قبل ما يزيد على أربعين عاماً قام جاك بيرك، المستعرب وأستاذ التاريخ الاجتماعي والحضاري للعالم العربي في الكوليج دو فرانس، بتخصيص سنتين من درسه الأسبوعي لدراسة طه حسين، ودوره في تاريخ الثقافة العربية المعاصرة، كان ذلك بعد وفاة طه حسين بعامين، وكان بيرك صديقاً لمؤنس نجل طه حسين، وزوجته سوزان، التي كان يصف علاقتها بعميد الأدب العربي بالفريدة.
من هنا اقترح بيرك على سوزان أن تكتب تجربتها؛ لتقدم طه حسين تحت أضواء لم يسبق أن سلطت عليه، من قبل، ولا يسَعُ أحداً أن يقوم بذلك سواها، فهي ستقدم طه حسين الإنسان والأب والزوج، وحياته وعلاقتها معه، وتستعرض معاركه وهمومه وأحلامه وأهدافه كاتباً ومناضلاً سياسياً وصحفياً ومربياً وجامعياً وأكاديمياً ووزيراً، واقترح بيرك عليها أن يترجِم الكتابَ إلى العربية السوريُّ بدر الدين عرودكي، ويراجعه كاتب مصري هو محمود أمين العالم؛ وذلك لتأكيد البعد المستقبلي لمشروع طه حسين.
وجاء الكتاب فريداً من نوعه شكلاً ومضموناً، فلا هو رواية على امتلاكه كثيراً من عناصرها، ولا هو قصة طويلة على وجود شخصية رئيسية أساسية، ولا هو رسالة حب على ما ينطوي عليه من فصول ومقاطع يسود فيها ضمير المخاطب، ولا هو تاريخ على ما فيه من سرد لحوادث كبرى عرفتها مصر خلال حياة طه حسين، ولا هو مؤخراً يوميات على ما تضمنه من ضبط إيقاع الكتاب تارة بناء على تواريخ معينة، وتارة بناء على مواقع محددة.
كان كل هم السيدة سوزان طه حسين أن تنتهي من كتابها وينشر بالعربية، وأصرت على أن ينشره آنذاك ناشر كتب العميد، ووعدها عرودكي أن ينهي الترجمة في أشهر معدودات، وهو ما حدث وقد راجعه العالم، وأشرف على متابعة النشر محمد حسن الزيات زوج ابنتها، وصدر الكتاب في طبعته الأولى عن دار المعارف.
الكتاب: معك
المؤلف: سوزان طه حسين / الناشر: المركز القومي للترجمة