هي رحلة عبر الزمن، وتماسّ مع سحر الطبيعة، وعبق الحياة البرية. هنا، في سفاري الشارقة، أكبر وجهة سفاري في العالم خارج إفريقيا، نخوض رحلة التوازن البيئي، واستكشاف قصص التكيّف لحيوانات مهدّدة بالانقراض، واستحداث ملاذ آمن لها في هذا المكان الشاسع.
وإن بات معروفاً أن سفاري الشارقة في محمية البردي تنقلك عبر 12 بيئة مختلفة تحاكي الموائل الطبيعية للقارة الأفريقية، فاللافت أن بعض الحيوانات باتت تحمل أسماء مرتبطة بجغرافيا المكان، أو الميلاد، ما يبلور جهود سفاري الشارقة في تأهيل البيئة، وزيادة أعداد الحيوانات، ويجسد رسالة أمل بأن الطبيعة يمكنها أن تزهر في حال وجدت من يوليها الاهتمام.
تحتضن تلك البيئات، انطلاقاً من منطقة «إلى أفريقيا»، «زنجبار»، خليج الدابرا، ومروراً بمناطق الساحل، والسافانا، وسيرنجيتي، وصولاً إلى «نقورونقورو»، وموريمي، ووادي النيجر، والغابة الشوكية، أكثر من 120 نوعاً من الحيوانات التي تعيش في أدغال أفريقيا، وما يصل إلى 50000 حيوان، تتنوع بين الطيور، والزواحف، والثديّيات، وحيوانات مهدّدة بالانقراض، وأنواع نادرة منها مثل الغوريلا، والشمبانزي، إلى طيور الفلامنغو، والكركي، حيث يمكنك تأمل جمال هذه الطيور وهي تتغذى وسط الطبيعة الهادئة، كما تتعرف إلى المها العربي، والزرافات، وغيرها.
في جولتنا، تلفتنا منطقة «النقورونقورو»، وجهة ساحرة تحمل عبق أفريقيا وأساطيرها، نخوض معها رحلة فريدة إلى أعماق أفريقيا من دون مغادرة الإمارات، وتتجلى فيها جماليات الحياة البرية بأبهى صورها. المسارات هنا ليست مخططة مسبقاً، بل تتبع إيقاع الحياة البرية، تماماً كما في أفريقيا. تندمج الأجواء المناخية مع البيئة الطبيعية، لتجسد تجربة تنقل الزائرين إلى براري أفريقيا، حيث الحيوانات تتحرك بحرية تامة، كأنها في موطنها الأصلي.
تتنوع بيئات السفاري، إلا أن ما يمكن التركيز عليه هو حكايات بعض الحيوانات التي تعيش في سفاري الشارقة، ومنها:
جيريمي.. الصامد
في أعماق السفاري، يبرز جيريمي كرمز للصمود. فمنذ انضمامه إلى المحمية عام 2016، بقي وحيد القرن الأسود جيريمي أندر حيوانات سفاري الشارقة، وحيداً، لكونه الحيوان الوحيد من نوعه في السفاري. يمثل وضعه تذكيراً حياً بالتحديات التي تواجهها الأنواع المهدّدة بالانقراض، مع جهود سفاري الشارقة لحماية هذا النوع الفريد، وتوفير بيئة تحاكي موطن جيريمي الطبيعي. فتعزيز فرص بقائه يرتبط بطبيعة تكاثره، حيث إن فترة الحمل تستمر نحو 15 إلى 16 شهراً، وتتسم بنمط بطيء للتكاثر، لكون الأنثى لا تتزاوج مرة أخرى إلا بعد أن يصبح صغيرها مستقلاً، إلى جانب التحديات التي تواجه هذا الحيوان، مثل الصيد الجائر، وفقدان الموئل.
غزال الشنقارة
مع كل خطوة، يكتشف الزائر مزيجاً مدهشاً من التنوع البيولوجي، والانسجام الطبيعي. ومن بين الحيوانات المميّزة في السفاري يبرز غزال الشنقارة، الذي أُرسل كهدية من الهند عند افتتاح السفاري. هذا الغزال تأقلم مع مناخ الشارقة، ليصبح جزءاً لا يتجزأ من هذه البيئة الفريدة، فهو يجسد تداخل التراث الأفريقي والهندي مع جمال الصحراء الإماراتية، وتتركز أبرز خصائصه في السرعة الفائقة في الجري التي تصل إلى 80 كلم في الساعة، وقدرته على تمويه لونه للبقاء في أمان، بعيداً عمّن يفترسه.
وحيد القرن الأبيض
وحيد القرن الأبيض، أحد أبرز رموز الحياة البرية في أفريقيا، والمهدّد بالانقراض، يختال في سفاري الشارقة بهدوء، وروية، حيث وجد فيها ملاذاً آمناً.
خلال الجولة، يلفت دليل السفاري الأنظار إلى هذا الكائن المهيب الذي أصبح رمزاً للصراع من أجل الحفاظ على التنوّع البيولوجي.
تعود تسمية وحيد القرن الأبيض إلى خطأ في الترجمة من كلمة هولندية تعني «عريض»، وبالتالي، الاسم لا يرتبط بلونه، بل بفمه العريض الذي يُستخدم لاستهلاك الأعشاب بشكل فعّال، ويثير إعجاب الزوار بشكله المميّز. لكن حكاية وحيد القرن الأبيض لا تتوقف هنا، إذ أصبحت قرونه هدفاً لأطماع البشر بسبب قيمتها الباهظة في الأسواق السوداء، بخاصة في أفريقيا.
«سمرة» و«البردي» و«طرثوث»
وتُعد منطقة السافانا في سفاري الشارقة واحدة من أبرز المناطق، وأكثرها اتساعاً، حيث تربط بين مختلف البيئات المحيطة، وتعكس التنوع الطبيعي الغني الذي تشتهر به القارة الأفريقية. هذه المنطقة ليست موطناً لأنواع عدّة من الحيوانات البرية فقط، بل أيضاً شاهدة على نجاحات السفاري في مجال رعاية وتكاثر الحيوانات المهدّدة بالانقراض، وكذلك منطقة «موريمي».
وقصص الأسماء هنا جزء من تجربة الزوار في السفاري، حيث تُظهر الروابط بين الحيوانات والبيئة المحيطة بها. كما تضيف هذه التفاصيل عمقاً إنسانياً للتجربة، فتجعل الزوار يشعرون بأنهم جزء من هذه الحكايات.
من الفيلة «سمرة»، إلى الزرافة «البردي»، فإن الأسماء لا تقتصر على رمزيتها فقط، بل هي وسيلة لتكريم الطبيعة، وتعزيز الوعي البيئي.
- الفيلة «سمرة»: أبرز قصص النجاح في المنطقة تتمثل في ولادة أول فيل في المحمية، والذي أُطلق عليه اسم «سمرة»، وهو اسم عربي يعكس التراث المحلي، وتعود التسمية إلى أشجار السمر المتواجدة بكثرة في محمية البردي. ولاحقاً، أُضيف مولود آخر لفيل السافانا الأفريقي، وسُمِّي «طرثوث»، نسبة إلى أحد النباتات الصحراوية التي تشبه الفطر، وتظهر بعد هطول المطر.
- الزرافة «البردي»: من بين القصص المميّزة، قصة الزرافة التي أطلق عليها اسم «البردي»، وهو اسم مستوحى من منطقة «سيح البردي» في الإمارات والمعروفة بجمالها الطبيعي، وأهميتها البيئية، وكانت أول زرافة تولد في سفاري الشارقة.
- الزرافة «تينا»: في عيد الحب، استقبلت المحمية ولادة زرافة صغيرة، واختير لها اسم «تينا»، ويقول القائمون على السفاري إن الاسم يعكس ارتباط ولادة الزرافة في بعيد الحب، ما يضفي لمسة من الدفء والمحبة التي تمثلها هذه المناسبة.
* تصوير: السيد رمضان