مع كل سنة جديدة، يتخذ الكثير منّا عدداً من القرارات التي تخصّه وحده. وغالباً ما تتعلق القرارات بأهداف فشل في تحقيقها سابقاً. نقرر مثلاً، أن نبدأ حمية غذائية، صحية ومتوازنة. أن نحذف التدخين من حياتنا. أن نخصّص ساعة كل أسبوع، أو حتى ربع ساعة في اليوم، لممارسة التمارين الرياضية. أن نقرأ الكتب التي اشتريناها وبقيت لم تُفتح. أن نعمل «جردة» في خزانة الثياب، ونتخلّص من كل تلك الأكوام التي لم نجد الوقت لارتدائها، منذ سنوات. أن نقاطع الكعب العالي، ونتخذ خطوات مبكرة لتفادي آلام الظهر في المستقبل.
قرارات.. قرارات.. قرارات.. غالباً ما تبقى حبراً على ورق، أو أفكاراً حبيسة في الرأس، لا تغادره إلى حيّز التطبيق. ثم يأتي عام جديد ونعيد تجديد الوعود والأمنيات التي نلتزم بها أسبوعاً، ونهملها في الأسبوع التالي، وما تبقى من العام.
أمامي تقرير في مجلة نسائية فرنسية ينصح المرأة بنسيان كل أنواع القرارات المذكورة أعلاه، والاستعاضة عنها بما هو أجدى لصحة الجسد، وسلامة العقل. ما هو هذا «الأجدى»، وما تفاصيل الوصفة السحرية؟
تقول كاتبة المقال: «خصّصي لنفسك خمس دقائق في اليوم، لا أكثر. وأنت حرّة في تحديد موعد الدقائق الخمس. فقد تختارينها صباحاً، بعد غسل الوجه والأسنان، أو قد تكون مناسبة لك في المساء، بعد العشاء وقبل النوم».
المهم أن تحبسي نفسك في بقعة منعزلة. في الشرفة، أو في طرف الحديقة، أو في الحمّام. اجلسي مسترخية، واطردي من رأسك كل المشاغل والواجبات البيتية، والهموم العائلية. انسَي العمل، وربّ العمل، والزملاء، والصديقات، والجيران، وحساب البنك، ورسائل الهاتف. والأفضل إطفاء الهاتف.
تنفّسي بعمق، وأغمضي عينيك، وحاولي التناغم مع نبضات قلبك. اسرحي في الفضاء مثل نجمة بعيدة، أو كويكب فالت من مداره. خمس دقائق تلتزمين بها بانتظام كل يوم، وستظهر لك النتائج الإيجابية بالتدريج. إنها تعادل ساعة كاملة من التدليك في صالون التجميل، أو بيدَي خبيرة تزورك في بيتك.
هي ليست وقتاً للعناية بالبشرة، أو لتسريح الشعر، أو لتقليم الأظافر. ولا لقضم تفاحة. ولا للاستماع لموسيقاك المفضلة. ولا لمطالعة صفحات من مجلة. إنه زمن مخصص لراحتك وحدك. كسل لذيذ، واستقالة وجيزة من الروتين، وضجيج الفضائيات، وصخب الأسرة، والأشقاء، والأولاد. وهو ليس ممارسة لرياضة «اليوجا»، رغم أنه يشبهها. الفرق هو أن «اليوجا» تطلب منك التركيز في نقطة معيّنة، في حين أن دقائقك الخمس لا تحتاج إلى أيّ تركيز.
ضعي في رأسك أن من حقك الخروج من دقات الساعة. والانفلات من أجندة المواعيد. وتجميد الالتزامات. والهروب إلى حديقتك السرية التي تنفردين بمعرفة الطريق إليها. خمس دقائق لن تربك شيئاً في نظام العائلة. لن ينهار العالم إذا فارقته خمس دقائق. ويوماً بعد يوم، ستجدين أنك أصبحت محتاجة إلى ذلك الوقت المستقطع. إنه يريحك جسدياً، ويطبطب على روحك، ويعدّل مزاجك. ومن تلقاء نفسك ستمدّدين الدقائق الخمس إلى عشر، أو إلى ربع ساعة.
هذا العام قرّرت تطبيق التجربة. لكنني ما زلت أبحث عن الفسحة التي لا تصل إليها الغزوات المفاجئة لأهل البيت. «ماما لماذا خرجت إلى الشرفة؟ ماما ماذا تفعلين في الحمّام؟ ماما لماذا أقفلت باب غرفتك بالمفتاح؟». ربما سأختبئ في عتمة دولاب الثياب، أو أستلقي في المُجمّدة، مع أكياس اللحوم والخضار.
اقرأ أيضاً: قرارات يتخذها الجميع قبل بداية العام.. ثم لا ينفذونها!