قادته رغبته في إضفاء لمسة فريدة على منزله إلى خوض تجربة غير تقليدية ليتعلم أسرار زراعة الحدائق بعد أن واجه صعوبة في الوصول إلى الخيارات التي تلبّي طموحاته. ومع كل عمل أنجزه اكتسب مصمم الحدائق جمال المطري المزيد من الخبرة والمعرفة ليتمكن من تطوير رؤية فنية تجمع بين الجمال الوظيفي والبساطة الأنيقة.
بدأ جمال المطري رحلته في مجال تنسيق الحدائق كهاوٍ، لكن سرعان ما تحولت هذه الهواية إلى شغف عميق قاده نحو الاحترافية، لتصبح مهنة متكاملة وجزءاً لا يتجزأ من حياته امتدت على مدار 12 عاماً، يقول: «كل شيء بدأ مع مشروع بناء منزلي الخاص، كنت أريد أن أضيف لمسة مميزة للمنزل الذي سأعيش فيه، أدمج فيه بين الجمال الطبيعي وأجواء الراحة والهدوء، كانت الأشجار الخضراء وأصوات الماء المحرك الأساسي لهذه الفكرة، لكن عدم وجود جهة متخصصة تلبي طموحاتي قادني للبحث عن حلول وتنفيذ تصاميم خاصة مستعيناً بثلاثة أشخاص بعد انسحاب الشركة التي كانت تعمل على تنفيذ الحديقة».
تناغم مثالي لتصميم الحدائق
مع مرور الوقت تحولت محاولات المطري الشخصية إلى تجارب مملوءة بالمعرفة والممارسة التي صقلت مهاراته وطورت من رؤيته في هذا المجال، يقول: «اكتشفت أن تنسيق الحدائق ليس مجرد ترتيب النباتات والأشجار، نما هو فن يحتاج إلى تخطيط وذوق وفهم لعناصر الطبيعة».
لم تبق موهبة المطري مقتصرة على تصميم مساحته الخاصة، وبدأ باستقبال طلبات من الأقارب والأصدقاء الذين وجدوا في عمله لمسة فريدة ومختلفة، لتتوسع دائرة عمله التي أصبحت أكثر احترافية، يقول: «مع كل مشروع جديد، يزداد شغفي بهذا المجال وتزداد معه قدرتي على تقديم تصاميم تجمع بين البساطة والجمال، مع الاهتمام بالتفاصيل الدقيقة التي تمنح لكل مشروع طابعه الخاص».
يفخر المطري بهذه الرحلة التي بدأت بخطوة عفوية قبل أن تتحول إلى مسيرة مهنية ناجحة تكللت بتأسيس شركته Perfect Landscaping الخاصة بتصميم وتنفيذ الحدائق والإشراف عليها، مؤكداً: «شغفي بالطبيعة يتجدد مع كل مشروع جديد، وهدفي هو خلق مساحات تمنح الناس شعوراً بالراحة والتوازن؛ لأني أؤمن أن الطبيعة قادرة على تحسين المزاج».
خلال الممارسة، اكتسب المطري الكثير من المعلومات المهمة عن النباتات، بدءاً من فهم خصائصها وصولاً إلى الاهتمام والعناية بها، يقول: «في البداية، لم أكن أملك المعرفة الكافية في هذا المجال، لكن مع مرور الوقت والتعمق في العمل، بدأت أتعلم بشكل عملي؛ حيث لم يكن الأمر مجرد قراءة أو دراسة نظرية، بل تجربة مباشرة من خلال متابعة الزراعة يومياً والتفاعل المباشر مع النباتات»، مؤكداً أن العامل الأهم في نجاح الزراعة يكمن في «الاختيار الصحيح للنباتات».
ويضيف: «يتطلب تصميم الحدائق واختيار النباتات المناسبة فهماً عميقاً للبيئة المحلية والغرض من الزراعة، لتنمو بشكل جيد وتحقق النتائج المطلوبة، فالزراعة فن يعكس شغف التعلم والتجربة، وكلما كان الشخص يملك الرغبة في فهم التفاصيل والتعلم من الطبيعة، تمكن من تحقيق نتائج مرضية، وبالنسبة لي التعامل مع النباتات رحلة مستمرة من الاكتشاف والإبداع». كما يشير إلى أن «عملية اختيار النباتات فن يعتمد على التخطيط الدقيق ومعرفة احتياجات كل نبات ومدى ملاءمته للبيئة؛ لذلك يجب أن تكون الخطوة الأولى عند اختيار النباتات تحديد الهدف الأساسي من الزراعة، هل الحصول على إنتاج غذائي؟ أم أن الهدف تجميلي لإضفاء جمال وحيوية على المكان؟».
عوامل أساسية لاختيار النباتات
يوضح: «اختيار النباتات يتطلب معرفة دقيقة بخصائصها واحتياجاتها خاصةً في بيئة دولة الإمارات، هناك نباتات تحتاج إلى الكثير من الشمس، وأخرى تفضل الظل، كما أن نوع التربة والمناخ وكمية المياه المتوفرة عوامل أساسية يجب أخذها في الحسبان عند اختيار أي نبات. وفي ما يتعلق بالأشجار المثمرة، يجب اختيار الأنواع التي تناسب المناخ المحلي وتوفر إنتاجية عالية، مثل أشجار المانجو والتين والليمون، لكن نجاحها بالتأكيد يعتمد على توفير الري المناسب والتسميد الجيد، أما بالنسبة لنباتات الزينة، فاختيارها يعتمد على الدور الذي ستؤديه في الحديقة، فالجهنمية، على سبيل المثال، نبات متعدد الاستخدامات، يمكن استخدامه لتزيين الجدران والأسوار بفضل أنواعها المتسلقة، أو لإضفاء حجم وعمق على الحدائق، كما أنها تزهر بألوان متعددة تضيف تنوعاً بصرياً للحديقة، أما نخيل الزينة الواشنطونيا فهو يتميز بمرونته وتنوع أشكاله، حيث يمكن استخدام الأنواع الطويلة أو القصيرة وفقاً لتصميم الحديقة، كما أنها تضيف لمسة استوائية مميزة مع سهولة الاهتمام بها».
* تصوير: السيد رمضان