة».

عفراء الحاي
عفراء الحاي

تجسيد رؤية الدولة لتحقيق الاستقرار المستدام

كما توضح عفراء الحاي، مديرة إدارة الاستشارات والتدريب والرئيس التنفيذي لمبادرة «العرس الجماعي» في جمعية النهضة النسائية، بدبي، أن القيادة الرشيدة في دولة الإمارات لا تدخر جهداً في تعزيز استقرار الأسرة، وتمكينها، مشيرة إلى أن رفاه الإنسان وتوفير سبل العيش الكريم هما أولوية قصوى في سياسات الدولة.

وتعتبر الحاي أن عام 2024 يُعد نقطة تحوّل مهمة في دعم الأسرة الإماراتية، واصفة إياه بـ«عام البوابات الذهبية» في مجال الزواج والاستقرار، في ظل المبادرات الوطنية التي استهدفت تشجيع الشباب على الزواج، وتيسير تكوين أسر مستقرة، منها برنامج «أعراس دبي»، وبرنامج «وديم»، في أبوظبي، و«أعراس النساء» من مؤسسة الشيخ خليفة الإنسانية، إضافة إلى المبادرة- الأم للأعراس الجماعية «زفة حراير».

وتؤكد الحاي أن هذه المبادرات المجانية خففت الأعباء المالية عن الشباب، وأسهمت في تعزيز الترابط الأسري، والاجتماعي، متوقفة عند إطلاق وزارة الأسرة، ما يجسد رؤية الدولة نحو استقرار مستدام، ويتوّج كل تلك الجهود في سياق واضح، ورؤية استشرافية.

وتبيّن «نجاح المبادرات الجماعية للزواج، رغم التحديات الاجتماعية التي واجهتها في البداية، يثبت جدواها»، وتخلص «في مجتمع الرفاه الإماراتي، كان تقبّل فكرة الأعراس الجماعية تحدّياً، لكن النتائج على مدى السنوات الماضية أكدت دورها في تحقيق استقرار الأسرة، والمجتمع، بفضل رؤية القيادة التي جعلت الأسرة ركيزة أساسية للتنمية المستدامة».

ميثاء الشامسي
ميثاء الشامسي

الاستراتيجية التنموية لدولة الإمارات نهج متكامل لدعم الأسرة

تتوقف ميثاء الشامسي، المدير التنفيذي لقطاع التمكين الاجتماعي في هيئة تنمية المجتمع -دبي،عند الاستراتيجية التنموية لدولة الإمارات «التي ترتكز بشكل محوري على تمكين الأسرة، وتعزيز استقرارها، عبر تطوير بيئة داعمة وممكنة، تتيح لكل فرد من أفراد الأسرة فرصاً أكبر للتطور والمساهمة الإيجابية في المجتمع، فضلاً عن ترسيخ القيم الأسرية الأصيلة، والعادات، والتقاليد».
وتتبنّى هذه الاستراتيجيات سياسات وبرامج تعزز من دور الأسرة باعتبارها الوحدة الأساسية للمجتمع، مع وضع مؤشرات وأهداف واضحة لتمكين أفراد الأسرة في بناء مستقبل مستدام.

وتلفت الشامسي إلى أن «هذه المبادرات والبرامج الاجتماعية تجسد انعكاساً مباشراً على جودة حياة الأسرة، من خلال تقديم خدمات متكاملة تشمل التعليم، والصحة، والإسكان، والتوظيف، إضافة إلى المبادرات التي تدعم الاستقرار المالي والاجتماعي. وكذلك نشر ثقافة الوعي المجتمعي وتعزيز العلاقات الإيجابية داخل الأسرة، بما يحقق التوازن بين الحياة المهنية والشخصية للأفراد».
ويبدو ذلك جلياً من خلال مبادرات شاملة، تتوقف عندها الشامسي، منها «برنامج جودة الحياة، والأجندة الوطنية لرؤية الإمارات 2031، التي ترتكز على بناء أجيال واعية وقادرة على مواجهة تحديات المستقبل. كما ترتبط هذه الجهود ارتباطاً وثيقاً بالتنمية المستدامة، عبر دعم الأسر في تبنّي أنماط حياة تضمن استمرارية الموارد للأجيال القادمة، ومشاركة المجتمع في تحقيق الأهداف التنموية الكبرى للدولة».

هنادي صالح اليافعي
هنادي صالح اليافعي

«سلامة الطفل» نموذج ريادي يدعم حماية الأسرة

تُعد إدارة «سلامة الطفل»، التابعة للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة، نموذجاً ريادياً في تعزيز الاستقرار الأسري عبر نهج استراتيجي يدمج بين حماية الأطفال، ودعم الأسرة كمحور رئيسي للمجتمع.

توضح هنادي اليافعي، مدير عام إدارة «سلامة الطفل»، منحى الجهود ودورها في الاستقرار الأسري «ركزت الإدارة، منذ تأسيسها، على تطوير وتنفيذ مبادرات نوعية تهدف إلى رفع الوعي المجتمعي، وتعزيز ممارسات الأمان للأطفال وأسرهم، ومن أبرزها تنفيذ تجربة اجتماعية مبتكرة هدفت إلى توعية الأطفال بمخاطر التعامل مع الغرباء، من خلال محاكاة مواقف حياتية واقعية. ولم تقتصر التجربة على الأطفال فقط، بل تضمنت توجيه أولياء الأمور نحو أهمية الحوار المفتوح، وتزويدهم بأدوات عملية لحماية أبنائهم».

كما وسعت الإدارة نطاق مبادراتها لتشمل موضوعات متنوعة، مثل الأمن الإلكتروني، السلامة في الحافلات والمركبات، والإسعافات الأولية، مستهدفة بذلك الأطفال، أولياء الأمور، والعاملين في المنازل، وتشرح اليافعي «بين عامي 2021 و2024، نظمت الإدارة أكثر من 300 ورشة عمل، استفاد منها أكثر من 36 ألف شخص، تناولت موضوعات حيوية، مثل التنمر الإلكتروني، وحقوق الطفل، وكيفية التعامل مع حالات الطوارئ بالتعاون مع مؤسسات مختصة. ولتعزيز برامجها، اعتمدت الإدارة على دراسات ميدانية شملت آلاف الأسر، ركزت على موضوعات مثل السلامة المنزلية، ومراقبة استخدام التكنولوجيا، ولعبت الشراكات المؤسسية التي بنتها الإدارة دوراً محورياً في تقديم حلول متكاملة للتحديات المرتبطة بسلامة الأطفال، ما يرسخ مكانتها كجزء لا يتجزأ من منظومة تحقيق الاستقرار الأسري والاجتماعي في دولة الإمارات».

مجلة كل الأسرة

برامج مبتكرة ترسخ قيم الاستقرار الأسري

تواصل دولة الإمارات مسيرتها الريادية في دعم الأسرة، انطلاقاً من إيمانها الراسخ بدورها المحوري كحاضنة آمنة لمستقبل الأبناء.

وفي هذا السياق تؤكد موزة الكتبي، مديرة مركز «مودة» الأسري التابع لجمعية أم المؤمنين، بعجمان، أن الاستراتيجيات الوطنية تسير جنباً إلى جنب مع برامج مبتكرة تدعم الأسرة، وتضمن استمرار دورها الحيوي في بناء المجتمع، وأبرزها برنامج «فرحة عمر»، الذي يستهدف المقبلين على الزواج، مقدماً لهم إرشادات شاملة لبدء حياة زوجية مستقرة، لتقليل نسب الطلاق، وتحقيق أسر سعيدة.

ويهدف برنامج «أساسيات الحياة الأسرية» إلى ترسيخ قيم الاستقرار الأسري لدى الأفراد، بينما يساعد برنامج «سنة أولى أمومة» الأمّهات الجدد على التثقيف، والتهيئة النفسية والجسدية لاستقبال مولودهن، مع التركيز على دورهن في تنشئة أطفالهن وفق رؤية تربوية مشتركة مع الشريك.

وفي إطار دعم الأسر بعد الانفصال، تلفت الكتبي إلى برنامج «توجيه ما بعد الطلاق» الذي يقدم استشارات متخصصة لتخفيف الأثر النفسي عن الأزواج والأبناء، واستمرار العلاقات الأسرية الصحية.

كما يُولي برنامج «لنراك في القمة» اهتماماً كبيراً بالشباب، ليكونوا عناصر إيجابية في المجتمع.وتعزز الجمعية مبادراتها بجلسات حوارية، وخدمات استشارات أسرية لمعالجة المشكلات بفعالية وتطوير مهارات التواصل وحل النزاعات، وإرساء العلاقات الإيجابية بين أفراد الأسرة، وتحسين صحتها النفسية.