ماذا لو طلب منك تسليم هاتفك المحمول والسماح لكل من حولك بالإطلاع على كل الرسائل التي قد ترد إليه من أي مكان وفتح مكبر الصوت للاستماع معك إلى المكالمات بدون الانسحاب للرد عليها من مكان آخر؟
وما الذي يمكن أن يحدث لو أن ما بدأ كلعبة قد جرك إلى ساحة حرب يصبح هدفك فيها النجاة بنفسك من أسرارك التي كنت تظنها مدفونة وراء أسوار منيعة في الهاتف والتي ستتسبب إن كشف عنها بتدمير حياتك وهدم صوامع كنت تظنها لا تهدم؟
وهل يمكن أن يقبل أي منا الدخول في مثل هذه اللعبة وهو يدرك بأنها لن تظل مجرد لعبة في مرحلة من المراحل، وسوف تتخذ مسارات معقدة بسبب ما ستحدثه من صدمات ومواجهات ستكون هي الأسوأ بما سيحدثه انكشاف الأسرار ونتائجها التي ستعمل على تقوض عائلات، لا ذنب لها سوى كونها قد زرعت الثقة في غير محلها، ثم ارتضت السماح للجميع بانتهاك خصوصياتها؟
وهل حلت هذه الأجهزة الصغيرة محل ضمائرنا وسرائرنا؟ وهل يعني هذا بأن التكنولوجيا قد قضت على معنى الصداقة والشراكة الإنسانية وأصبح أكثر من نثق بهم هذه الأجهزة الصغيرة المحمولة التي تخفي في أعماقها أكثر مما يعرفه شركاؤنا في الحياة؟
إنه السؤال الذي طرحه المخرج الفرنسي «بيترو فالسيتشي» في فيلم «لا شيء نخفيه»، والذي يبدأ بلقاء مجموعة من الأصدقاء القدامى وشركائهم في إحدى الأمسيات لحضور حفل عشاء تستضيفه الدكتورة النفسية ماري وفنسنت وزوجها طبيب التجميل. وكان من المتوقع أيضًا حدوث خسوف نادر للقمر في نفس المساء وقد تعودوا على توثيق مثل هذه اللحظات بالتقاط صورة جماعية في كل مرة وقد قضوا مع بعضهم البعض ما يزيد على الـ35 عاماً بدءاً من مرحلة الطفولة في المدرسة إلى اليوم. وعلى مائدة العشاء و بعد سماع قصة حكاها الصديق الأعزب «بن» من منطلق الفكاهة عن امرأة اكتشفت تعدد علاقات زوجها الذي كان يحتضر في المستشفى بعد اطلاعها على الرسائل الواردة على هاتفه المحمول وغير المؤمن بكلمة سر، وانهيار هذه الزوجة التي كانت تظن بأنها قد قضت أسعد سنوات عمرها مع رجل صالح لتكتشف خيانته لها لحظة وفاته!
وتبدأ مجموعة الأصدقاء بعد ذلك في مناقشة أمور الزواج والخيانة وآرائهم حول إعدادات قفل الهاتف التي يتبعها الجميع حرصاً على أسرارهم وخصوصياتهم ومدى تقبلهم مشاركة المعلومات على هواتفهم مع شركاء حياتهم و الذين ارتبطوا بهم بناء على الحب والثقة. ولإضفاء الإثارة تقترح المضيفة ماري أن يقوموا بلعبة بسيطة ومرحة تتلخص في قيام الجميع بتسليم هواتفهم المحمولة ووضعها في منتصف المائدة التي يتناولون عليها العشاء ويتعين على أصحاب الهواتف مشاركة أي رسائل أو رسائل بريد إلكتروني أو مكالمات مستلمة على هاتف أي شخص مع جميع الحاضرين في الأمسية.
ومع تقدم اللعبة، تكشف كل رسالة أو مكالمة ضعف علاقاتهم والكذبة الكبرى التي تغلفهم وتجعلهم يعتقدون بأنهم يعرفون بعضهم البعض. كانوا طوال 35 عاماً، يعيشون في لعبة مستمرة لكننا لا نعرف في النهاية إن كانت لعبة الأمسية هي الحقيقة أو الوهم.
*الفيلم متاح للمشاهدة على Netflix