18 فبراير 2025

نصائح لتربية طفل من أصحاب الهمم يحمل صفات الشخصية الناجحة

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

أقصى ما يطمح إليه الآباء والأمّهات هو تربية أطفال أسوياء متوافقين جسدياً، ونفسياً، واجتماعياً، يندمجون في المجتمع، ويكونون جزءاً من عجلة تنميته، ما يتطلب منهم الاعتماد على أسس التربية المتوازنة لأطفالهم، من دون إفراط في الشدّة، أو تدليل زائد، بل وبذل مزيد من الجهد لمن يحتاج منهم إلى معاملة خاصة من أصحاب الهمم، الذين أثبتت التجربة الفعلية قدراتهم اللامحدودة على تحقيق كثير من النجاحات، تحت مظلة دولة تخلق بيئة شاملة تضمن لتلك الفئة المشاركة الفعالة في كل مجالات الحياة.

مجلة كل الأسرة

تحدثنا الدكتورة داليا صلاح الدين نصير، أخصائية تربية خاصة، عن الكيفية التي يجب أن يتعامل بها الأهل مع الطفل من أصحاب الهمم، ليحمل صفات الشخصية الناجحة في المستقبل «عندما تكتشف الأسرة أن لديها طفلاً مختلفاً عن أقرانه، يخلق ذلك لدى الأبوين مجموعة من المشاعر المتضاربة، والتي تتدرج من الصدمة والارتباك، ثم تتحول إلى مشاعر نكران وغضب، أحياناً، وقد ينتج عنها عدم الاعتراف بأن طفلهما لديه مشكلة، أو إعاقة ما. ويظهر هذا الرفض والنكران في أحد أشكال الأساليب التربوية الخاطئة، والتي تراوح ما بين الرفض العلني، المتمثل في الإهمال، وعدم الاهتمام بتلبية الاحتياجات، النفسية والحياتية، الأساسية له، ما ينتج عنه طفل ضعيف الثقة بالنفس، منعزل اجتماعياً، عدواني، يخشى الاختلاط بالآخرين، أو الرفض الضمني المتمثل في التدليل للطفل، وتلبية كل طلباته من دون قواعد، أو قيود، أو أي ضوابط سلوكية، حتى وإن لم يكن له الحق في الحصول عليها، وينتج عن ذلك طفل اعتمادي لا يرى غير نفسه، وتظهر لديه سلوكات خاطئة، وبالتالي، يفقد التواصل السليم مع الأشخاص المحيطين به، ويصبح غير متكيّف معهم، فالتقبّل من أهم الاحتياجات النفسية الأساسية للأطفال العاديين، أو أصحاب الهمم، على السواء».

التدليل والحرمان ليسا متضادّين بل وجهان لعملة واحدة

من هنا يتضح لنا أن التدليل والحرمان ليسا متضادّين، بل هما وجهان لعملة واحدة، وأنهما سبب في وجود طفل لديه مشاكل سلوكية، توضحها د. داليا «نعلم جميعاً أن تعديل سلوك الطفل من أصحاب الهمم صعب، ويحتاج إلى وقت أطول، ومجهود أكبر عن نظيره العادي، لذلك لابد من الحذر في التعامل معه، وعدم تطبيق أنماط خاطئة في التربية، فعندما يولد أي طفل من السهل ملاحظة نموه الجسدي، وتلبية احتياجاته من أكل، وشرب، وملبس، وخلافه، ولكن من الصعوبة بمكان ملاحظة نموه النفسي، وتلبية احتياجاته النفسية التي تختلف باختلاف مراحل النمو، إذ يتساوى فيها كل الأطفال، سواء العاديون، أو أصحاب الهمم».

احتياجات أساسية لبناء شخصية طفل من أصحاب الهمم

تحدّد د. داليا نصير هذه الاحتياجات بالنقاط التالية:

  • الحاجة إلى الانتماء: وهو الشعور بالأمن الناتج عن الارتباط بالآخرين، وتكوين صداقات معهم.
  • الحاجة إلى الاستقلال: وهو شعور الطفل بالحرية في اختيار أصدقائه، وملابسه، وألوانه، وألعابه.
  • الحاجة إلى الكفاءة: فالإنسان يشعر بذاته إذا نجح في الوصول إلى هدفه في الحياة، فمشاعر النجاح تولد لديه الرضى عن ذاته.
  • الحاجة إلى تقبّل التوجيه: إذ يحتاج الطفل إلى من يوجهه، ويقوّمه، ويكافئه على الأعمال الصحيحة، حتى يقوى لديه الضمير، والمسؤولية الأخلاقية.
  • الحاجة إلى اللعب: وهي من أهم الحاجات لدى الطفل، وهناك من يقول إنها حاجة جسدية، لأنها مرتبطة بالنمو الجسدي، لكن لدورها المهم في النمو النفسي يمكن اعتبارها حاجة نفسية.
  • الحاجة إلى الأمان العاطفي: بخاصة في مراحل نموّه الأولى، لأن الإحساس بالأمان يساعد الطفل على النمو السليم في جميع الجوانب.
  • الحاجة إلى التقدير الاجتماعي: فمن الضروري أن يشعر الطفل بأنه موضع تقدير، وقبول، واعتراف من الجميع، بخاصة الجماعة التي ينتمى إليها، سواء الأسرة، أو الأقران، أو المدرسة، ما يساعده على القيام بدوره الاجتماعي بشكل صحيح.

وتضيف د. داليا «ولذلك، فإن فهم هذه الاحتياجات النفسية في كل مرحله عمرية، والعمل على إشباعها بشكل صحيح، من دون إفراط أو تفريط، يساعد على النمو السليم في مختلف النواحي الجسدية، والنفسية، والعقلية، والانفعالية، والاجتماعية، وإيجاد شخصيات ناجحة في المستقبل، قادرة على تحمّل المسؤولية، وعدم الاعتماد على الآخرين، ليس لأصحاب الهمم فقط، ولكن للأطفال الآخرين أيضاً، كل حسب قدراته، وإمكاناته».

مجلة كل الأسرة

طرق التربية الإيجابية لطفل من أصحاب الهمم

توضح أخصائية التربية الخاصة طرق التربية السليمة لأصحاب الهمم بأن «السبيل لتربية طفل من أصحاب الهمم بطريقة سوية من دون مشاكل، وأمراض نفسية، هو تقبّله بكل خصائصه، وتقبّل إعاقته، وجوانب القصور لديه، وهو بلا شك، أمر غير يسير يتطلب من الأسرة مجهوداً كبيراً، كما يتطلب من المحيطين مساعدة الوالدين على تخطي هذه الأزمة، بخاصة في بداية الأمر، حتى تتحول من مرحلة رفض الإعاقة إلى تقبّلها، ثم التعامل مع الاتجاهات السلبية المرتبطة بالإعاقة، وتكوين اتجاهات إيجابية تساعد الطفل على تقبّل ذاته.

كما يجب على الأسرة أن تعرف جوانب القوة لدى طفلها، وتعمل على تطويرها، والاستفادة منها، وينبغي على المحيطين تفهّم مشاعرها، وأحاسيسها، ففي كثير من الأحيان، ونتيجة للضغوط على هذه الأسرة، فإنها تضطر إلى قطع علاقتها بالمجتمع، لتقليل الضغط الناتج عن التعامل مع هؤلاء الأفراد».