بلغت الستين من العمر؟ لا تتوقف وتابع! يمكنك تحقيق أحلامك، والحفاظ على شبابك، والعناية بصحتك. قمْ بخطوات بسيطة، وحسِّن أسلوب حياتك، وارفع راية الأمل، ثم تقدّم، واعلم أنْ لا شيء يعيق تقدمك مع الإصرار، ونسيان عمرك في شهادة الميلاد.
ألم تسمع عن أشخاص واصلوا دراستهم وحصلوا على شهادات عليا بعد الستين؟ ألم تسمع عن أشخاص بدؤوا مشروعهم التجاري بعدما تقاعدوا من وظائفهم؟ وهناك أشخاص مثلوا قدوة لغيرهم بممارسة الرياضة واستعادة الشباب، بعدما وصلوا إلى عمر يقعد فيه الكثير من الناس عن الحركة.
نماذج كثيرة تؤكد لنا أن الحياة الجميلة، والمفعمة بالصحة، والسعادة، يمكن أن تبدأ بعد الستين بالعزيمة والإصرار، وضخ النفس بالأمل. فما هي القواعد الأساسية لنكون شباباً بعد الستين؟
بعض الناس يدفنون أنفسهم وهم يعدُّون لمرحلة الكبر، فيعيشون بالتقتير على أنفسهم، وحرمانها من متع الحياة، حتى إنهم يبتعدون عن النزهات والتسلية كي يحتفظوا بما يساعدهم في مرحلة الكبر، على العيش من دون الحاجة إلى أحد، سواء كانوا أولاداً، أو أقرباء. الحرص مطلوب، والتخطيط مهم، لكن لا يجب حرمان نفسك من الرفاهية، وقد أعطاك الله من نِعَمه الكثير. استمتع بوقتك واجعل البحث عن السعادة عنوانك.
أن تبلغ الستين، وأكثر، من العمر، لا يعني أن تتوقف عن العمل، فمن بلغ هذا العمر يحمل فوق كتفيه سنوات من الخبرة والعطاء، لديه الكثير من العلم والمعرفة، ويستطيع أن يفيد مجتمعه، والعالم، بما لديه. وإذا كانت الراحة مطلوبة مع التقدم في العمر، فإن العمل أفضل، ويجعلك واثقاً بقدراتك، مستقلاً في مالك، مفيداً في عطائك.
أكثر ما يواجه الكبار في السّن، في هذا الزمن، هو التطور التقني، وما آلت إليه أدوات الذكاء الاصطناعي، وفي خضم هذا البحر متلاطم الأمواج ترى كثيراً من كبار السّن يتقوقعون في عالمهم الماضي، ويرفضون مواكبة العصر، حتى أن بعضهم يلقي باللائمة على هذا التطور، ومفاسده، من دون أن يحاول المساهمة في إظهار الإيجابيات، وتقديم النصائح للبعد عن السلبيات. إنه عالمٌ فُرض علينا، وتطورٌ لا نستطيع تجاوزه، والابتعاد عن المواكبة يعني العزلة، الاجتماعية والمهنية.
الأصحاب والأصدقاء لهم تأثير كبير في توجهات الحياة، والصحة النفسية، وعادة يكون أصدقاء من بلغ الستين، وأكثر، من أولئك الذين اعتزلوا الحياة الاجتماعية، وراحوا يعدون الأيام لنهاية العمر، وقد نسوا أن الأعمار بيد الله، وأن الموت لا ينتظر كبيراً، ولا صغيراً. لذا، علينا أن نعيش كل يوم بأفكار إيجابية من دون التحسّر على الماضي، بل على العكس، يجب أن نجعل من الماضي صفحاتِ تاريخ ممتعة، فيها الكثير من الدروس، والعِبر، والتجارب التي قد تفيد أبناء اليوم. ابحث دائماً عمّن يعطيك طاقة إيجابية للاستفادة من تجارب حياتك، وحوّل الدمعة الماضية إلى ابتسامة حاضرة، تمحو بها كل تفكير سلبي. وليكن أصدقاؤك من أصحاب الطموح، والأمل، والابتسامة المشرقة بالتفاؤل.
بالتأكيد لن تكون هناك سعادة مع المرض والألم، وكي لا نقع في فخ الأمراض والحالات الصحية المفاجئة، علينا أن نهتم بنوعية الغذاء، وأسلوب الحياة، سواء قبل الستين، أو بعد ذلك، وقد أثبتت الدراسات أن الأشخاص الذين يهتمون بنظامهم الغذائي، ويمارسون الرياضة بانتظام في الشباب، يعيشون شيخوخة خالية، نسبياً، من الأمراض. وكما أننا نحرم الصغير من تناول طعام مضرّ، وننصح الشباب بالإقبال على الأطعمة الصحية، فلنكن قدوة ونبدأ بأنفسنا. فالحرمان من الأطعمة الدسمة، والحلويات، وكل ما يسبب السمنة، وارتفاع الضغط، لا يعني الحرمان من متع الطعام. عليك، إذن، اتباع نظام غذائي صحي، وممارسة الرياضة، وأبسطها المشي.
كلما شعرت بأصوات الحزن تتردّد في نفسيتك، وكلما ضاق صدرك بهموم الحياة، الجأ إلى الطبيعة، وحاول أن تنسى فيها كل ما قد يسبب لك الاكتئاب، والأسى، فهموم الدنيا ومشكلاتها لا تُحل بالحزن، وللطبيعة قدرة هائلة على امتصاص أيّ كدر، وكل ما يمكن أن يعكّر صفو مزاجك. اذهب إلى البحر مثلاً، واجعله صديقك، امشِ في البساتين، وبين الأشجار والأزهار. اقطف من الحياة أجمل ما فيها، وانسَ ماضيها، وكلَّ حزن فيها.
كثير من كبار السن لا يحاولون ممارسة التمارين الذهنية التي تنشط الذاكرة، وتحفز خلايا الدماغ، فالابتعاد عن الحساب، والتحليل، والقراءة، قد يضعف ذاكرتك، ويصيب تفكيرك بالخمول، فيتدنى مستوى تركيزك. حاول ممارسة التمارين الذهنية، وما أكثرها اليوم على الإنترنت، فهي تعطيك حماساً ومتعة، إلى جانب مساهمتها في تمرين الذاكرة، وتنشيطها.