كتب السير توماس عام 1942 قائلاً بأنه يعتبر نفسه أسعد إنسان على وجه الأرض لامتلاكه القدرة على تحويل فقره إلى غنى واستبدال المحن التي يمر بها إلى رخاء. ولم تكن لدى السير توماس عصا سحرية أو أحلام واهمة بل كان يمتلك القدرة على القيام بكل ما قال بأنه يمكنه القيام به من خلال امتلاكه جهازاً رائعاً موجود في دماغه.
الخبر الجيد أن هذا الجهاز الرائع ليس حصرياً بدماغ السير توماس، لكنه موجود في دماغ كل إنسان ويطلق عليه اسم نظام المناعة النفسي.
ويجري الجهاز عمليات إدراكية تساعد الشخص على تغيير وجهة نظره في الحياة بل وتعدلها له بطريقة تجعله ينظر إلى ما حوله نظرة مختلفة تماماً وليعثر في الأشياء التي لم يكن يظن بأنه سيجد فيها سعادته كل السعادة التي يتمناها. أما الخبر السيئ فهو أن أغلبية الناس إن لم يكونوا جميعاً لا يعرفون بأنهم يملكون هذا الجهاز.
الأمر الجيد في هذا أن كل إنسان لديه فرصة لتأليف قصة سعادته بنفسه، وتطوير هذه القصة بالطريقة التي يرغب فيها أن تكون حياته، وليس في حاجة لانتظار من يكتبها له أو من يرشده إليها، وهذا يعني أن بإمكان أي شخص و بمجرد تشغيل الجهاز في أي وقت الاستفادة منه في تعديل الكثير من المشاعر التي تنغص عليه حياته أو حتى في إخراج نفسه من المواقف أو الحالات الصعبة والتي يجد نفسه عالقاً فيها.
وهذه التجربة التي خاضها السير توماس وتحدث عنها في كتاباته، قد استخدمها فيما بعد أشخاص كثر، ونجحوا في الاستفادة منها عندما وجدوا أنفسهم متورطين في مواقف وحالات شائكة جعلتهم يخسرون الكثير من الأشياء التي كانوا يعتقدون بأنها سبب سعادتهم كالمنصب أو المال أو حتى السمعة. وتمكنوا من إجراء التعديلات المناسبة على مشاعرهم تجاه هذه الخسائر، والنظر إليها على أنها ليست سر سعادتهم، وتمكنوا من استدراج السعادة التي لم يتوقعوها يوماً ليعيشوا حياة أفضل من التي كانوا يعيشونها من قبل.
وهذا ما حدث للمراهق «ريتشارد مايلز» الذي حكم عليه ظلماً بالسجن لـ60 عاماً بسبب قضية قتل لم يرتكبها.
لقد شعر ريتشارد بأنه قد حكم عليه بالإعدام عندما ألقي به في السجن ولم يعد قادراً على التفكير إلا بالنهاية. لكن أمه التي أتت تزوره طلبت منه أن ينظر إلى السماء وألا ينظر إلى القضبان مادام بريئاً.
كانت كلماتها مثل مفتاح لفتح قفل الجهاز الموجود في دماغه، وليبدأ في كتابة قصة حياته المقبلة. وبعد 15 عاماً، تظهر براءته ويخرج من السجن، ولكنه لم يخرج منه كما دخله، بل خرج مستعداً لتأسيس مشروعه الخاص وهو إنشاء مركز تأهيل يمكنه من خدمة السجناء وتأهيلهم عملياً وعلمياً ونفسياً بعد إطلاق سراحهم. وقال ريتشارد يومها بأنه لا يزال ريتشارد مايلز المراهق في أعماقه على الرغم من أنه قد أصبح في الرابعة والثلاثين، لكن عالمه ومشاعره وطموحاته قد تغيرت لتصبح أفضل، إلى درجة أنه يتمنى العودة للسجن لمتابعة سعادته التي بدأت من هناك!