منذ زمن بعيد، اعتاد الناس السفر لاكتشاف حضارات جديدة، ومناظر خلّابة، أما الآن، فقد أصبح الاهتمام ينصب أحياناً على نوع مختلف من السياحة، وهي سياحة التعافي أو الـ«ويلنس»، وهي صناعة سريعة النمو، ومن المتوقع أن تستمر في الازدهار في السنوات المقبلة، خصوصاً مع ازدياد وعي الناس بأهمية الصحة والرفاهية، حيث سيستمرون في البحث عن وجهات سياحية تُلبي احتياجاتهم.
أكد العديد من المسافرين أن السياحة العلاجية، ليست مجرد عطلة، بل هي أسلوب حياة، فمن خلال الاستثمار في الصحة، يتمكن الإنسان من الاستمتاع بحياة أكثر سعادة وإنتاجية، ففي ظل ضغوط الحياة العصرية يبحث المسافرون عن ملاذ يجمع بين الاسترخاء، والتنشيط، وفرصة تحسين صحتهم، الجسدية والنفسية.
وتلبّي سياحة التعافي هذه الاحتياجات من خلال توفير تجارب متنوعة، تشمل منتجعات صحية، رحلات طبيعية، جلسات تأمل، برامج التخلص من السموم، وكي يتمكن المسافر من الاستمتاع بتجربة سياحية علاجية ناجحة، التقينا عدداً من خبراء السفر المتخصصين في السياحة العلاجية، وقدموا عدداً من النصائح والتجارب التي يمكن أن تحسّن من تجربتهم العلاجية، خصوصاً أن الآونة الأخيرة شهدت تركيزاً كبيراً، من أغلب دول العالم، على تخصيص منتجعات، وتجارب للارتقاء بهذا النوع من السياحة، خصوصاً أن رحلات السفر في حد ذاتها مجهدة، ويشعر الناس عادة برغبة في الاسترخاء والراحة بعد العودة إلى الوطن، لذلك باتت المنتجعات التي تشمل برامج التعافي هي الاختيار الأمثل للأشخاص الذين يعانون الإجهاد والإرهاق طوال العام.
العلاج والاسترخاء في الطب الإسلامي
في هذا الإطار، تقول بيبي لوكات، أخصائية الطب العربي الإسلامي التقليدي «يتربّع الطب الإسلامي على قمة العلاجات التي تجذب الناس من مختلف دول العالم لمنطقة الشرق الأوسط، فهي تساعد على تخليص الجسم من السموم، والآلام المزمنة، بطرق تقليدية وآمنة، ونحن بدورنا في منتجع زلال، في المنطقة الساحلية في الطرف الشمالي لدولة قطر، نجمع بين الفلسفة الشاملة للطب العربي الإسلامي التقليدي (TAIM) والعلاجات والممارسات الصحية الحديثة من خلال شيفا-سوم، حيث يخوض السائح رحلة الصحة الشخصية، من حيث تجديد العقل، والجسد، الروح، عبر أساليب الطب العربي الإسلامي التقليدي.
وهذا النوع من التجارب الصحية الإسلامية تجذب السياح لمنطقة الشرق الأوسط. لذلك، دفعنا الإقبال إلى تخصيص نوعين من برامج العافية، الأول يسمى «زلال سيرينيتي» يتيح للسائح رحلات صحية تأملية وإدراكية، و«زلال ديسكفري» وهي تجربة عائلية، تتيح لهم إعادة التواصل مع أنفسهم، واستكشاف طرق الاستمتاع بنمط حياة صحي، بالاستناد إلى الطب العربي والإسلامي التقليدي، ومع الاستعانة بالتراث الثقافي والعلمي والفلسفي.
من خلال استخدام أكثر من 250 عشبة طبية من أجل توجيه الضيوف إلى اختيار البرامج الملائمة، وتزويدهم بتوصيات حول نمط الحياة والعلاجات العشبية الأنسب للحفاظ على التوازن، كما تشمل بعض علاجات الطب العربي الإسلامي التقليدي الحجامة، ومساج البطن، والمساج القطري التقليدي (الأنسجة العميقة)، إضافة لمجموعة من العلاجات الروحية التي تتيح لهم التواصل مع أنفسهم، وعائلاتهم، والطبيعة».
فحوصات للحمض النووي
وقد أوصى خبراء العافية في زلال بإجراء فحص الجينوم، ينطوي على تحليل الحمض النووي للشخص لتحديد كيفية تفاعله مع عوامل نمط الحياة المختلفة، فمن خلال هذا فحص «فايتال» يتم التعمّق في الملف الغذائي، ومعرفة دور الجينات في تحديد تأثير الغذاء في الجسم والصحة، لتحقيق أهداف اللياقة البدنية، أو الأداء الرياضي، وفحص «لونجيفيتي» لتقييم مخاطر الأمراض المزمنة، فالتدخل المبكر، والوقاية، هما أمران حاسمان للحفاظ على الصحة المثالية.
ويمكن من خلال فحص الحمض النووي تحديد المتغيرات الجينية المرتبطة بزيادة خطر الإصابة بالأمراض المزمنة الشائعة، مثل السرطان، والسكّري، وأمراض القلب، وبدورهم يستخدم الأخصائيون في المنتجع هذه البيانات الشخصية لتحديد طرق مختلفة يستطيعون من خلالها تحسين مظهرهم الخارجي، وكيفية التحكّم في مشاعرهم، ونوعية حياتهم بشكل عام.
تجارب عافية تحويلية مبتكرة
وحول سياحة العلاج التقليدية المستوحاة من الطبيعة التايلاندية، يقول براتيك كومار، نائب رئيس أول للعمليات في منتجعات وفنادق دوسيت، «السائح اليوم يحرص على استغلال رحلته السياحية لتحسين صحته، البدنية والعقلية، خصوصاً الأشخاص الذين يتعرضون لضغوط العمل، ونحن بدورنا كقطاع سياحي نتيح لهم إبطاء وتيرة حياتهم، والاستمتاع بفرصة إعطاء الأولوية لصحتهم، واستكشاف تجارب عافية جديدة خلال عطلتهم السنوية.
على سبيل المثال نعمل في منتج «ديفارانا ويلنس» على مزج ممارسات العلاج التايلاندية القديمة، مع مفاهيم العافية المبتكرة، فلدينا تجارب تعافٍ تحويلية تعتمد على منهجية التباطؤ المتجذرة في ثلاثة مبادئ رئيسية، وتشمل هذه الأنشطة «التوقف المؤقت» منها اليوغا، والتأمل، وتمارين التنفس، والأدوية العشبية التايلاندية، والأنشطة التي تعزز المرونة العاطفية، «التركيز» الذي يشمل قوائم طعام مخصصة وأنشطة للياقة البدنية والحركة التي تعزز الحيوية البدنية، و«النمو».
المنتجعات الصحية تزيد من الإقبال السياحي
من جهتها، قالت مريم الكتبي، من قسم الفنون والثقافة في دائرة التنمية السياحية في عجمان، إن الإقبال السياحي زاد بعد افتتاح «منتجع زويا الصحي» في منطقة الزوراء، حيث يُرافق الزوار خبراء مدربون بإتقان في رحلة صحية شاملة تتجاوز حدود المنتجع. ويستمد العلاج إلهامه من الطقوس المحلية، والممارسات التقليدية المأخوذة من جميع أنحاء العالم، حيث يُخصص كل علاج بعناية وفقاً لاحتياجات الضيف لتقديم تجربة سبا فريدة، وأصيلة.
العلاج بالصوت
وفي مركز «شيك 123 » عبّرت سارة جون عن خوض تجربة العلاج بالصوت في دبي، وهي من الأمور التي أسهمت في تحسين حالتها المزاجية، حيث تساعد الترددات الصوتية التي تستخدم خلال الجلسة العلاجية على تهدئة العقل وتخفيف هرمونات التوتر، حيث يمكن للأصوات التأثير في الجهاز العصبي، ما يؤدي إلى تحسين وظائف الجسم المختلفة، وهذا النوع من التجارب تضعها النساء أكثر من الرجال ضمن خطتها السياحية، خصوصاً في الإجازات الطويلة، لذلك يبحثن عنها في الدول التي يقررن السفر إليها، وتكون من العوامل الجاذبة للسفر، أو للوجهة المفضلة، لقضاء إجازة صحية ومتكاملة، خصوصاً أن بعض الرحلات تستهلك طاقة الإنسان بين التسوق، والتجول، واستكشاف مناطق جديدة.