05 سبتمبر 2020

الأفلام الأوروبية تعود إلى صالات السينما

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

انطلقت العروض السينمائية في أوروبا والولايات المتحدة وآسيا قبل أيام قليلة آملة كسر حاجز الخوف واستدعاء النشاط التجاري الذي كانت صالات السينما حفلت به منذ أكثر من قرن وربع.

فيلم  «مضطرب» (Unhinged)

فيلم  «مضطرب» (Unhinged)

واحد من الأفلام المعروضة الآن على نطاق واسع (متوفر في بريطانيا كما في الولايات المتحدة وفرنسا والإمارات وكندا) هو «مضطرب» (Unhinged): الدور الشرير الأول لراسل كراو منذ أن أصبح نجماً وأحد الأفلام التشويقية القليلة الناجحة نوعاً المعروضة هذه الأيام.
كراو هو سائق سيارة كبيرة يقرر أن المرأة التي تقود سيارة أصغر لم تعره أي اهتمام ولم تعتذر له عن معاملتها له بالتجاهل عندما تأخر في الإقلاع عند الضوء الأخضر. الحياة العادية لتلك المرأة (كارن بوستوريوس) وابنها الصغير تنقلب إلى كابوس كبير عندما يلاحقها ذلك الرجل بغية الأذى.

وبينما يسترد «مضطرب» بعض الجمهور المفقود، يعد «تنت» (Tenet) بما هو أكثر من مجرد استرداد جمهور وتأسيس عادة.
فيلم كريستوفر نولان الجديد، دخول أزمنة وخروج من أخرى ورحلة محارب في سبيل الحفاظ على الإنسان وقيمه في عالم يخفي، باسم العلم، ما يهدف للإضرار به. وهناك «تريلر» جديد تم إطلاقه يوم السبت ٢٢ أغسطس يفسر حكايته على نحو أفضل وإن يبقي أهم التفاصيل في طي الكتمان.
وكنا أوردنا هنا، في مقال سابق، ما واجهه الفيلم من مشاكل وصعوبات بسبب الوباء وكيف تم تأجيل عروضه من تاريخ لآخر خصوصاً وأن تكلفته لا تتيح احتمالات الخسارة فيما لو تمت التضحية به قبل الأوان.

فيلم «فجوة أمل» (Hope Gap)

فيلم «فجوة أمل» (Hope Gap)

سنجد كذلك، «فجوة أمل» (Hope Gap)، فيلم صغير الحجم من بطولة أنيت بنينغ وبل نيغي: زوجان يقومان بزيارة ابنهما في بلدة أخرى، وهناك يسر الأب لابنه الشاب بأنه يخطط لطلاق زوجته.
وفي نطاق أفلام العنف يحيلنا «متوحش» (Savage) إلى عصابة شوارع في العاصمة النيوزيلندية وكيف ترعرع أحدهم في ظلها حتى بات من أكثر أفرادها عنفاً.
الغالب أن لا الدراما المتمثلة في «فجوة أمل» ولا العنف الآتي من نيوزيلندا سيستطيع مواجهة «تنت» أو سحب ولو جزء صغير من جمهوره المنتظر.
فيلم نولان سيجوب عواصم العالم ومدنه الكبرى خلال نهاية الشهر، قبل أسبوع من وصوله إلى موطنه الأمريكي بسبب تأخر بعض صالات المدن الرئيسية هناك في مزاولة أعمالها. هذا ما دفع المخرج نولان وشركة وورنر الداعمة لأخذ الاحتياط خشية أن يتم قرصنة الفيلم قبل وصوله إلى أمريكا وبالتالي تنفيس احتمالاته التجارية الكبيرة.

الأفلام المعروضة في فرنسا 
شهدت مدينة باريس، وباقي المدن الفرنسية، عودة زاحفة إلى صالات السينما بحيث فاق عدد الأفلام المعروضة فيها خلال كل أسبوع من مطلع شهر أغسطس 340 فيلماً من بينها نحو 80 فيلماً جديداً والباقي من الأفلام التي تلتزم العاصمة الفرنسية بها طوال السنة وفي كل الظروف.
هذا ليس غريباً على باريس التي تحرص على عرض كلاسيكيات السينما العالمية من كل حدب وصوب حتى في الظروف العادية. بذلك لم تخرج باريس عن تقليدها الرائع الذي حولها منذ زمن بعيد إلى سينماتك كامل لكل هاوٍ و«سينيفيل» يعشق الأفلام بكل أنواعها ومن جميع مصادرها.
لجانب المتوفر من أفلام أميركية (مثل «مضطرب» وفيلم الرعب «الاستئجار») تحظى الأفلام الفرنسية بنصيب الأسد.
من الفيلم الولادي «نكات توتو» لباسكال بورديو إلى فيلم الرسوم المتحركة «بيغفوت فاميلي» لبن ستاسن ومن «إيضاح التاريخ» لبنوا ديلابين إلى «أنطوانيت» لكارولين فينال إلى «أنتيغون» لصوفي ديراسب والعديد سواها.

فيلم «ابنة حسناء» (Belle Fille)

فيلم «ابنة حسناء» (Belle Fille)

هناك، أيضاً، ومنذ أيام قليلة، فيلم نال إعجاب نقاد فرنسا عنوانه «ابنة حسناء» من إخراج ميليان ماكراجي وبطولة مياو-ميار في دور الأم وألكساندرا لامي في دور الابنة. والأحداث تقع في بعض ريف فرنسا الذي يحتاج لشاشات العرض الكبيرة لكي ينعم المرء بجماله.
هل ستؤدي هذه الاندفاعة إلى إعادة توطين الجمهور في صالات السينما؟ يعتمد ذلك على البلد نفسه. الإقبال في دول أوروبا يتراوح حالياً من فوق مستوى الضعف إلى تحت مستوى القوة. في دول أخرى حول العالم، ما زال قريباً من المستوى الدوني حتى إشعار آخر.