03 فبراير 2025

طفلك العنيد.. مبدع في المستقبل إذا أحسنت التعامل معه

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

عندما يرتبط الحديث بطفل عنيد، يتبادر إلى الذهن أنه كائن يصعب التعامل معه، وترويضه، للتخلّص من صلابة رأسه، وإصراره على رأيه، إلا أن هناك من لا ينظر إلى نصف الكوب المملوء، الذي يحمل خصائص يتصف بها الطفل العنيد، مثل الإرادة القوية، والتمسك بالرأي، ورفض الانصياع، ما يستلزم مناقشة الموضوع مع المختصين لمعرفة مدى جدوى تلك السمات على أرض الواقع.

مجلة كل الأسرة

 تحدثنا الدكتورة زينب عبد العال، أستاذ علم النفس بجامعة أبوظبي، ومدربة ومستشارة معتمدة في مجال الإرشاد النفسي والأسري، قائلة «العناد يعني إصرار الطفل على رأيه، مهما حاول الأبوان إقناعه، سواء بالرضا أو بالإكراه، بالعدول عنه، وهو أحد اضطرابات السلوك عند الأطفال، وقد يظهر بسبب إما قصور في اللغة، وعدم قدرة الطفل على التواصل مع الآخرين، فيأخذ من العناد، والصراخ، والعصبية الشديدة، بخاصة في السنوات الأولى من عمره، وسيلة للتعبير عنه ذاته، وإما حباً بالاستقلالية، وعدم تقليد الآخرين، وإما كوسيلة للفت الانتباه إليه».

ثمة خصائص يتصف بها الطفل العنيد، تشير إليها د. زينب «يتصف الطفل العنيد بالإرادة القوية، والتمسك بالرأي، ورفض الانصياع، وإذا تم التعامل معه بطريقة خاطئة، سواء بالضرب أو الصراخ، تظهر مشاكل أخرى بجانب العناد، مثل العصبية، والعدوانية، إلا أن هناك من لا يدرك حقيقة مهمة، وهي أن الأطفال الذين يمثلون مشكلة اليوم قد يصبحون أفراداً متميزين في مجتمعنا غداً، إذ أُحسن التعامل معهم، والدليل أننا لو درسنا طفولة المبدعين سنجد فيهم صفات صعبة كثيرة».

مجلة كل الأسرة

تأثير الطفل العنيد في الحالة النفسية والمزاجية للأم

توضح أستاذة علم النفس تأثير الطفل العنيد في أقرب الناس إليه «الأم»، وهي الشخص الأول الذي يهتم ويعتني بالطفل، وهي التي تحاول أن تساعده...

ولكن ليست كل الأمهات لديهنّ الصبر، وبالتالي، فإن معظم ردود الأفعال الشائعة لهن، هي:

  • الانزعاج: عندما لا تفهم الأم ماذا يفعل طفلها فإن استجابتها تتغيّر دائماً مع سلوكه، وهذه التغييرات قد تسبب إزعاجاً للوالدين.
  • التعب: تواجه الأم تعباً مستمراً مع هؤلاء الأطفال الذين يحتاجون إلي التوجيه، والاهتمام الشديد، وكل ذلك يتطلب جهداً فائقاً فتصبح متعبة، ومرهقة، وبالتالي يقل اهتمامها برعاية باقي أفراد أسرتها.
  • الغضب: معظم الأمهات لا يتفاهمن مع طفلهن ذي الطابع العنيد، فتظل الأم غاضبة طوال الوقت، ما ينعكس على صحتها، ونفسيتها.
  • عدم الكفاءة: تشعر الأم بعدم الكفاءة والعجز عندما لا تستطيع التحكم في طفلها، وتبدأ بمقارنة نفسها بالأخريات، أو تقارن نفسها بأمّها، وتجد أنها في وضع أصعب منهن، وبالتالي تشعر بالعجز، وعدم الكفاءة.
  • الإحساس بالذنب: تشعر به نتيجة اللوم من قبل الأطباء المتخصصين لحالة طفلها، أو لوم الأقارب، سواء من عائلتها، أو أهل زوجها.
  • الحرج: وهو شعور ملازم لها، بخاصة في الأماكن العامة، ومشاهدة الآخرين لطفلها وسلوكاته السيئة ،مع عدم قدرتها على التحكم فيه.
  • الاكتئاب: نتيجة فقدانها النوم، وفقدان الشهية، وقلة في التركيز، وانخفاض مستوى النشاط، أو الشعور بالتعب، والنظرة المتشائمة دوماً للمستقبل.
  • العزلة: تشعر الأم بالوحدة لأنها تحرص على العزلة حتى لا يضايق ابنها صديقاتها، أو أقاربها، وحتى لا تلاقي اللوم منهم.
  • الإحساس بكونها ضحية: القهر شعور مصاحب للأم، يدفعها إلى الإحساس بأنها ضحية، وتظل تتساءل، لماذا يفعل طفلي ذلك؟ ولماذا لا يسمع كلامي؟ وهل يفعل ذلك متعمداً، أم أنه يريد إثارة انفعالي؟
  • فقدان الشعور بالرضا: ويكون ذلك نتيجة ما وصل إليه حالها، وعدم رضاها عن النتائج، رغم كل ما تقدمه لطفلها من اهتمام، ورعاية.
مجلة كل الأسرة

الأسس العلمية السليمة لتنشئة طفل عنيد

«غالباً ما يشعر الأهل بالحيرة والعجز، والإحساس بالغضب والاكتئاب، نتيجة عدم القدرة على التعامل مع طفلهم العنيد، ما يسبب في بعض الحالات مشاكل زوجية، الأمر الذي يستلزم تعلم الأبوين كيفية التعامل معه، ليصلا به إلى بَر الأمان في المستقبل، ويصبح طفلاً سوياً خالياً من الاضطرابات السلوكية، التي يمكن أن تؤثر في تحصيله الدراسي، وفي توافقه النفسي، وتعامله مع الآخرين، وحتى تستمر حياة الأسرة في جو مستقر بعيداً عن المشاكل والخلافات الزوجية، فمهما كان طفلك صعباً فهو إنسان لديه مشاعره وأفكاره، وحتى إذا كانت صعبة أو غريبة، فلابد من احترامها، وتفهم طبيعتها، وكيفية التعامل معها، أو تغييرها للأفضل، وبالمعرفة والفهم السليم ستعطي فرصة لطفلك كي يعرف قدراته ليصبح طفلاً مبتهجاً، وخلوقاً».

التعامل مع الطفل العنيد ليس أمراً سهلا وإنما يحتاج إلى صبر وحكمة وعدم يأس

وفي إشارة إلى أقصر الطرق لتعامل الوالدين مع طفلهما العنيد، توضح د. زينب عبد العال:

  • لابد من الارتكان إلى الحوار الدافئ المقنع، لكونه من أنجح الأساليب عند ظهور موقف العناد من قبل الطفل.
  • عدم الإفراط في استخدام القوة والحزم معه، أي، لا تجبريه على الالتزام بقواعد وأنظمة معيّنة، حتى لا يصبح أكثر عناداً معك، ويمكن تبديل هذه القواعد، أو لغة الأمر بلغة أخرى، مثل محاولة شرح هذه القواعد، وأهميتها، من دون استخدام العنف، أي اللجوء إلى دفء المعاملة الليّنة والطاعة في الموقف، ما دام تحقيق رغبته لن تأتي بضرر.
  • امدح طفلك عندما يكون إيجابياً وسلوكاته جيدة.
  • اشغل وقت طفلك بالعمل واللعب، لأن وقت الفراغ بالنسبة إليه يظهر أكثر سلوكاته السلبية.
  • الحرص على التواصل الفعّال معه، من خلال تخصيص وقت للجلوس معه، والاستماع له، بجانب مشاركته اللعب، وحتى يشعر بالحب، والاهتمام.
  • الحزم معه عندما يكرر السلوك الخاطئ أكثر من مرة، مع عدم المبالغة في ردة الفعل.
  • عدم الصراخ في وجه طفلك، فالصوت العالي لا يحلّ أبداً المشكلات، وحاول دائما أن تكون هادئاً، ومتمالك الأعصاب، حتى يتسنى له التخلص من هذه العادة السلبية، خصوصاً في بداية حياته.
  • يجب على الوالدين معرفة وإدراك أن التعامل مع الطفل العنيد ليس أمراً سهلا، وإنما يتطلب منهما الصبر والحكمة، وعدم اليأس، أو الاستسلام للأمر الواقع.