هل من الضروري تأنيث بعض الكلمات كأسماء المهن مثلاً؟
سؤال يتنازعه علماء اللغة بين مؤيد ومعارض ويحظى بمطالبة حثيثة من قبل المدافعين عن تمكين المرأة، فبماذا تقضي قواعد اللغة العربية وماذا تقول الأبحاث العلمية في هذا المجال؟
يقول علماء اللغة إن الأعمال المشتركة بين الذكر والأنثى والتي يقوم بها الاثنان يمكن أن تؤنث إذا كان الفاعل أنثى على غرار معلم/معلمة أو ممرّض/ممرّضة. أما الوظائف التي كانت مقتصرة على الذكور فهي ممنوعة على التأنيث حتى لو قامت بها المرأة على غرار «مفتش، مدير، رئيس، طيار، سفير...» وهنا بداية الظلم وليس حده الأقصى.
فثمة كلمات مشتركة بين الذكر والأنثى ويجب تأنيثها ولكن التأنيث ممنوع (لا ندري ما هو السبب) على غرار «زوج، ولد، عبوس، عجوز، أرمل»؛ حيث ترفض اللغة العربية مفردات كـ«زوجة وولدة وعبوسة وعجوزة وأرملة»، على الرغم من شيوع بعضها في الاستعمالات اليومية وحتى المكتوب منها.
ومن الاستثناءات أيضاً كلمات تستخدم لتسمية أعضاء الجسم، فمن كان منها وحيد من نوعه فهو مذكر، كالرأس والقلب والبطن... ومن كان منها أكثر من واحد فيؤنث، كالعين والأذن واليد. فهل لأن الذكر فريد من نوعه والمرأة قابلة للاستبدال بسواها؟
ولن نأتي على التوسع في مسألة تأنيث جمع أسماء الحيوانات وأفعالها... فقمة الظلم تتمثّل في منع تأنيث بعض الكلمات التي تختص بها النساء حصراً دون الذكور، على غرار «طالق، طامث، عاقر، كاعب، مرضع، ناشز، ناهد...» ولا ندري ما هو السبب...
هذا من حيث اللغة، لكن ما هو تأثير تذكير اللغة على طريقة فهمنا للعالم؟
هو سؤال عمل على الإجابة عنه كتاب بعنوان «هل يفكر الدماغ بالمذكر؟» صدر مؤخراً في فرنسا. وقد أجرى الباحثون الثلاثة (ب. جيكاكس، س. زوفري، أ. غابرييل) عشرات الاختبارات خلصوا فيها إلى نتيجة واضحة جداً وهي: أن تقول عن شخص «إنه مدير» يؤثر تماماً في الطريقة التي يرى فيها الدماغ المؤهلات المطلوبة لملء هذا المنصب.
وفي حال كان هذا المركز شاغراً وكان المطلوب تعيين شخص فيه، سيكون من الصعب على الدماغ أن يجد امرأة لشغل هذا المنصب. وتختلف المسألة تماماً إذا ما كان المطلوب «مديرة أو مدير»؛ حيث ترتفع إمكانية تسمية امرأة في هذا الموقع.
صحيح أن الكتاب منحاز تماماً لضرورات التأنيث اللغوية، لكنه يدافع عن موقفه هذا بواسطة معلومات واختبارات علمية ثابتة. ولا ننصح بقراءته لمن هو متشبث بعدم التأنيث لأن الكتاب مقنع بالكامل.