تشتكي بعض الأمهات من شجار أطفالهنّ المستمر أثناء اللعب، وفي أحيان كثيرة يقفن عاجزات عن الوصول إلى حلول منصفة ترضيهم، وعلى الرغم من أن هناك من يرى في هذه المشاجرات أهمية كبيرة، لكونها إحدى وسائل إثبات الذات، وأسلوباً لتعلّم كثير من الخبرات، مثل الصدق والكذب، العدل والإنصاف، احترام حقوق الغير، الأخذ والعطاء.. وغيرها، إلا أن شجار الأطفال يظل مصدر إزعاج لكثير من الأمهات.
توضح هبة محمد عبد الرحمن، مستشارة تربوية وعضو مجلس إدارة جمعية الدراسات الإنسانية، بدبي، الأسباب التي تؤدي إلى نشوب الخلاف، وما قد يتبعه من شجار بين الأبناء «في بداية الحياة الزوجية يتفق طرفا العلاقة، ولو ضمنياً، على الأسس والقيم التي سيطبّقانها في تربية الأبناء، إلا أن ذلك لا يمنع من وجود الأعمار الزمنية المختلفة بين هؤلاء الصغار، بجانب اختلاف أنماط الشخصية لكل منهم، على الرغم من أن مكان التنشئة الاجتماعية واحد، إلا أن المؤثرات المساعدة تجعل هناك اختلافاً في السلوك الصادر عنهم، فتجد من الأبناء من يتشاجر بالألفاظ والسب، وآخر يتشابك بالأيدي.. وهكذا، وكل هذه الأساليب تستخدم في محاولة للسيطرة على الآخر، وإخضاعه لقوانينه الخاصة».
«يفرض هذا السلوك الذي يتّبعه الأبناء أهمية تحقيق التوازن في أسلوب التنشئة، وأن تتسم القيادة الوالدية بالحب، والحزم، والإنصات لجميع الأطراف، وعدم إصدار الأحكام المسبقة، تلك التي ترتبط بوجود ميل لأحدهما عن الآخر، فالوالدان قدوة في تعاملهما، حيث يقف الأبناء لهما بالمرصاد، ويكونون بمثابة الرادار الذي يلتقط الصورة ويخزنها في الذاكرة، ومن ثم يعكس تفاصيلها في وقت آخر».
القيادة الوالدية ودورها في التوجيه والإصلاح
تستعرض المستشارة التربوية هبة عبد الرحمن معنى القيادة الوالدية، ودورها في التعامل الفعّال لتقليل الشجار بين الأبناء، وتشير إلى أن «القيادة الوالدية هي منهجية تربوية تعتمد على الأسلوب الإيجابي، واستخدام لغة الحوار مع الأبناء، من أجل تحفيزهم على تحقيق أهدافهم، الشخصية والاجتماعية، مع الاحتفاظ بعلاقة قائمة على الود، والاحترام، والتفاهم المتبادل، في إدارة الخلافات، بعيداً عن الصوت المرتفع....
وهناك أساليب مختلفة للتربية، منها:
- المتسامحة المتساهلة، والتي تترك زمام الأمور لمجريات الأحداث، وهنا يفقد الوالدان أسلوب القيادة الإيجابي.
- التربية السلطوية التي تعتمد على الحزم، وفيها يتبع الوالدان معايير صارمة، ويحاولان، بشكل منتظم، مراقبة سلوك أبنائهما، ويفضلان الطاعة واستخدام أسلوب العقاب بأنواعه، بخاصة البدني، والصراخ، والتهديد، ما ينعكس سلباً على شخصية الطفل.
- والتربية الديمقراطية التي توازن بين الحزم والعطف، والتشجيع وإظهار نقاط القوة والتواصل الجيد مع الآخرين، وبلا شك هذا ما نتمنى تطبيقه في بيوتنا ومع أبنائنا».
الأساليب الإيجابية لحل الشجار بين الأبناء
«السلوك الذي نركز عليه مع أبنائنا هو الذي نعزّزه في داخلهم، ويكبر معهم، فمثلاً عندما ندعم أبناءنا أثناء لعبهم بتعاون، وحب، وود، يسهم ذلك في جعلهم يحبون هذه الأوقات الخالية من الشجار، ويستشعرون مدى رضا الأم عنهم، الأمر الذي يجعلهم يميلون أكثر إلى الهدوء، وعدم الشجار».
وتقدم هبة عبد الرحمن بعض النصائح للأمهات يمكن أن يعتمدنها، للوصول بالأبناء إلى نقطة تفاهم من دون خلاف يؤدي إلى شجار داخل المنزل:
- أظهري مميّزات شخصية طفلك: مع عدم التركيز على عيوبه، وعقد المقارنات بينه وبين أخيه، أو أخته، فهذا يشعرهم بحبك وتقبلك لهم من دون قيد أو شرط.
- تحكّمي في غضبك: كوني قدوة لأبنائك، مع عدم اعتماد الضرب أو السب كوسيلة لإنهاء شجارهم.
- علّمي طفلك مهارات التفاوض: اجعليه يتحدث مع أخيه إذا ما أراد منه لعبة ما، ويخبره بأنه سيترك له غيرها، وهكذا.
- درّبي طفلك على ثقافة الاعتذار: أوضحي له أهمية ذلك في إنهاء الخلاف قبل أن يبدأ، فمثلاً عندما يأخذ أحدهم لعبة من أخيه ويقوم الثاني بضربه، فهنا وضّحي الخطأ الذي ارتكبه الاثنان، وابدئي بتوجيههما لتبادل الاعتذارات لإنهاء الخلاف.
- اطلبي منهم البحث عن حلول إيجابية: عندما يقع الخلاف يجب ألا تنحازي إلى طرف على حساب آخر، بل تدخلي واطلبي منهما التفكير في حل يرضي الطرفين، عوضاً عن الشجار.
- شاركي أبناءك اللعب: وهي نقطة مهمة تعزز لديهم الرغبة في اللعب من دون شجار، لأن ذلك يسعدك، ويجعلك راضية عنهم.
- عززي من الكلمات الداعمة: يمكن أن تخبري أحدهما بأنه سند للآخر، وتأتين للثاني وتقولين له إنه مصدر أمان لأخيه في هذه الحياة، وهكذا.