حول سماع الموسيقى قبل النوم اختلفت الآراء، بين قائل إنّ ذلك مفيد لتهدئة الأعصاب، وجعل الولوج في النوم سلساً، وبين قائل بالعكس من ذلك، إنّ من يسمعون الموسيقى قبل الخلود إلى النوم يستمر دماغهم في معالجة تلك الألحان، حتى وهُم نيام، ما ينعكس سلباً على نوعية نومهم، وأفادت دراسة مختصة حول الموضوع، بأن ربع الذين شملتهم الدراسة ممن يسمعون أغاني قبل النوم، كانوا يستيقظون أثناء الليل وألحان هذه الأغاني عالقة في رؤوسهم.
نشأنا نحن، ومن بعدنا أولادنا، في طفولتنا الأولى، وقبلنا أسلافنا أيضاً، على ما يُعرف بالهدهدة المساعدة على النوم، وفي زمننا باتت أغانٍ بعينها مخصصة للأطفال، أو أنّ موسيقاها هادئة جالبة للاسترخاء، حتى لو كانت في الأصل للكبار، وسيلة تستخدمها الأمّهات، من خلال التسجيلات، للغاية ذاتها، أي المساعدة على تسريع نوم أبنائهن، وبصفة عامة، فإنّ هناك انطباعاً بأنّ الاستماع إلى الموسيقى قبل النوم يساعد على الاسترخاء، وسرعة النوم، وتحسينه، وتنقل إحدى الدراسات أن الاستماع إلى الموسيقى الهادئة لمدة 45 دقيقة قبل النوم، أدّى إلى سرعة النوم، وزيادة كبيرة في مدّته، وانخفاض عدد مرّات الاستيقاظ أثناء الليل.
لكن الباحثين يعتقدون أن بعض أنواع الموسيقى ليست مفيدة للنوم؛ فالاستماع للموسيقى الصاخبة للغاية، أو ذات الإيقاع السريع، قد يُصعّب الدخول في النوم، لذلك يوصَى بأن يختار الناس موسيقى بطيئة، وهادئة، ومن دون كلمات للحصول على أفضل النتائج.
وكما في كل شيء، فإنّ الأمور نسبية، فالاستماع إلى الموسيقى إذا كان جالباً للاسترخاء عند البعض، قد يكون فعلاً باعثاً على اليقظة، لا على النوم المنشود، عند آخرين، لكن المدهش هو ما يقال من أن ما يقرب من ثلث الأغاني التي يستخدمها الناس للنوم ليلاً، هي ذات طاقة عالية جداً، ففيما يفضل البعض الخصائص المتوقعة لموسيقى النوم، مثل الإيقاع البطيء، والصوت الخفيف، يبدو أن تفضيلات الموسيقى الفردية لها القدر نفسه من الأهمية عندما يختارها الناس لاستخدامها للنوم، حيث يفضل البعض الموسيقى السريعة لمساعدتهم على النوم.
وجد تحليل لأكثر من 225000 مقطع صوتي من قوائم التشغيل المتعلقة بالنوم، أنّ 31٪ من الأغاني نشطة بشكل غير متوقع، وأسرع في إيقاعها، وتفوق هذه الأغاني في عددها الأغاني الهادئة، والبطيئة، والتي غالباً ما تكون غير متوقعة، فالكثير من الناس ما زالوا يفضلون شيئاً أكثر حيوية، ما أوقع الباحثين الذين أجروا دراستهم حول أغانٍ تأمّلية، أو أصوات طبيعية، أو مسارات موسيقية، في حيرة حول ما إذا كانت الأغاني الأسرع والأكثر هزّاً التي اعتاد الناس التعلق بها تجعلهم مستيقظين، أو تساعدهم، بالفعل، على النوم، مع ترجيح، أو مجرد اعتقاد للدقة، من أنه حتى موسيقى الروك، أو فرق الحفلات، إذا كان الناس يعرفونها جيداً، قد تجعل الناس في حالة مزاجية جيدة، ما يصرفهم عن ضغوط اليوم، لذا فهم مستعدون للنوم. وينقل عن كبيرة مُعدّي الدراسة التي خلصت إلى ذلك، وهي باحثة في مركز الموسيقى في الدماغ بجامعة آرهوس، في الدنمارك، أنّه إذا كنت تستمع إلى أغنية بوب، أو روك سريعة تعرفها جيداً، فيمكن التنبؤ بها، لذا قد تساعدك على الاسترخاء.
حسب هذه الدراسة أيضاً، فإنّ الشخص الميّال لسماع الموسيقى بوتيرة سريعة، وبألحان محدّدة، عرضة للإصابة بما يُعرف «متلازمة الأغنية»، التي يقصد بها التكرار التلقائي للموسيقى، وهي متلازمة تطال، فيمن تطال، سامعي الموسيقى قبل النوم.