16 مارس 2025

10 نصائح لحماية أطفالنا من عُقدنا وأمراضنا النفسية

محررة متعاونة

مجلة كل الأسرة

قلق، وتوتر، واضطرابات.. جميعها أشياء قد تؤثر في نفسية الأطفال، إذا ما كانت هذه المشاكل النفسية جزءاً من نمط وسلوك الوالدين. فإصابة الأب، أو الأم، بأحد الأمراض الجسدية لا يعني ذلك، بأيّ صورة، أن يصاب أبناؤهما بهذا المرض، إلا إذا كان المرض مُعدياً، أو وراثياً، لكن الأمر يختلف كثيراً عندما يكون أحد الأبوين يعاني مرضاً من الأمراض النفسية.

خبراء الطب النفسي والعلاقات الأسرية يؤكدون أن الأمر يزداد سوءاً عندما يكون لدى الأهل جهل بطبيعة المشاكل النفسية التي يعيشون فيها، ومدى تأثيرها في أطفالهم، أما الآباء الذين يعانون مشكلة نفسية، ويسيرون ضمن برنامج علاجي، يكونون أكثر قدرة على التحكم في أعراضهم، وتقليل تأثيرها في أطفالهم.

ناقشت «كل الأسرة» عدداً من خبراء الطب النفسي وتعديل السلوك حول تأثير المشاكل النفسية للوالدين في الأبناء، وكيف يتأثر الطفل سلبياً بمشاكل والديه النفسية، وكيف يتصرف الوالدان كي يجنّبا أولادهما التأثر بأي اضطرابات نفسية هما يعانونها:

مجلة كل الأسرة

علامات تؤكد تأثيرنا في الصحة العقلية لأولادنا

بداية، تؤكد الدكتورة هبة عيسوي، أستاذة الطب النفسي والسلوكي في جامعة عين شمس، بالقاهرة، أن الدراسات والأبحاث التي تناولت الأمراض النفسية للأسرة أكدت أن الطفل يتأثر، في أيّ حال من الأحوال، بالحالة النفسية التي يكون عليها والداه، ويمتد هذا التأثير ليسيطر على حياته، ويحوّله إلى شخص عدواني، أو انطوائي.

وتقول «الخطورة الأكبر عندما لا يعي أحد الوالدين، أو كلاهما، المشاكل النفسية التي يعانينها، ويصدّرها لأولاده، من دون قصد، فيتحول هذا الطفل إلى شخص عدواني، أو مضطرب، ويظهر ذلك في تعامله مع الآخرين. فقد أثبتت الدراسات والأبحاث أن الاضطرابات النفسية للأب، أو الأم، تؤدي إلى إصابة الأبناء بالاكتئاب، والقلق، والتوتر الدائم، وعدم القدرة على التعامل مع الآخرين بشكل سوي».

وتحدّد الدكتورة هبة العيسوي مجموعة من الأعراض والعلامات التي تظهر على الأبناء وتؤكد أنهم يتعرضون لمشكلة نفسية بسبب الوالدين، ومنها:

  • تعرّض الطفل لمشاكل كبيرة مع النوم، ويصاب بنوبات من الفزع ليلاً، والخوف من النوم في غرفة منفصلة، والتبوّل اللاإرادي أثناء الليل.
  • حالة من العزلة والصمت يعيشها الطفل، بين فترة وأخرى، يرفض فيها التعامل والتواصل مع الآخرين، حتى لو كانوا مقرّبين منه.
  • عدوانية زائدة وغير مبرّرة من الطفل تجاه إخوانه، أو زملائه في المدرسة.
  • ممارسة الطفل سلوكات مرفوضة رغبة في لفت الانتباه، أو كنوع من أنواع الاضطراب النفسي، مثل الكذب، والسرقة، ونقل الكلام، والوقيعة بين المحيطين به، وخلافها من السلوكات المرفوضة.
  • تراجع مستوى الطفل في النمو العقلي، والتحصيل الدراسي، ويتزايد الأمر معه كلما كبر، بخاصة إذا ما كانت مشاكل الوالدين النفسية ومتاعبهما تتزايد، وتؤدي إلى مشاكل أسرية.
  • في فترة المراهقة يكون الأمر أكثر خطورة، حيث يتأثر المراهق، بشكل كبير، بسلوك والديه، لأنه يكون أكثر وعياً وملاحظة لكل تصرفاتهما.
  • المراهق يحتاج، غالباً، إلى أبوين لديهما الكثير من الطاقة النفسية ليواجها معه تغيّراته النفسية، والحالة التي قد يعيشها، فإذا ما كانت الصحة النفسية للآباء أنفسهم ليست على ما يرام، فهذا معناه أن الابن سيعاني أعراضاً نفسية أكثر حدّة من أقرانه الذين وجدوا الدعم المناسب من الوالدين.
  • مشاعر القلق، والتوتر، والضغط النفسي، لدى المراهق قد تظهر في أشكال مختلفة ، بدءاً من الصمت التام، وقلّة النوم، وصولاً إلى الصراخ، والعصبية، والنوم المستمر.
مجلة كل الأسرة

كيف نحمي نفسية أبنائنا من أمراضنا النفسية؟

ويتفق معها الدكتور أحمد فوزي صبرة، استشاري الطب النفسي والعلاج الزواجي وتعديل السلوك، بالقاهرة، في أن المشاكل النفسية التي قد يتعرض لها الأبوان خلال رحلة حياتهما لا يستطيعان إخفاءها، وليسا أيضاً مطالبين بذلك، بخاصة عندما يكون الأبناء أكبر سناً، لأنهم في هذه الحالة يحتاجون إلى دعمهما، ليواصلوا مشوار الحياة معهما، كما أن المشاكل النفسية ليست عيباً لنخفيها عن عيون الناس، ويبيّن «كل المطلوب من الوالدين أن يحاولا، قدر الإمكان، ألا يؤثرا في حياة أولادهما بشكل مباشر، وأن يتجنّبا التعامل معهم في أوقات الإجهاد النفسي، وتقلب المزاج، والأرق والتوتر الشديدين».

ويلفت الدكتور أحمد فوزي صبرة إلى أن المرض النفسي، أو العقدة النفسية، تجربة مؤلمة يعيشها بعض الآباء والأمهات، حيث يتراجع التواصل العاطفي والشعور بالدعم من شريك الحياة، تاركاً العلاقة تبدو كأنها روتينية، أو حتى فارغة. ويرى أنه من الضروري أن يكون الآباء على دراية بكيفية تأثير كلماتهم، وأفعالهم، في تقدير أطفالهم لذاتهم، ونموّهم العاطفي، إذ يُعد تعزيز التواصل المفتوح، والدعم العاطفي، والحب غير المشروط، أمراً بالغ الأهمية لمساعدة الأطفال على تطوير صورة ذاتية إيجابية، والتعامل مع تحدّيات الحياة بطريقة صحية. فإذا ما أدرك الآباء أن سلوكاتهم قد أسهمت في تكوين عُقد نفسية لأطفالهم، فإن طلب المساعدة من متخصص في المجال النفسي يمكن أن يكون مفيداً للعمل على تطوير علاقات أسرية، سليمة وصحية.

ويحذّر الاستشاري الأسري الآباء والأمهات من أن يكونوا سبباً في كراهية أولادهم لهم، ويجد أن من أشهر الأخطاء انتشاراً بين الآباء أنهم لا يشعرون كيف تؤثر العصبية سلباً في الأبناء، بشكل غير مباشر، حتى وإن كانت العصبية في أمور الحياة بشكل عام. فالكثير من الأطفال يشعرون بالخوف من الصوت العالي، والأسلوب العصبي، ولذلك فهم ينفرون من الآباء العصبيين، ويبتعدون عنهم نفسياً، فتنشأ فجوة بين الأب والابن بسبب خوف الابن من إثارة عصبية الأب لأتفه الأسباب، ويصل الأمر إلى الكراهية في النهاية.

مجلة كل الأسرة

10 نصائح لتربية ناجحة بلا عُقد

من جهتها، تشدّد الدكتورة رحاب العوضي، استشاري الصحة النفسية وعلم النفس السلوكي، بالقاهرة، على أن الآباء يلعبون دوراً أساسياً في تعزيز عملية نمو أطفالهم على المستويين، النفسي والعقلي، وتنشئتهم في بيئة سليمة، وصحية، ومع ذلك، في بعض الأحيان، من دون أن يدركوا ذلك، يمكنهم نقل بعض العقد النفسية للأطفال التي من شأنها أن تؤثر في احترام الذات، والرفاهية العاطفية للأطفال.

وحول النصائح التي تجنب الأبناء التأثر بمشاكل الآباء النفسية وعُقدهم، تحدّد الدكتورة رحاب العوضي أهمها في ما يلي:

1. التخفيف من أسباب التوتر والقلق، والأعراض الأخرى التي تسببها الأمراض النفسية لأحد الأبوين، يكون مهمة شاقة، ولكن يمكن أن يساعد في هذا الشأن الاهتمام بممارسة الأنشطة، والاسترخاء، وعيش الأب، أو الأم، لنفسه قليلاً وترك الأبناء يعتمدون على أنفسهم بعض الشيء.
2. تجنب الانفعال واتّباع الهدوء في اتخاذ القرارات الخاصة بالأبناء، والبيت، بتروٍّ، وعدم الاستسلام لنوبات الصراخ، والحزن، والغضب.
3. عندما تكون الأم هي التي تعاني مشاكل نفسية تكون بحاجة ماسّة إلى قدر كبير من الحب والمرونة، وعدم إشعارها بالعجز من قبل الزوج، وكذلك محاولة تخفيف المسؤوليات عنها لتستريح قليلاً.
4. على كل أمّ تعاني مشاكل نفسية وعصبية، وتعاني الصراخ والتوتر، أن تحرص دائماً على اللعب مع أطفالها بصفة منتظمة، فذلك سيساعدها على التخلص من نوبات التوتر التي تتعرض لها بفعل عبء المسؤولية الملقاة على عاتقها.
5. يجب على الزوجين أيضاً، التفكير بإيجابية نحو الأبناء، بخاصة إذا ما كان أحد منهما يعاني ضغوطاً، ومشاكل نفسية، إذ ينبغي على الطرف الآخر، وقتها، عدم تحيّن الفرصة للشجار وافتعال المشكلات. وعلى الجانب الآخر، يجب أن يراعي الطرف المريض المسؤوليات الزائدة التي يتحمّلها الطرف الآخر بدلاً منه، ويقدّر له ذلك، وعندما يكون لديه طاقة غضب فلا يفجّرها فيه.
6.  يجب علينا أن ندرّب أنفسنا على عدم قول شيء من دون التفكير فيه، واستيعابه أولاً، ومن ثم تعلّم مهارة الحفاظ على هدوء الأعصاب، وعدم الاندفاع في الكلام، لأن حياتنا اليومية لا تخلو من أزمات عابرة، أو أحداث طارئة.
7. التزام الصمت أثناء غضب شريك العمر من أهم الأمور التي تجدي نفعاً، وبإمكان الطرفين استئناف المناقشة بعد هدوئهما، ورجوعهما إلى حالتهما الطبيعية.
8. يجب على أفراد الأسرة تقبّل حياتهم مع أب، أو أمّ، يعاني من مشكلة عصبية، وأن يستمعوا له عند الغضب، ولا يتعاملون مع حالته بالاستهزاء، أو التحدّي، لأن ذلك يزيد من غضبه.
9. تزويد الأطفال والشباب بمعلومات دقيقة ومناسبة لأعمارهم وإدراكهم حول مشاكل الصحة النفسية، والذي يمكن أن يعالج أيّ مفاهيم خاطئة، أو مخاوف قد تكون لديهم، ويمكن أن يمنحهم اللغة للتعبير عن أنفسهم.
10. مع تقدم العمر يصبح الاهتمام بالنفس ورعايتها أصعب، وبالرغم من ذلك لا يجب الاستهانة به، فالآباء يجب أن يكونوا قدوة لأبنائهم، ومع كل تقصير يراه الطفل من والده يؤثر فيه، وفي شخصيته المستقبلية بالسلب، لذا يجب دائماً، الاهتمام بالصحة النفسية والجسدية، وإيجاد مساحة آمنة للأطفال للابتعاد قليلاً عن مشاكل والديهم، تسمح لهم بتطوير تفكيرهم ،وعواطفهم الخاصة.

اقرأ أيضاً:
- 9 نصائح جوهرية لتحقيق الاستقرار النفسي للطفل
- سلوكات الأهل سبب الكثير من الأمراض النفسية للأطفال