04 مارس 2025

7 خطوات لإخراج المراهق من عزلته وتعزيز التواصل معه

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

يختار بعض المراهقين العزلة هروباً من واقع لا يحبذّونه، في حين قد يختار آخرون العزلة نفسها تحت وطأة سيطرة التكنولوجيا، حيث يجدون أنفسهم منغمسين في هذا العالم. هذه العزلة التي يعيشها المراهق لها أسبابها، ودوافعها، منها التغيّرات، النفسية والجسدية، التي يمرّ بها في هذه المرحلة، أو بسبب الضغوط الاجتماعية، أو التحدّيات في التواصل مع الأقران، وعدم الفهم من قبل المحيطين به، ما يعزّز من شعوره بالوحدة.

مجلة كل الأسرة

لذلك، من المهم فهم أسباب هذه العزلة، والعمل على معالجتها..

حيث يؤكد الدكتور عماد شحروري، أستاذ علم النفس التربوي، أن المراهقة المنعزلة هي «واحدة من أهم المظاهر النفسية التي قد تصاحب بعض المراهقين»، مورِداً الأسباب:

  • شعور المراهق بتدنّي مفهوم الذات لديه.
  • شعوره بعدم التقبل من الآخرين.
  • عدم تقبّله للتغيّرات الجسدية التي يعايشها كنتيجة طبيعية للبلوغ.

ويوضح «إذا استمرت العزلة لفترة طويلة (تتجاوز الأشهر)، لابد من إحالة المراهق إلى الأخصائي النفسي، حيث إن التمييز بين العزلة المؤقتة والعزلة الدائمة، تعتمد على الشدّة، والمدّة، والحالة النفسية العامة للمراهق».

صراع الهوية قائم، حيث يلفت د.شحروري إلى أن «الهوية الجندرية تلعب دوراً بالغ الأهمية للمراهق، فبعض المراهقين قد يختلط عليهم الدور الجندري لدرجة تحلل هويتهم، ووقوعهم في الحيرة بما هو مطلوب منهم، وهذا، بطبيعة الحال، يؤدي إلى الضغط النفسي على المراهق، وتصنّف هذه الحالة بما يسمى صراع الهوية، والدور الجندري ، وبناء على كثير من النظريات النفسية، فإن هذه الحالة قد تؤدي إلى نقل المراهق إلى نوع آخر من الاضطرابات، ألا وهي المراهقة المنحرفة».

مجلة كل الأسرة

كما أن للصراعات الأسرية، بخاصة بين الأب والأم، دوراً هاماً في إنتاج مراهقة منعزلة «فالمراهق، والمراهقة بطبيعة الحال، يريان في الأسرة مفتاح الأمان الذي، من خلاله، يمكن لهما مواجهة تحدّيات الحياة، سواء الاجتماعية أو الأكاديمية، فإذا كان النزاع مستمراً بين الأزواج، وتمثل هذا الصراع بالصراخ، والضرب، والتعدّي، فإن هذه الحالة تنعكس سلباً على استقرار المراهق النفسي الذي يرى الانهيار في أسرته، وبعض الحالات تنتهي بالطلاق، ما يشتّت المراهق نفسياً، ويؤثر في شعوره بالأمان، والاستقرار النفسي، والعاطفي».

مجلة كل الأسرة

أخطاء يقع فيها الأهل في تعاملهم مع المراهق!

تتمثل مخاطر العزلة النفسية على المراهق، بحسب د.شحروري، في «شعور المراهق بعدم تقبّله من المجتمع المحيط، سواء الأسرة، أو المدرسة، أو المجتمع بشكل عام، وهذا يؤدي إلى تطوير سلوكات عنف لدى المراهق، أو ما يطلق عليه «السلوك المضاد للمجتمع»، حيث يرى المراهق المجتمع كعدوّ له، وبناء على ذلك، يبدأ بالتصرف السلبي تجاه الغير، وقد يتطور ذلك إلى سلوكات إجرامية، لا تُحمد عقباها».

ويتوقف أستاذ علم النفس التربوي عند الأخطاء التي يقع فيها الأهل، وهي:

  • مقارنة المراهق من نواحٍ مختلفة بفرد آخر من العائلة، أو بفرد من الجيران، أو الأصدقاء: هذه المقارنة تزيد من تردي الوضع النفسي للمراهق، حيث يشعر بالدونية، ونظرة سلبية تجاه نفسه.
  • «نعت» الأهل المراهق بصفة معيّنة، وغالباً ما لا تكون محببة له، ما يعزز انكساره النفسي.
  • إهمال المراهق وعدم تفهم احتياجاته النفسية والعاطفية.

مساران لا بد أن يكتملا لإخراج المراهق من عزلته وهما توعية الأهل وإعداد المراهق نفسيا

وفي هذا الصدد، يتلمس د.شحروري «أهمية دور الأهل كصمام أمان للمراهقين، من حيث تبنّي أساليب مناسبة لمساعدتهم على تجاوز مرحلة العزلة النفسية»، مشدداً على ضرورة تقديم الدعم المباشر للمراهقين، وعدم تركهم يواجهون تحدّياتهم بمفردهم، حيث قد يلجأ المراهق إلى أصدقائه، أو المواقع الإلكترونية غير الموثوقة، للعثور على حلول لمشكلاته ، ما يزيد من تعقيد مشكلاته النفسية.

كأخصائي نفسي، عايش د.شحروري عدداً من الحالات «واحدة من الحالات اللافتة هي حالة مراهق تعرّض للضرب، والتعنيف، من قبل والده بحجّة ضبط سلوكه، لدرجة أن هذا المراهق نزف من وجهه، وأنفه، وكردّ فعل نفسي أصيب المراهق بالشلل النفسي. إذ نتيجة الصدمات المتتالية، وتعرّضه للضرب غير المبرر، والفائق عن الحد، عمل هذا المراهق على تطوير دفاعات نفسية تمثلت في الشلل النفسي، حيث لم يستطع المشي، أو القيام بأي نشاط يتطلب جهداً نفسياً، وعند الكشف الطبي تبيّن أنّه لا يعاني أيّ خلل وظيفي في الجهاز الحركي، وتم تصنيفه بالاضطراب السيكوسوماتي، أو اضطراب جسدي ناتج عن خلل نفسي».

ومن هذا المنطلق، يرصد مسارين لا بدّ من العمل عليهما:

  • المسار الأول: توعية الأهل، من خلال ورش عمل وبرامج متخصصة بطبيعة هذه المرحلة، وخصائصها، ومتطلبات التكيّف السليم.
  • المسار الثاني: إعداد المراهق نفسياً، لدخول هذه المرحلة من حياته، بعدم تضخيم هذه المرحلة، وإعطائها فوق ما تستحق، وباعتبارها مرحلة نمائية من مراحل نمو الإنسان.
مجلة كل الأسرة

حلول للحد من عزلة المراهق

تختلف الأساليب النفسية العلاجية المستخدمة، باختلاف الاضطرابات النفسية التي يعانيها المراهق، يشرحها د.شحروري «أكثر الأساليب شيوعاً هو العلاج السلوكي - المعرفي الذي يستهدف المراهق في حال كان يعاني اضطراب القلق، أو اضطراب الاكتئاب من الدرجة الخفيفة، إلى أساليب علاجية متمثلة في النمذجة، وغيرها».

وينصح بجملة استراتيجيات من الواجب اتّباعها مع المراهق:

  • تفهم مشاعر المراهقين، واحتواء ردود أفعالهم، كأحد الأساليب الفعّالة لكسر حاجز الخوف لديهم، واستعادة ثقتهم بأنفسهم.
  • إدماجهم في أنشطة متنوّعة، مثل المسابقات الرياضية، والأدبية.
  • الجلوس مع المراهق ومناقشته في مشكلاته بدلاً من توبيخه، وهي من أفضل الطرق لدعمه.
  • تكليفه ببعض المهام المنزلية، مثل التسوّق، وتأمين احتياجات البيت، وهذا يعزز شعوره بالمسؤولية تجاه نفسه.
  • مشاركة المراهق الرأي في بعض القرارات الأسرية يعزّز ثقته، ويقرّبه من أسرته.
  • استخدام تقنية تعزيز السلوك الإيجابي للمراهق، حيث في كل مرة يتصرف فيها المراهق بإيجابية يتمّ تعزيز السلوك، ومكافأته.
  • تطبيق تقنية المراقبة الذاتية التي تهدف إلى تعزيز المراقبة الذاتية للمراهق في كل تصرفاته، وأفعاله.