تصادف الناس في حياتهم كلها، أو مراحل منها على الأقل، أسئلة من نوع: هل أنا محبوب من الآخرين؟ وإذا لم أكن كذلك، فما هي الأسباب، وماذا عليّ أن أفعل لأصبح محبوباً؟ يندر أن يكون محبوباً من جميع من هم في محيطه، هناك من يحبه، وهناك من لا يكنّ له نفس الشعور.
وتتفاوت درجة القبول الاجتماعي بين شخص وآخر، فلا ينال الناس جميعاً ذات الدرجة منه. وتتعدد الأسباب، وتختلف بين شخص وآخر، والتي تحدد مدى محبة الناس له، ولا يخلو الأمر من المفارقات، فما يحسبه الواحد منا صفات إيجابية فيه، قد تكون هي نفسها أسباب منفرة منه في عيون آخرين، وما أكثر ما نسمع من بعض الأفراد شكواهم من أن صراحتهم جلبت لهم «عداوات». والأمور هنا، كما في كل شيء، نسبية، فما يحسبه المرء «صراحة» في طبعه، قد يبدو نوعاً من الغلظة وسلاطة اللسان، والعجز عن مدّ جسور التفاهم مع الآخرين، بما يقتضيه من مرونة ولطف وحسن تدبير، بما في ذلك اختيار المفردات التي يوجه بها ملاحظاته لسواه، في حال لم يرق له تصرفاً أتوه، أو قولاً تفوهوا به.
تتفاوت أيضاً طبيعة النظرة المجتمعية للشخص بناء على اعتقادات أو انطباعات سائدة، فالشخص الذي هو في عيون البعض مجرد «فهلوي»، غير مكترث بالضوابط والقيم المرعية، يبدو في عيون آخرين مثال الفرد الناجح الذي يعرف جيداً كيف يشق طريقه نحو النجاح، غير آبه بما يقال عنه، أو بالانطباع السلبي الذي يراه البعض به. لكن هذا النوع من «الإعجاب» يبدو زائفاً، وينقل أحد المواقع على الإنترنت عن دراسة حديثة لجامعة تكساس قولها «إن سرّ النجاح لا علاقة له بالكذب أو بالأنانية، بل هناك عوامل أخرى كاللطف والكرم بالإضافة إلى خفة الظل»، فمثل هذه الصفات هي التي تكبر من مكانة المرء في أعين الناس، وترى الدراسة التي شملت 2751 شخصاً من 14 دولة، أن من يتحلى، إلى جانب كل هذا، بالذكاء والتفاني في العمل سيضمن احترام وتقدير محيطه الاجتماعي له. لم يفت واضعو الدراسة ملاحظة أن النساء أكثر عرضة لانتقادات المجتمع مقارنة بالرجال، خاصة مع طغيان الطابع الذكوري على الكثير من المجتمعات، كما لاحظوا أيضاً أن اختلاف الثقافات بين مجتمع وآخر يترك أثره أيضاً في طبيعة مثل هذه النظرة، فإذا كانت صفات مثل خفة الظل والفكاهة تلعب دوراً إيجابياً في صعود الفرد في بعض المجتمعات، فإنها، في مجتمعات أخرى، قرينة الخفة.