07 أبريل 2025

المحميات الطبيعية.. جنّات مصر المجهولة

محرر متعاون - مكتب القاهرة

مجلة كل الأسرة

تجذب محميات مصر الطبيعية عشاق الطبيعة والسفر من كل سحنة، ولون، نظراً لما تتميّز به من مساحات شاسعة لا تخلو من تنوّع بيئي فريد، ما يجعلها أقرب إلى جنّات مجهولة، تنتظر من يكتشف فيها كل آيات الجمال.

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

وتقدر الإحصاءات الرسمية عدد المحميات الطبيعية في مصر، بنحو 30 محمية طبيعية، تنتشر في طول البلاد، وعرضها، وتشغل مساحة تقدر بنحو 15% من المساحة الكلية للبلاد، تحتل منها محمية رأس محمد في شرم الشيخ موقع الصدارة، حيث تمتد على مساحة تزيد على 850 كيلومتراً مربعاً، جنوب سيناء، ولا ينافسها في هذا الاتساع الكبير سوى محمية جبل علبة بالبحر الأحمر، والتي تزيد مساحتها على 35.6 ألف كيلومتر مربع، إضافة إلى محمية الغابة المتحجرة في المعادي، بمحافظة القاهرة، والتي تمتد على مساحة 7 كيلومترات مربعة.

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

تحظى محمية رأس محمد، منذ إعلانها كمحمية طبيعية في مصر، مطلع الثمانينيات، بأعلى نسبة تدفق سياحي، إذ تتميز بكل عناصر الجمال الطبيعية، بداية من المياه الصافية الزرقاء، والشعاب المرجانية النادرة، وكذلك السلاحف، والدلافين، والأسماك الملونة المختلفة، التي يندر وجودها خارج تلك البقعة، علاوة على حياة برية متنوّعة، من طيور وحيوانات. وعلى الرغم من وجود المحمية ضمن النطاق الصحراوي، إلا أن وجود ساحل البحر، وكذلك الحياة النباتية العامرة، أسهما في جعل المناخ معتدلاً طوال السنة، ما يجعل زيارة المحمية ممكنة في أي يوم، على مدار العام.

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

تبدو بحيرات المانجروف التي تطالع أعين الزائرين في العديد من المحميات المطلة على شاطئ البحر الأحمر، مثل محمية رأس محمد، ومحمية وادي الجمال التي تمتد حتى قرب الحدود المصرية السودانية، مثل لوحات فنية أبدعتها يد فنان ماهر، وتحيط أشجار المانجروف بالبحيرة المسحورة في منطقة رأس محمد، فتزيدها جمالاً فوق جمالها، حيث تتدرّج ألوان مياه البحر، وتتغيّر ألوانها نحو سبع مرات، يومياً، ما جعل البدو من قاطني المنطقة يطلقون عليها «بحيرة التمنّي».

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

لا تكتمل زيارة محميات جنوب سيناء إلا بزيارة خاطفة لمحمية سانت كاترين، وديرها الذي يمثل قطعة فريدة من الفن المعماري، حيث تضم مدارس فنية شتى، فإلى جانب ما يضمه من أيقونات، روسية ويونانية، تحفل العديد من جدرانه بالفسيفساء العربية، واللوحات الجدارية الزيتية، فضلاً عن مكتبة ضخمة للمخطوطات تُعد ثاني أكبر مكتبة للمخطوطات في العالم، بعد مكتبة الفاتيكان.

مجلة كل الأسرة

وبئر شعيب من أشهر المناطق التي يقبل عليها الزوار في محمية كاترين، إذ يؤمن الكثير منهم، إلى حد اليقين، بأنها البئر التي حفرها نبي الله شعيب. كما تُعد محمية وادي الحيتان التابعة لمحافظة الفيوم من أشهر المحميات الطبيعية في مصر، إذ لعب قربها من العاصمة المصرية دوراً كبيراً في ذيوع صيتها في أوساط الشباب من هواة المغامرة، فالمحمية تبعد مسافة لا تزيد على مئة كيلومتر غرب القاهرة، لكنها على امتدادها الكبير داخل الصحراء، تشبه متحفاً مفتوحاً للزائرين.

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

يطلق العوام من سكان الفيوم على تلك المنطقة «وادي المساخيط»، اعتقاداً منهم بأن سكان تلك المنطقة قد تعرضوا قبل آلاف السنين لغضب سماوي، انتهى بنزول العقاب عليهم، وتحويلهم إلى «مساخيط»، وهي الصفة الشعبية للمومياء في مصر، لكن هؤلاء «المساخيط» كانوا سبباً في إدراج المنطقة على قوائم «اليونيسكو» قبل سنوات، بعد اختيارها كأول موقع بيئي مصري ينضم إلى قائمة التراث الطبيعي العالمي. ويقول مسؤولون في محافظة الفيوم إن انضمام وادي الحيتان إلى قائمة التراث الطبيعي العالمية، سيكون بداية لإدراج الموقع على الخريطة السياحية العالمية، من ناحية، ومن ناحية أخرى، سيفيد الباحثين والعلماء بالتطور التاريخي عموماً، وليس في الفيوم وحدها.

مجلة كل الأسرة

وتشير العديد من الدراسات التاريخية إلى أن تاريخ تلك المنطقة التي يوجد فيها وادي الحيتان، يرجع إلى نحو 40 مليون سنة، وأن هذه المنطقة كانت جزءاً من محيط كبير انحسر مع مرور الوقت، بسبب التغيرات الجيولوجية، وخلّف وراءه عدداً كبيراً من الحيوانات البحرية، من بينها الحيتان التي اكتشف الباحثون المئات من الهياكل العظمية المتحجرة لبعض أنواعها الأولية، وكذلك الكثير من الأصداف، وأسماك القرش، وغيرها من الحيوانات البحرية.

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

وتمتد محمية الدبابية داخل عمق الصحراء الشرقية، على مساحة لا تزيد على كيلومتر مربع، بالقرب من أحد الأودية التي تفصل مدينة إسنا عن الأقصر، لكنها على مساحتها الصغيرة تحظى بأهمية علمية كبيرة، إذ يقول علماء الجيولوجيا إن مكوّنات محمية الدبابية المصرية ساعدت كثيراً من الباحثين والعلماء على تحديد عمر افتراضي للأرض، من خلال تحديد أعمار التتابعات الرسوبية البحرية المتوافقة، وكذلك تعيين المناطق النموذجية لمثل هذه التتابعات، وتحديد ظروف ترسيبها، والأحياء المميّزة لها، وأعمارها، لكي تكون بمثابة مقياس لكل عصر من العصور، حيث تكشف المحمية عن الحد الفاصل بين عصر البليوسين وعصر الإيوسين، ويمثل هذان العصران نهاية العصر المتوسط، وبداية العصر الحديث، حيث أهكلت البراكين في تلك الفترة الحياة البحرية في البحار والمحيطات، في الناحية الشمالية، واستمرت لمدة يقدّرها العلماء بنحو 150 ألف عام.

مجلة كل الأسرة

يمنح التنوّع الكبير في المحميات الطبيعية الموجودة في مصر، عشاق الطبيعة والسفاري فرصاً ذهبية للاستكشاف والدهشة، ما وضع تلك المحميات في صدارة قائمة المقاصد السياحية التي تدرّ دخلاً وفيراً على مصر. وتبيّن الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، أن إجمالي دخل المحميات الطبيعية ارتفع خلال العام الماضي بنسب تجاوزت 40%، ما يعكس نجاح جهود وزارة البيئة في دعم الاستثمارات في القطاع البيئي داخل المحميات، والذي يستهدف توفير خدمات متنوعة، تمكن الزوار من خوض تجربة سياحية فريدة ترتقي إلى المستويات العالمية.

* تصوير- أحمد شاكر