25 نوفمبر 2024

تاريخ غرناطة وفخامة Palacio Gran Via, a Royal Hideaway يعزفان سيمفونية استثنائية

مترجم عراقي للغتين الفرنسية والإنجليزية، أمضى أكثر من 25 عامًا في ترجمة وإعداد التحقيقات في كافة المجالات

مجلة كل الأسرة

غرناطة درّة الأندلس، مدينة تأسرك أولاً بتاريخها الغني، وجمالها، وطبيعتها، وأجوائها الفريدة، وكذلك بشاشة أهلها، وابتسامتهم، والودّ الذي يستقبلون به الزوار والسيّاح، من كل مكان في العالم.. حالما تطأ قدماك غرناطة ستطلب منك المدينة الاسترخاء، وتدع لها مهمّة «تدليلك» بمزيج رائع من الثقافة، والهندسة المعمارية، والمناظر الطبيعية، والأسواق الأندلسية، وتقدم لك فرصة لا مثيل لها، للعيش في ماض مجيد، والتنزه في حاضر بديع.

سحر غرناطة وأساطيرها

غرناطة واحدة من المدن القلائل في العالم التي صُممت كي تستكشفها سيراً على الأقدام. فشوارعها الضيّقة ومساراتها، تنساب بهدوء ووداعة، تجعلك تمشي من دون أن تشعر بتعب، أو ملل، لأنها مملوءة بمناطق توفر لك إطلالات خلّابة تتيح لك اكتشاف المدينة، وأماكنها الخفيّة. في كل زاوية منها هناك ما يجذب الأنظار، ويستحق التصوير، والتسجيل، حتى الصعود إلى قصر الحمراء يمثل تجربة لا تنسى، حيث الحدائق، والنوافير، والمباني التاريخية، تستقبلك فاتحة ذراعيها بالترحيب على جانبي الطريق، وتناديك لتقف أمامها تستحضر ماضيها، وتراقب تفاصيل ما وصلت إليه.

غرناطة مدينة مملوءة بالتاريخ والأساطير، حيث ترك المسلمون، والمسيحيون، واليهود، بصماتهم على أرضها، يتردّد صداها في شوارعها، وأزقتها، وتسمع همساتها المتجوّلة منذ قرون، لذلك من الشائع جداً أن يحكي لك السكان المحليّون قصصاً وحكايات عن مبانٍ، وآثار، وتقاليد، وحتى ألقاب، وكلمات مقتبسة من التراث الإسلامي، والعربي.

فندق Palacio Gran Via, a Royal Hideaway سيمفونية من التاريخ والفخامة

سواء كنت تبحث عن ملاذ رومانسي، أو إجازة عائلية، أو رحلة عمل، يوفر لك فندق Palacio Gran Vía، a Royal Hideaway تجربة من المؤكد أنك لم ترَ شبيهاً لها. يقع في قلب مدينة غرناطة بإسبانيا، ويقدّم مزيجاً ساحراً من العظمة التاريخية، والفخامة الحديثة، والضيافة التي لا مثيل لها. هذا المكان الرائع هو شهادة على التراث الثقافي الغني للمدينة، والبراعة المعمارية، ويدعو الضيوف إلى الانغماس في عالم من الأناقة الراقية، والسحر الخالد.

تعود أصول الفندق إلى أوائل القرن العشرين، وبالتحديد عام 1905، عندما كان مبنى يشغله بنك رودريجيز أكوستا المرموق. تم ترميم هذا المبنى الرائع بعناية شديدة، فأصبح معلَماً رئيسياً لاندماج الهندسة المعمارية، القديمة والحديثة، وتحوّل إلى ملاذ لعشاق الفخامة والرّقي. عندما تخطو عبر مدخله الفخم، تشعر كأنك قد ولجت بوابة عصر مضى، حيث تكثر التفاصيل الدقيقة التي حافظت على عبق الماضي، وتتوزع في أرجائه ذكريات أصل المبنى، من خزنات حديدية، ومفاتيحها، ومحتوياتها الأصلية إلى نوافذ خدمة العملاء، وأمين الصندوق، مروراً بالنوافذ المشغولة بفنون ما قبل أكثر من مئة عام.

يُعد التصميم الداخلي للفندق تحفة فنية بحدّ ذاته، فهو يمزج بشكل سلس بين وسائل الراحة المعاصرة، والأناقة التاريخية. وتوفر الغرف والأجنحة الفسيحة، والمجهزة بأناقة، إطلالات خلّابة على المدينة، بما في ذلك الوقوف أمام قصر الحمراء الشهير، والكاتدرائية المهيبة. كل غرفة هي ملاذ للهدوء، مزيّنة بمفروشات رائعة، وبياضات أسِرّة فخمة، ووسائل راحة حديثة.

ولعشاق التفرّد في التجربة، يقدّم الفندق لهم أرائك الاسترخاء والتشمّس على سطح الفندق، وهم يمتعون أنظارهم بإطلالة بانورامية خلّابة على قصر الحمراء التاريخي العريق، والكاتدرائية الواقعة قبالة الشارع، وكذلك حي البيازين التراثي، وبيوته البيضاء، وبإمكانهم أيضاً تناول وجبة فطور لا تصدّق على سطح الفندق، مع شروق الشمس على قصر الحمراء.

موقع مميّز.. لا حاجة لسيارة للتنقل

يوفر فندق Palacio Gran Vía،a Royal Hideaway موقعاً مميّزاً ومبهراً للغاية، في قلب غرناطة تماماً، من حولك، وعلى بعد خطوات قليلة جداً مناطق الجذب الأكثر شهرة في المدينة. يقع قصر الحمراء، أحد مواقع التراث العالمي «لليونيسكو»، على بعد مسافة قصيرة سيراً على الأقدام، في حين يمكن الوصول، بسهولة، إلى حي البيازين الساحر، بشوارعه الضيّقة المتعرّجة، وهندسته المعمارية المغاربية، ويتيح لك موقع الفندق قاعدة مثالية لاستكشاف الريف المحيط، بما في ذلك جبال سييرا نيفادا المذهلة.

ملاذ للاسترخاء واستعادة النشاط

بعد يوم من استكشاف المواقع التاريخية في المدينة، يمكنك الاسترخاء في سبا الفندق الفاخر. استمتع بمجموعة من العلاجات المجدِّدة للنشاط، بما في ذلك التدليك، وعلاجات الوجه، وتقشير الجسم، على يد محترفين مهَرة. كما يمكنك الاستلقاء في المسبح الداخلي داخل قبو يجعلك تنسى يومك، وتحلّق بعيداً لتعود إلى قرن مضى.. ما عليك سوى إغلاق عينيك.

أطباق أندلسيّة ونكهات مبتكرة

الأطباق التي يقدّمها الفندق مثيرة للإعجاب حقاً، فهي مجموعة متنوّعة من خيارات تناول الطعام لإرضاء كل الأذواق، ومزيج شهيّ من المطبخ الأندلسي التقليدي، والنكهات العالمية المبتكرة، حيث تخلق الأجواء الأنيقة للمطعم، إلى جانب الطّهاة الموهوبين، تجربة طعام لا تُنسى. كما نجد في غرناطة المقاهي والمطاعم على الطراز الإسلامي، والتي تقدّم وجبات كثير من البلدان، ليكون مزيج تذّوق النكهات متناسقاً مع مزيج الحضارات والثقافات في هذه المدينة.

قصر الحمراء.. حكايات ألف ليلة وليلة

قصر الحمراء هو قلب غرناطة النابض بالحياة، والقصص، والعمارة المدهشة، وروعة الأندلس، يقف شامخاً ومحصّناً، بجدرانه وبواباته، على تلّة مشرفة على كل غرناطة. إذ يُعد هذا القصر، المُدرَج ضمن مواقع التراث العالمي «لليونيسكو»، تحفة فنية من روائع العمارة الإسلامية، بساحاته وأفنياته، وممرّاته، وغرفه المزيّنة بالجص، والفسيفساء..

في كلّ زاوية، وجدار، ونافذة، تستشعر الماضين وترى عبقريّة التصاميم، وتستحضر مشاهد من ليالي الألف ليلة وليلة، وتنتشر بين جنباته الحدائق الغنّاء، بمسابحها، ومساراتها، ونافوراتها لتضيف جمالاّ إلى جمال.

مجلة كل الأسرة

حي البيازين وشوارعه الضيّقة

البيازين، حي أندلسي، من أقدم أحياء غرناطة، أُدرج في عام 1994 على قائمة التراث العالمي «لليونيسكو»، يتميّز بمنازله المطليّة باللون الأبيض، وباحاته وواجهاته المملوءة بالزهور، وإطلالته الرائعة على قصر الحمراء، وهو عبارة عن متاهة من الأزقة الضّيقة، والمتعرّجة، والمتداخلة للغاية، فإذا لم تعرف وجهتك ستضيع حتماً داخل هذه المتاهة.

وعلى الرغم من ذلك، فإن حيّ البيازين من أروع الوجهات التي يقصدها السيّاح والزوار، لأن يمنحهم فرصة فريدة من نوعها للعودة بالزمن، والاستمتاع بأجواء الأندلس في العصور الوسطى.

ساكرومونتي.. والفلامينغو

حيّ آخر من أحياء غرناطة، التراثية والتاريخية، يقع قبالة قصر الحمراء، وهو مكان قليلاً ما تجد نظيراً له في العالم، بسِماته، وتفاصيل تاريخه، وحاضره. كانت منازله عبارة عن كهوف محفورة في الصخور بشكل عجيب، وظلّت موطناً للغجر لقرون عدّة.

في الوقت الراهن، تحوّلت هذه الكهوف إلى متاحف، أو متاجر، أو منازل، وكذلك أماكن تقدم عروض الفلامينغو التقليدية الشهيرة، التي تُعد واحدة من أشهر معالم غرناطة، حيث الموسيقى التراثية، والرقص بالنقر بالأقدام على وقع الألحان، بطريقة محترفة للغاية.

أسواق أندلسية وعصرية

بين أكثر ما يشدّ انتباه وإعجاب زوار غرناطة، هي تلك الأسواق العتيقة التي تفتح لهم باب الانغماس في سنوات الأندلس، بطرازها المعماري، ونقوشها اللافتة، وشوارعها الضيّقة، ومقاهيها، ومطاعمها بطراز إسلامي، ومتاجرها التي تفوح منها روائح الأعشاب، وتتناثر على رفوفها الهدايا والتذكاريات التي تحمل رموز المدينة، على مدار تاريخها.

ولمن يرغب في المتاجر العصرية، سيجد في شوارع غرناطة ضالّته، بين ماركات عالمية شهيرة، وأخرى إسبانية حصراً، موزعة في الشوارع التجارية، وداخل مراكز تسوّق كبيرة، مثل «نيفادا مول».

غرناطة.. طبيعة ألهمت الفنانين

من يزُر غرناطة سيكتشف سبب جذبها للفنانين من مختلف ميادين الفن، وجماليّاته، فالمدينة واقعة في قلب سلسلة جبال سييرا نيفادا، التي تُعد واحدة من أعلى سلاسل الجبال في أوروبا، لذلك بإمكان عشاق الطبيعة السير فيها لمسافات طويلة، والاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة، أو التزلّج في فصل الشتاء. وتوفر البحيرات، والغابات، والقرى، على قمم التلال في غرناطة، وجهة مثالية للاستشفاء النفسي، وإعادة شحن بطارية الذهن. لقد ألهمت غرناطة العديد من الفنانين، والكتّاب، والموسيقيّين، وتغنّى بجمالها الشاعر الأندلسي فريدريكو غارسيا لوركا، الذي قال «أتوق إلى أن أصعد جدران غرناطة.. كي أرى القلب الذي اخترقه خنجر الماء». كما وجد المعماريون فيها مصدراً لا ينضب من الإلهام، يستمدّون منه روائع رسومات الطبيعة، والهندسة المعمارية. ولا تزال غرناطة حتى يومنا الحاضر تسحر وتجذب المبدعين، من كل مكان في العالم.

المسجد الجامع بغرناطة.. منارة للنهضة الإسلامية

يقع المسجد الجامع  في قلب مدينة غرناطة، ويمثل شهادة حيّة على نهضة الإيمان والثقافة الإسلامية، في مدينة كانت ذات يوم معقلاً للحكم الإسلامي. ويمثل هذا المسجد الرائع، الذي افتتحه عام 2003، صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وهو أول مكان عبادة تم بناؤه للمسلمين في غرناطة منذ خروج المسلمين منها عام 1492.

يعكس تصميم المسجد الزخارف الإسلامية التقليدية، مع قاعة صلاة، وحديقة هادئة، ومركز للدراسات الإسلامية، يضم مكتبة، وقاعة مؤتمرات، ومساحة للمعارض، ومنطقة استقبال، ما يعزز النموّ الفكري، والروحي.

وإلى جانب أهميته الدينية، يوفر مسجد غرناطة إطلالة خلّابة على قصر الحمراء، وجبال سييرا نيفادا. وتوفر الحديقة المزيّنة بالنباتات المتوسطية ملاذاً هادئاً، للزوار والمصلّين، على حدّ سواء.

لم يعمل إنشاء المسجد على تنشيط الوجود الإسلامي في غرناطة فحسب، بل يعمل أيضاً كجسر بين الثقافات، ويعزّز التفاهم والتسامح.