مثل كل عام، لم يمرّ موسم الجوائز الأدبية بدون لغط وتساؤلات. والجدل أمر محمود. لكن تبادل الشتائم مكروه. ويُحسب لدولة الإمارات أنها ترعى أغلب الجوائز في الأدب والصحافة.
كان الدكتور جابر عصفور يقول إننا نعيش عصر الرواية. باتت هي ديوان العرب وسبقت الشعر. إن الروايات تصدر بأكثر من قدرتنا على متابعتها. وهناك من يتندر بأن عدد الروائيين يفوق عدد القراء. وكم أشعر بالخجل من زملاء يبعثون لي إصداراتهم، سواء بالبريد أو عبر الشبكة، فتتراكم ولا أجد الوقت لمطالعتها. إن القراءة هوايتي الأولى لكن مشاغلي العائلية والعملية تفرض نفسها عليّ. كما أن الكتابة الأدبية شغفي لكن الصحافة تستحوذ على طاقتي.
لست من الحسّاد لكنني أغبط الروائي الذي توفر له زوجته كل لوازم الهدوء والتفرغ للكتابة. لن يضطر لأن يغسل ويكوي ويطبخ ويذاكر مع الأبناء. وأنا لا أعرف كاتبات كثيرات يتوفر لهن هذا الجو، باستثناء السيدة غادة السمان التي كان زوجها سنداً راقياً لها، مادياً ومعنوياً.
أزور معارض الكتب وأعود محمّلة بالدواوين والروايات وكتب السيرة. أفرح بغنيمتي وأفرد لها مكاناً في حقيبة السفر على حساب ثيابي. أقف متوترة في المطارات وأرجو أن يسامحونني في الوزن الزائد. أضع الكتب الجديدة في رف جانبي وتمر الأسابيع وهي في مكانها. أعيرها للأصدقاء يقرؤونها ويعيدونها لي على أمل أن أكمل مطالعتها. وعندي في حاسوبي كتب أخرى تنتظر.
هل عليّ أن أشعر بتأنيب الضمير؟ أسحب نفساً عميقاً وأواسي نفسي بأن العمر لم يعد يسمح بالتبديد في كل شيء. لن أفعل بعد الآن سوى ما يروق لي. سأتأخر عن بعض الواجبات العائلية وأكتفي برسالة أو مكالمة. لن ألتقي أشخاصاً يورثونني الغم. لن أقرأ سوى ما أحب وما يجذبني ويرضي ذائقتي. لست ناقدة ولا أستاذة أدب عربي. لن أجبر نفسي على الاستمرار مع كتاب يصدني من الصفحات الأولى. هل هناك من يلومني؟
الحياة متنوعة وكذلك وسائل الاطلاع والمعرفة. هناك المعارض والأسفار والأفلام وبرامج التلفزيون. أجد في بعض المجلات الأدبية متعة تغنيني وتغذي روحي. أتعلم من محرريها كيف أكتب رغم أن عمري في الكتابة نصف قرن. أشعر أن الرغبة في التعلّم تبقيني على حيلي وتجدد خلاياي وتنسيني آلام ركبتي.
لماذا أقول لكم هذا الكلام؟ إنها فضفضة تريحني ولكم الحق في قراءتها أو أن تقلبوا الصفحة.