كنوز سياحية في مكة المكرمة والمدينة المنورة.. وجهات دينية وتاريخية وثقافية
محررة في مجلة كل الأسرة
مكة الكرمة، والمدينة المنوّرة، قبلتا المسلمين اللتان يقصدونهما من كل بقاع العالم، لأداء مناسك الحج، والعمرة، وزيارة المسجد الحرام، والمسجد النبوي الشريف، إلا أن للمدينتين كنوزاً تتوارثها الأجيال عبر الزمن، ألا وهي مجموعة الوجهات السياحية الدينية، والثقافية، والتراثية، والتاريخية، تلك التي ترتبط بعبق الماضي، وذكريات المكان.. ونقدم في السطور التالية مجموعة من المقاصد المتميزة في المدينتين.
مكة المكرمة وجهة سياحية تفيض بالتاريخ والمعاني الروحانية
تقدم مكة المكرمة، مسقط رأس النبي، صلّى الله عليه وسلم، وموقع نزول الوحي، لزوارها تجربة فريدة تجمع بين العبادة، والاستكشاف التاريخي والثقافي...
فبجانب قدسية المسجد الحرام، والكعبة المشرفة، يأتي العديد من الأماكن الدينية، والمواقع التاريخية، والمزارات التي تستحق الزيارة، منها:
حي حِراء الثقافي
يقدم حي حِراء الثقافي الممتد على مساحة 67 ألف متر مربع، بجوار جبل النور، تجربة سياحية وثقافية تثري الزوار، حيث تأخذهم في رحلة ثقافية وتاريخية إلى عوالم الماضي، ويتضمن الحي معرض الوحي، والذي يقدم عبر عرض تقني قصة موجزة عن نزول الوحي على الأنبياء، عليهم السلام، كما يتضمن المعرض قاعة خاصة تسرد قصة نزول الوحي على النبي، محمد صلّى الله عليه وسلّم، بجانب متحف القرآن الكريم الذي يحتضن مخطوطات قديمة للقرآن، ويُعد أول متحف يُعنى بالقرآن الكريم في مكة المكرمة، ويُبين عظمته، ومدى أثره في حياة المسلمين. وهناك أيضاً متحف القهوة السعودية، والمكتبة الثقافية التي تحوي كتباً، ومراجع علمية، ومعروضات تحكي معلومات إثرائية وثقافية عن مدينتي مكة المكرمة، والمدينة المنورة، والمشاعر المقدسة، والسيرة النبوية، وتوجد أيضاً حديقة حراء، ومقصورات حِراء، إضافة إلى المرافق التجارية.
غار حِراء
يقع غار حِراء شمال شرقي المسجد الحرام، على «جبل النور»، بالقرب من مكة، وسمّي بهذا الاسم لظهور أنوار النبوة فيه، فغار حراء شهد نزول الوحي بأولى آيات القرآن الكريم على النبيّ محمد، صلّى الله عليه وسلّم،، وبالتالي، يحمل أهمية كبيرة في التاريخ الإسلامي، ما يجعل من جبل النور مكاناً مفضّلاً للزيارة للعديد من السيّاح الذين يرغبون في خوض تجربة ،تاريخية روحانية، عميقة.
جبل ثور
تكتسب زيارة جبل ثور فهماً أعمق للتحّديات التي واجهها الإسلام في أيّامه الأولى، ويحتل هذا الجبل، الذي يقع على بعد أربعة كيلومترات جنوبي المسجد الحرام، مكانة مهمة في التاريخ الإسلامي، لكونه يحتضن «غار ثور»، الذي احتمى فيه الرسول، صلّى الله عليه وسلّم، مع صاحبه أبو بكر الصدّيق، رضي الله عنه، من تتبّع أعدائهما من قبيلة قريش، أثناء رحلة هجرتهما إلى المدينة المنورة.
مسجد الجن
يعرف مسجد الجن أيضاً بـ«مسجد الحرس»، وكما تشير المصادر، سمّي بهذا الاسم لأنه بُني عند المكان الذي اجتمع فيه رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، بالجن، ويُعد من المساجد التي كانت قائمة بمكة منذ القرن الثاني الهجري، وشهد عدة تجديدات خلال عصر الخلافة الإسلامية، والتي استمرت حتى عصرنا الحاضر. يقصد الزوار المسجد، الذي يقع أمام مقبرة المعلاة، على مدار العام للتعرف إلى المروّيات عن أحداث تلك المنطقة، وأداء الفرائض والسُّنن في مصلّاه.
مجمع الملك عبد العزيز للكسوة المشرفة
يُعد مجمع الملك عبد العزيز بمثابة الدار الحاضنة لصناعة كسوة الكعبة، ففي منتصف عام 1346هـ أصدر الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، رحمه الله، أمراً بإنشاء مصنع كسوة الكعبة المشرفة، واستمر العمل فيه إلى أن تم تجديده، وتحديثه، وافتتح مجدداً في عـــام1397هـ، ولخوض تجربة روحانية لا مثيل لها، يرحب المجمع بزواره من المسلمين، ليتعرّفوا إلى كيفية حياكة كسوة الكعبة، وتطريزها.
متحف برج الساعة
يقع متحف برج الساعة في أعلى نقطة في مكة المكرمة، وهي شرفة برج الساعة، حيث يأخذ زائريه في رحلة كونية إيمانية، ويتكون من أربعة طوابق مخصصة للكون، فضلاً عن الشرفة التي تتيح للزائر إطلالة بانورامية على المسجد الحرام. صُمم المتحف بطريقة تأخذ الزائرين في جولة تحكي لهم قصة الكون، والمجرّات، وانتهاء بساعة مكة التي تعد أكبر ساعة في العالم، والمطلّة على الحرم. يفتح المتحف أبوابه للزائرين ليتعرفوا إلى الطرق التي اعتمدها الإنسان في قياس الوقت باستخدام كل من الساعتين الكونيّتين، وهما الشمس والقمر، حتى أدقّ معايير الوقت، وهي النانو ثانية، وكذلك مشاهدة أعجوبة صناعة أكبر ساعة في العالم، وروائع كُل قطعة فيها، وكيف اجتمعت لتشكّل هذا الصرح والمعلَم الجليل، مقدماً لهم تجربة معززة بأحدث التقنيات التي تشرح لهم الميكانيكية الدقيقة التي تُسيّر عمَل هذه الساعة.
قصر السليمان التاريخي
معلم تاريخي يعود إنشاؤه إلى أكثر من 86 عاماً، وترجع ملكيته إلى عبدالله السليمان، أول وزير مالية للسعودية، وشهد زيارات واجتماعات للملك عبد العزيز، صدرت عنها العديد من القرارات التي تهم حال البلاد، وأحوال العباد، يتميّز بتصاميمه الإسلامية العريقة على مساحة 1400 متر مربع، واستخدم القصر لاحقاً كمقر لمكتبة الحرم المكي الشريف، ومن ثم مقراً للمحكمة الشرعية الكبرى بمكة، إلى وقت قريب، وبعدها مقراً لإحدى المدارس.
شِعب أبي طالب
يقع شِعب أبي طالب شرق المسجد الحرام، ويعد ذا أهمية تاريخية، لكونه شهد أحداثاً كثيرة، ففيه حوصر النبي، صلّى الله عليه وسلّم، وأقرباءه، من قبل قريش، وفيه توفيت أولى زوجات النبي، صلّى الله عليه وسلّم، أمّنا السيدة خديجة، رضي الله عنها، كما توفي فيه عمّه أبو طالب كافله، وناصره، وحاميه، ومن كان يدفع عنه أذى قريش، وسمّي ذلك العام بـ«عام الحزن».
مزارات ووجهات بلد السكينة والطمأنينة.. المدينة المنورة
تُعتبر المدينة المنورة أول عاصمة في تاريخ الإسلام، وثاني أقدس الأماكن للمسلمين بعد مكة، ويلقبها المسلمون «طيبة الطيبة»، فيها العديد من المقاصد التي تستحق الزيارة، منها:
مسجد قِباء
يُعتبر مسجد قِباء أول مسجد أسّسه النبي محمد، صلّى الله عليه وسلّم، بالمدينة المنورة، وخطّه الرسول صلّى الله عليه وسلّم بيده، عندما وصل إليها مُهاجراً من مكة المكرمة، وشارك في وضع أحجاره الأولى، ثم أكمله الصحابة، رضوان الله عليهم. وكان رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، يقصده بين الحين والآخر، ليصلّي فيه، ويختار أيام السبت غالباً، ويحضّ على زيارته، وجاء في الحديث الشريف «من تطهّر في بيته وأتى مسجد قِباء فصلّى فيه صلاة فله أجر عمرة»، وفي حديث آخر «من خرج حتى يأتي هذا المسجد، يعني مسجد قِباء، فصلّى فيه كان كعدل عمرة».
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
تأسس مجمع الملك فهد في المدينة المنورة عام 1984م، وهو من أكبر وأحدث مطابع القرآن الكريم في العالم، إذ ينتج نسخاً عالية الجودة من القرآن الكريم، وتبلغ طاقته الإنتاجية 18 مليون نسخة، سنوياً، موزعة بين مصاحف كاملة، وأجزاء، وترجمات، وتسجيلات، وكتب لعلوم القرآن، وغيرها، ويجري المجمع دراسات وأبحاثاً مستمرة لخدمة الكتاب والسنّة، ويضم أحدث ما وصلت إليه تقنيات الطباعة في العالم.
مقبرة شهداء أُحد
معلَم من نوع خاص يتوجّه إليه الزوار بكل شوق وحنين، لرؤية المكان الذي يضم أجساد سبعين من الصحابة الكرام، الذين شهدوا غزوة أحد، وحاربوا، واستشهدوا فيها، منهم عمّ النبي، صلّى الله عليه وسلّم، حمزة بن عبد المطلب، الملقب بأسد الله، إنها مقبرة شهداء أُحد، واحدة من أهم المعالم الإسلامية في المدينة المنورة، وتقع شمال المسجد النبوي على بعد 5 كم، عند قاعدة جبل أحد، صاحب المكانة المميزة في نفوس المسلمين، وذكره النبي، صلّى الله عليه وسلّم، بقوله «أحد جبل يحبنا ونحبه».
متحف دار المدينة
يُعد متحف دار المدينة من أعرق أماكن السياحة في المدينة المنورة، إذ يمكّن زواره من الاطلاع على شكل وأسلوب الحياة اليومية عن الناس قديماً، ومدى تفننهم في الحِرف اليدوية، من خلال مشاهدة القطع التي يضمها المتحف، مثل قطع الملابس التقليدية، والحُلي، والمشغولات القديمة، وغيرها، كما يمكن معرفة ما وقع قديماً من أحداث وحروب، من خلال المخطوطات التاريخية، والمقتنيات القديمة.
مسجد القبلتين
بُني مسجد القبلتين في العام الثاني للهجرة النبوية المباركة، ولهذا المسجد أهمية خاصة في التاريخ الإسلامي، إذ نزل الوحي على رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، بالتحول إلى قبلة الكعبة المشرفة، بعد أن كانت القبلة هي بيت المقدس، وكان ذلك يوم 15 شعبان، من العام الثاني للهجرة.
متحف سكة حديد الحجاز
يُعد متحف محطة سكة حديد الحجاز واجهة حضارية، ويقع في العنبرية، بالقرب من الحرم النبوي الشريف، تأسس في البداية كمحطة قطار المدينة المنورة في عام 1419 هـ في عهد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، ثم تحول هذا المبنى إلى متحف وطني في عام 1998م، على يد الأمير عبد الحميد بن عبد العزيز، ويضم الكثير من القطع، والمقتنيات الأثرية، والصور القديمة.
متحف سلامة الجهني
يُعد «سلامة الجهني» من أشهر المتاحف التي توثق آثار وتاريخ المدينة، وتبرز المعروضات والتراث الشعبي، تمت تسميته بهذا الاسم نسبة إلى مؤسس المتحف سلامة بن راشد الجهني، ويشتهر بتصميمه المعماري الفاخر، الذي يتكون من دور واحد مقسم إلى 20 جناحاً، يحوي بداخله مجموعات متكاملة من الأجهزة السمعية القديمة، والنحاسيات، وأدوات الإضاءة القديمة، بجانب أدوات الضيافة، والمخطوطات والوثائق، والكتب، والنقوش، كما توجد تشكيلة متنوعة من العملات المعدنية، وأسلحة الحرب، ومجموعة من المشغولات اليدوية، التي تتمثل في المنتجات الجلدية، كالحقائب والأحذية، إضافة إلى الملابس بأنواعها.
