12 فبراير 2025

في بيتنا «عاشق».. كيف نتعامل مع مشاعر أبنائنا الجيّاشة؟

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

يمرّ المراهقون بتجارب حب، ويختبرون مشاعر عاطفية قويّة، قد تكون عميقة في نظرهم، في مرحلة تعتبر من أكثر المراحل العاطفية تعقيداً. وتتبدّى الأسئلة: هل يمكن للمراهقين أن يحبوا حقاً؟ وكيف يمكن للأهل فهم مشاعر أبنائهم، والتعامل معها بطريقة ناضجة؟

في هذا السياق، تطلّ الدكتورة هالة الأبلم، استشارية نفسية وخبيرة تربوية وأُسرية، على عوالم الحب في مرحلة المراهقة، وكيفية دعم الأهل للمراهقين في هذه المرحلة الحساسة، مع نصائح قيّمة، للأهل والمراهقين، لفهم طبيعة هذه المشاعر، والتعامل معها بتوازن.

هل يحبون حقاً؟

توضح الدكتورة هالة الأبلم «في مرحلة المراهقة، غالباً ما يكون الحب تجربة غير ناضجة، ومبنية على مشاعر قوية، وعاطفية، لكنها قد لا تكون بالضرورة حقيقية، أو ثابتة. بعض المراهقين قد يختبرون حب التعلّق، أو الحب الوهمي، حيث يعتقدون أنهم يحبون بشكل قوي، بينما في الواقع هم يتعلقون بشخصية معيّنة، أو بمشاعر مؤقتة، مرتبطة بالحاجة إلى الحب والانتماء، أكثر من الحب الحقيقي».

علامات حب المراهق

تستعرض د.هالة السلوكات التي قد تشير إلى أن المراهق في حالة حب، وتبيّن «المراهق في حالة حب غير ناضج قد يظهر سلوكات تشمل:

  • التعلّق الزائد بالشخص الآخر.
  • الإفراط في التفكير في الشخص الآخر، من دون القدرة على التفريق بين الحب الحقيقي والتعلّق العاطفي.
  • تغييرات مفاجئة في تصرفاته، والشعور بالضيق أو الاكتئاب، عندما لا يكون الشخص الآخر موجوداً.
  • الاهتمام الزائد بالتفاصيل الصغيرة.
  • الانعزال الاجتماعي، ورفضه التام للتعامل مع الواقع المحيط به، وتفضيل التواجد مع الشخص الآخر على التفاعل مع الأصدقاء والعائلة».
مجلة كل الأسرة

التعامل مع مشاعر الحب لدى المراهقين

يتسم حب المراهقين بالصدق والحدّة. ولكن يبقى السؤال: كيف يتعامل الأهل مع المراهق في حال شعر بالحب تجاه طرف آخر، وما أبرز الأخطاء التي يقعون فيها عند التعامل مع هذا الواقع؟

تورد الاستشارية النفسية د. هالة طريقة التعامل «يجب أن يكون الأهل حذرين في التعامل مع مشاعر المراهقين، حيث قد يخلط المراهق بين الحب الوهمي، والتعلّق، فيظنّ أنه في علاقة حب حقيقية، بينما هو مجرد تعلق عاطفي. ومن الأخطاء الشائعة التي يقع فيها الأهل، إما إهمال مشاعر المراهق، وإما رفض العلاقة بشكل قاطع، ما قد يزيد من تمسكه بهذا التعلّق الوهمي. من الأفضل أن يتعامل الأهل بتفهم، مع مساعدته على التمييز بين الحب الناضج، والتعلّق العاطفي».

وتضيف د. هالة الأبلم «فالعلاقة غير الصحية تكون عندما يظهر المراهق تعلّقاً مفرطاً، أو يرفض التفاعل مع محيطه الاجتماعي، بسبب التعلق بالشخص الآخر. من علامات الحب الوهمي، أو الحب غير الناضج الشعور بالإهمال عند عدم تواجد الشخص الآخر، أو تصوّرات غير واقعية عن العلاقة. يجب أن يتدخل الأهل إذا كانت العلاقة تؤثر في النمو العاطفي للمراهق، أو تدفعه إلى تجاهل احتياجاته الشخصية والاجتماعية».

هل يعاني المراهقون اضطرابات نفسية بسبب الفشل في الحب؟

تجيب د.هالة «نعم، قد يعاني المراهق اضطرابات، مثل القلق أو الاكتئاب، خصوصاً إذا كان الحب الذي يعيشه هو حب غير ناضج، مبنيّ على التعلّق، أو التوقعات الوهمية»، مؤكدة أن الفشل في هذه العلاقات «يمكن أن يسبب له مشاعر خيبة أمل، لكن هذه المشاعر قد تكون جزءاً من عملية التعلّم، والنضج النفسي».

إذاً، المراهقون قد يشعرون بالخذلان أو الإحباط، بعد الفشل في علاقات حب غير ناضجة، وقد يؤدي ذلك إلى تأثيرات سلبية في ثقتهم بأنفسهم، وتقديرهم لذاتهم، وهنا يتبلور دور الأهل في دعم المراهقين في فهم مشاعرهم.

مجلة كل الأسرة

توضح د. هالة الأبلم «يجب أن يدرك الآباء أن المراهقين في هذه المرحلة قد لا يميّزون دائماً بين الحب الناضج، والتعلق العاطفي، وعلى الآباء دعم المراهقين في فهم مشاعرهم بطريقة ناضجة، مع مساعدتهم على النمو العاطفي، والتعلّم من هذه التجارب. لذلك، من الأهمية بمكان أن يحافظ الأهل على تواصل، مفتوح ومستمر، مع أبنائهم المراهقين، لتقديم النصائح والمساعدة في حال وقوع الابن في الحب، وأن يكونوا مستعدين لتقديم النصائح والمساعدة في حال مواجهة أي صعوبة عاطفية، وأن يظل الأهل داعمين، من دون فرض قيود صارمة، بل تقديم النصائح الموجهة بطريقة لطيفة تدعم النمو العاطفي السليم للمراهق».

تقدم د. هالة الأبلم نصائح للأهل لدعم أبنائهم في هذه المرحلة:

  • الدعم: مساندة المراهق في فهم مشاعره والتفرقة بين الحب الناضج والتعلّق العاطفي.
  • الاستماع والتوجيه: التحدث بصراحة مع المراهق عن توقعاته من العلاقة، وكيفية التفاعل مع الطرف الآخر بشكل ناضج، مع إعطاء المراهق مساحة للتعبير عن مشاعره.
  • التركيز على تطوير الذات: تشجيع المراهق على تطوير نفسه بعيداً عن أيّ علاقة عاطفية قد تكون مؤقتة، أو غير ناضجة.
  • تعليم المراهق كيفية إدارة مشاعره بعيداً عن الحب الوهمي.
  • عدم فرض قيود صارمة، ولكن تقديم نصائح واعية تساعده على تحديد ما إذا كانت العلاقة صحية، أو ضارّة.
  • الحفاظ على التواصل المفتوح مع المراهق.

نصائح للمراهقين للتعامل مع الحب بطريقة متزنة

من جهة أخرى، من الضروري أن يتعلم المراهق كيفية إدارة مشاعره، والتفريق بين الحب الناضج، والتعلق العاطفي المفرط. وتورد الاستشارية النفسية قواعد، منها:

  • التوازن بين الحياة الاجتماعية والعاطفية.
  • فهم أن العلاقة العاطفية ليست دائماً ستظل ثابتة، وأنها قد تتغير مع مرور الوقت.
  • البحث عن الدعم النفسي، من الأهل أو المتخصصين، لمساعدتهم على التعامل مع المشاعر.