وصف مجهول حياته في إحدى المدونات بأنها كانت عبارة عن أزمة نفسية متواصلة، فهو دائم الشعور بالأسف على نفسه وعلى واقعه المرير، ولديه استعداد مستمر لإقامة حفلات من الشفقة على وضعه التعيس ويخصص وقتاً طويلاً لمشاهدة الأفلام الحزينة والاستماع إلى الموسيقى التي تدخله في نوبات من البكاء الجارف ويسمح لنفسه دائماً بالبقاء في مزاج حزين، ويبكي لأيام طويلة في وحدته بعد أن أصبح يتجنب الاتصال بالأصدقاء والعائلة ويغلق على نفسه باب شقته لأيام متتالية لأنه يعتقد بأنه سيقدم خدمة للآخرين إن ابتعد عنهم وخرج من دائرة حياتهم، لكنه كان ينجح في التظاهر بالسعادة أمام الآخرين عندما يلتقي بهم.
وارتفعت أسهم أزمته في العام الذي قرر فيه البدء بعمله الخاص بعد أن يقوم بدورة في إدارة الأعمال، وظل يبحث عن الحافز للقيام بذلك ويقرأ الكتب ويبحث عما سيشجعه على الإقدام على التغيير الذي يدرك حاجته إليه، لكنه وجد نفسه غير قادر على الاستمرار بذلك، فاستسلم عائداً إلى وضعيته الكئيبة على الرغم من علمه بأنه المسؤول عنها وبأنه وحده من جلب لنفسه كل الآلام والمواجع، وظل يخاطب نفسه ويناشد قدره بحثاً عمن يمكن أن ينقذه ويخرجه من دائرة الأسى التي يقيد نفسه فيها إلى أن جاء ذلك اليوم الذي استيقظ فيه وظن بأنه قد مات وفقد كل شيء في حياته. وعلى الرغم من أنه كان في حجرته كالمعتاد، لكنه شعر لحظتها بأنه في مكان مهجور تماماً مما زاد لديه الشعور بالرعب والصدمة والألم. وكان أسوأ ما تخيله أنه أصبح وحيداً وبأنه لم تعد لديه فرصة للعودة واستعادة كل لحظة خسرها في عمره.
ارتخت أقدامه ووقع على ركبتيه، ووجد نفسه يصلي لله وهو يبكي بشكل غريزي ومن دون وعي، فلم يكن قد اتخذ القرار بالصلاة لكنه وجد نفسه ساجداً وراكعاً يصلي والدموع تغسل وجهه. وبعد مرور بعض الوقت، ربما دقائق فقط، توقف وهو يشعر بالاضطراب، وظل لا يعرف ما حدث له لثلاثة أيام إلى أن اكتشف بأن من مات هو الصوت السلبي الذي عاش في رأسه منذ طفولته وبأن عودته إلى الله والصلاة قد خلصاه من قيوده وحرراه للأبد.
وليس وحده من افترسه وهم الأفكار يوماً، فقد سبقه لذلك كثير من الناس ومعظمهم من المشاهير مثل بطل أفلام الكوميديا جيم كاري الذي أضحك الناس طويلاً وملأ القلوب بالسعادة لكنه فاجأ العالم بحزنه وبأنه لم يشعر يوما بالسعادة الحقيقية، وبعد أن استيقظ من الكبوة التي عاش فيها طويلاً قال بأنه أدرك فجأة بأن تفكيره هو المسؤول عن كل شيء، وهو الذي وضعه في وهم المعاناة التي مر بها. واليوم يقضي جيم كاري معظم وقته في مشاركة فهمه الجديد للعالم، ويحضر المحاضرات والخطب المختلفة ويتواصل مع المفكرين للتخلص تماماً من الأفكار التي سلبته السعادة.
أما مدون المشاهير «بيرز هيلتون» والذي بنى شهرته وحياته المهنية من خلال التنمر على المشاهير، فقد جاءت صحوته الهائلة فجأة عندما اكتشف بأنه لم يكن يفعل شيئاً يفخر به و ما يفعله ليس أكثر من شيء بلا هدف، ليتحول من متنمر إلى شخص يساعد الجماهير ويتعاطف معهم.