23 يوليو 2022

التغذية والرياضة.. ماذا نأكل وكيف نحرق السعرات الحرارية؟

أستاذة وباحثة جامعية

التغذية والرياضة.. ماذا نأكل وكيف نحرق السعرات الحرارية؟

صارت الرياضة نشاطاً اجتماعياً متزايداً، فأعداد الناس التي تمارسها تتزايد كما ينصح بها جميع الأطباء. وتكمن المسألة في معرفة ما إذا كان الرياضيون يملكون حاجات غذائية خاصة من حيث كمية الطاقة التي تحتويها والتوازن بين مختلف المغذيات، من دهون وبروتينات وكربوهيدرات أو سكريات بالإضافة إلى المعادن، من دون أن ننسى بالطبع مسألة المياه.

في كتابه «ماذا آكل حين أمارس الرياضة؟»، يحدد لنا المؤلف جان ميشال كوهين كم الطاقة التي ننفقها مع كل تمرين و المغذيات التي نحتاج إليها حسب نوع الرياضة:

كتاب «ماذا آكل حين أمارس الرياضة؟»
كتاب «ماذا آكل حين أمارس الرياضة؟»

دعونا نذكر في البداية أن الرياضة هي عبارة عن كمية كبيرة من الحركات التي تتطلب عملاً ميكانيكياً يجنّد مختلف أجزاء الجسم، وهو كذلك تحت سيطرة الجهاز العصبي. هذا يعني أن مجمل البنى الجسدية التي نملكها يُطلب منها العمل حينما نمارس تمريناً رياضياً وهي بحاجة إلى المغذيات المناسبة.

أولاً: الرياضة والطاقة

التغذية والرياضة.. ماذا نأكل وكيف نحرق السعرات الحرارية؟

على مستوى الطاقة، يجدر بنا أن نذكر أن الانقباض العضلي هو في الحقيقة احتكاك بين نوعين من الألياف العضلية ينتج طاقة كيميائية سيتم تحويلها إلى طاقة ميكانيكية وإلى حرارة. لذا، فإن الحاجة إلى الطاقة عند الرياضي مسألة أساسية، ويجب أن نضيف إلى مأكولات الطاقة المعادن والمواد النادرة والفيتامينات أحياناً لتعويض الخسائر، لأن المطلوب هو استرجاع الجسم لما استهلكه خلال التمرين، في ما عدا حالة أولئك الذين يودون خسارة الوزن، بما أن الجسم سيستعين بمخزوناته من أجل تقديم الطاقة المناسبة للنشاط الرياضي.

أما في ما يتعلق بتحسين الأداء الرياضي فإن الغذاء يرافق التقدم ولكنه لا يقوى على تحسينه أو تحفيزه.

كم سعرة حرارية نحرق مع كل رياضة؟

في الواقع، يصعب تقدير الطاقة التي ننفقها أو نحرقها خلال التمرين لأنها تعتمد على عوامل عديدة كالجنس والسن ونوعية التمرين وزمنه.

وقد يختلف الإنفاق بمعدل من واحد إلى عشرة بين رياضة الترفيه والرياضة الاحترافية وبحسب الأشخاص. لذا لا يمكننا إلا إعطاء قيم وسطية بحسب نشاطات الترفيه والوزن المعياري:

1- رياضات (الدراجة الهوائية، المشي العادي، السباحة، تزلج المشي على الثلج، الركض، كرة المضرب، كرة اليد، كرة الطائرة، كرة القدم والركبي)

  • من 250 إلى 450 سعرة حرارية في الساعة للنساء، و300 إلى 700 سعرة حرارية في الساعة للرجال. وقد ترتفع هذه الأرقام مع ارتفاع حدة التمرين.

2- رياضات (المشي السريع، التزحلق على الجليد، الملاكمة، المبارزة، كرة السلة، الجودو أو الكاراتيه)

  • من 200 إلى 450 سعرة حرارية في الساعة للنساء، و300 إلى 400 سعرة حرارية في الساعة للرجال.

3- رياضات (المشي في الطبيعة، البستنة، ركوب الخيل، الغولف، كرة الطاولة)

  • من 150 إلى 200 سعرة حرارية في الساعة للنساء، و150 إلى 300 سعرة حرارية في الساعة للرجال.

*الجدير بالذكر أن المبتدئين يحرقون عموماً 20% من الطاقة أكثر من الرياضيين المحترفين لأنهم لا يحسنون السيطرة على حركاتهم. كما أن حرق النساء من الطاقة أقل من الرجال في ما عدا في السباحة، بسبب الكتلة الدهنية الأعلى لديهن.

والمطلوب هو الاكتفاء بمجرد تعويض ما تم إنفاقه للحفاظ على الجسم في حالة مستقرة خلال النشاط الرياضي المعتاد.

أي رياضة تمارس؟

التغذية والرياضة.. ماذا نأكل وكيف نحرق السعرات الحرارية؟

رياضة الركض

المدهش بالنسبة إلى الركض هو أن كلفة الطاقة لا تعتمد فعلياً على السرعة حتى حوالي 20 كلم في الساعة، وإلى حين بلوغ هذه السرعة، يبلغ مستوى حرق الطاقة سعرة حرارية واحدة لكل كليوجرام من الوزن ولكل كيلومتر نقطعه.

وهكذا، فإن رجلاً يزن 70 كيلوجراماً يركض 10 كلم، مهما كانت سرعة ركضه حتى 20 كلم، سينفق في الساعة 700 سعرة حرارية.

*تلك هي الكمية الدقيقة للسعرات الحرارية التي ينبغي أن يعوِّضها بواسطة الطعام حتى لا يغرف من جسمه، في ما عدا بالطبع لمن يودون خسارة بعض من الكتلة الدهنية.

رياضة المشي

يعتبر إنفاق الطاقة في المشي (أو مستوى حرق الطاقة) مساوياً لنصف ما نحرقه في الركض، شرط أن تكون السرعة أقل من 7 كلم في الساعة، أي نصف سعرة حرارية مقابل كل كيلوجرام من الوزن في كل كيلومتر نجتازه.

وهكذا، فإن رجلاً يزن 70 كيلوجرام ويجتاز 10 كلم مشياً سيحرق 350 سعرة حرارية. وفي المقابل، بمجرد أن نتخطى 7 أو 8 كلم في الساعة، يصير مستوى حرق الطاقة في المشي مساوياً لذاك الذي نحرقه في الركض.

وما سيؤثر في هذا الإنفاق هو الوزن بالطبع والمشي طلوعاً حيث ستزيد قوة حرق الطاقة بحوالي 15%، مع طبيعة الأرض التي نمشي عليها ووزن الحذاء الذي كلما كان ثقيلاً زاد ت قوة حرق الطاقة بنسبة 50%.

رياضة ركوب الدراجة

يعتبر ركوب الدراجة استثناء لأن حرق الطاقة لا يرتبط فقط بالمسافة التي نقطعها ولا بالسرعة ولكن أساساً بالمقاومة التي نواجهها خلال الانتقال.

والدراجات الجديدة تقدم مقاومات دوران أقل بكثير من الدراجات السابقة وتسمح بخفض مستوى حرق الطاقة إلى حد كبير.

وهكذا، بالنسبة إلى الدراجة السياحية، يكون حرق الطاقة مساوياً تقريباً لمشي الترفيه، أي نصف سعرة حرارية لكل كيلوجرام من الوزن وكل كيلومتر نجتازه. والغريب أن درّاجات السباق تخفض حتى هذا الحرق نظراً إلى تدني نسبة الاحتكاك، فيصل إلى ربع سعرة حرارية لكل كيلوجرام من الوزن وكل كيلومتر نجتازه. وحدها السرعة هي قادرة على زيادة مستوى حرق الطاقة.

رياضة السباحة

في السباحة، نجد أنفسنا في وضع شبه مشابه لركوب الدراجة لأن قوة مقاومة الماء للتقدم فيها وقوى الاحتكاك هي التي تزيد من مستوي حرق الطاقة. وهكذا فإن السرعة لا تؤثر كثيراً في هذا الحرق. إنها القوة التي نوظفها خلال الحركة هي التي تقيم الفرق والتي تؤدي كذلك إلى سرعة الانتقال.

ويقارن هذا بما يحصل إبان المشي السريع ومباريات السباحة كما يقارن المشي الترفيهي بالسباحة الترفيهية أي حرق بمعدل نصف سعرة حرارية لكل كيلوجرام من الوزن ولكل كيلومتر نجتازه.

انطلاقاً من كلفة الطاقة لكل تمرين ترفيهي جاء وصفه، وعلماً أن هذا النشاط قد يتضاعف من واحد إلى عشرة لدى الأكثر تمرساً، يمكن أن نقدر بشكل تقريبي مستوى حرق الطاقة.

وهكذا فإن المتبارين على القيام بدورة فرنسا على الدراجة، وهي المباراة الأقصى، قد يحرقون من 6500 إلى 10 آلاف سعرة حرارية يومياً أي أكثر بعشر مرات ما يحرقه الرياضيون في تمرين الترفيه.

ثانيا: الرياضة والتغذية

التغذية والرياضة.. ماذا نأكل وكيف نحرق السعرات الحرارية؟

أهم المغذيات التي يحتاجها الرياضيون:

1- الحاجة إلى البروتينات

الغريب أن الرياضيين الوحيدين الذين يهتمون بكميات البروتين هم أولئك الذين يمارسون رياضة كمال الأجسام وتنمية العضلات. وتعتبر هذه رؤية تبسيطية عن ضرورة تأمين غذاء منسجم في مجال الرياضة، ظناً منهم أن زيادة الكتلة العضلية تستلزم زيادة استهلاك البروتين في مجال هذه الرياضة أكثر من أي رياضة أخرى. قد يكون هذا الأمر صحيحاً جزئياً ولكن ليس بالكامل.

يجب أن نعلم أن كل التمارين ذات المدة الطويلة تؤدي إلى تعديل محتوى الجسم من البروتينات. فلحظة نجند كل السكر لتغذية الجسم بالطاقة نستخدم كذلك البروتينات.

وتعتبر مشاركة البروتينات في العمل العضلي قادرة على أن تبلغ 15%، وهذا أمر مدهش إذ حين يلجأ الرياضيون إلى البروتينات لتوفير الطاقة لجسمهم.

*الجدير بالذكر أن الجسم يحتاج من 3 إلى 16 أسبوعاً من أجل استعادة نفس نوعية بروتينات العضل.

ما كمية البروتينات التي يُنصح بها؟

الكمية الموصى بها للمحترفين:

إذا ما أردنا التطرق إلى الكميات الدقيقة، نقول إن الرياضيين في مجال رياضات التحمُّل يجب أن يحظوا بكمية من البروتينات تتراوح ما بين 1.50 جراماً و1.70 جراماً مقابل كل كيلوجرام من وزنهم يومياً.

الكمية الموصى بها لغير المحترفين:

عند الرياضيين غير المحترفين الذين يمارسون نشاطاً رياضياً منتظماً، لا داعٍ أبداً للخروج عن التوصيات التقليدية التي تنص على 1.20 جرام من البروتين يومياً مقابل كل كيلوجرام من وزنهم.

والرجل الذي يزن 80 كيلوجراماً ويتمرن بوتيرة ومستوى عاليين يجب أن يتناول 140 جراماً من البروتين، أما المرأة في الشروط ذاتها وبوزن يبلغ 60 كيلوجراماً، فعليها بـ70 جراماً من البروتين.

الكمية الموصى بها للمبتدئين:

أما الرياضيون المبتدئون، فمن الأفضل أن يرفعوا كميات البروتين في أول أسبوعين إلى 1.50 جراماً لكل كيلوجرام من وزنهم يومياً، سواء أكان بالنسبة للرجال أو للنساء.

التغذية والرياضة.. ماذا نأكل وكيف نحرق السعرات الحرارية؟

نصائح لمن يمارس رياضة كمال الأجسام

  • ينصح بجرامين إلى ثلاثة جرامات يومياً مقابل كل كيلوجرام من الوزن شرط عدم تخطي فترة 6 أشهر في السنة وتحت مراقبة طبية شديدة.
  • يتعين أن يأتي ثلثا هذه الكمية من الطعام والباقي من المكملات الغذائية شرط ألا تتعدى جراماً واحداً لكل كيلوجرام يومياً.
  • أما المكملات الغذائية فيجب أن تكون ذات نوعية ممتازة، أي بروتينات مستخلصة من بياض البيض أو من بودرة الحليب أو من تراكيب تقترب منها.
  • يجب على هؤلاء الرياضيين أن يتناولوا كميات كافية من السكريات البطيئة والماء ويحظوا كذلك بكل الفيتامينات الضرورية لصناعة العضلات.

2- الحاجة إلى الدهون

صحيح أن التمرين الرياضي يترافق مع زيادة استهلاك الدهون الموجودة في الخلايا الدهنية أي النسيج الدهني، وعلى عكس الفكرة الرائجة، وحده نشاط بدني يدوم لأكثر من 30 دقيقة ويتطلب جهداً كافياً يؤدي إلى تحلل الدهون.

يجب أن نشير كذلك إلى أن العضل بحد ذاته يمكن أن يقدم الدهون لأنه يحتوي عليها كذلك، وأحياناً بنسبة 45% من الطاقة المنفقة.

*لذا من المهم أن يدوم التمرين لثلاثين دقيقة على الأقل لاستنفار كل الدهون الجسدية وخاصة حينما نرغب في خسارة الوزن.

ما كمية الدهون التي ينصح بها؟

ليس هناك من حجج حالياً لزيادة الدهون في غذاء الرياضي، سواء أكان يمارس رياضة ترفيهية أو احترافية. ويرجع هذا إلى أن الجسم يمتلك مخزوناً كافياً من الدهون وإلى أن الوجبات الغنية بالدهون التي تؤخذ قبل التمارين بأربع ساعات لا تؤثر في أداء الرياضيين.

وبشكل عام، يتعين أن تكوّن الدهون حوالي 30% إلى 35% من الطعام مقابل 50% إلى 55% من الكربوهيدرات أو السكر البطيء لدى الشخص العادي، أما الرياضي فيجب أن يحظى بـ55% من طاقته وحتى 70% منها من السكر البطيء.

وبالطبع ينبغي تناول الدهون ذات النوعية الجيدة، وليس من الضروري أن نكرر هنا أهمية الدهون الغنية بأوميغا 3 وأوميغا 6 والتي نجدها في زيت بذور اللفت والجوز أكثر من زيت الزيتون أو زيت السمسم.

التغذية والرياضة.. ماذا نأكل وكيف نحرق السعرات الحرارية؟

3- الحاجة إلى السكر

إنها فعلاً الحاجة الأهم في غذاء الرياضي مهما كانت طبيعة التمرين، سواء أكان لمدة طويلة أو قصيرة، أو ذا حدة عالية أو قليلة.

لدى الرياضي صاحب المستويات العالية، تتمثل هذه الحاجة في إعادة الشحن السريع للسكر الموجود في الكبد وفي العضل في آن وهو ما سيسمح له بالتحلي بنشاط عضلي ذي أداء ممتاز.
إن تضاؤل نسبة السكر المخزون في العضل أو «الغليكوجين» هو العامل الأكثر اتصالاً مع مفهوم الانهاك. والانهاك الشديد السرعة قد يترجم بانخفاض الأداء العضلي بنسبة قد تبلغ 45% إلى 50%.

ما كمية السكريات التي ينصح بها؟

يعتبر أن تناول حتى 600 جرام من السكريات في اليوم يسمح بملء العضل بطريقة تناسب الكمية التي تم استهلاكها. أول 250 جراماً ستغذي الأعضاء الأساسية كالدماغ مثلاً، ثم يتوزع الباقي إلى الأعضاء الأخرى. وعند تخطي 600 إلى 700 جرام يومياً تبلغ إعادة صناعة السكر في العضل مستواها الأعلى. ومتى امتلأ العضل سيتم خزن ما تبقى في الخلايا الدهنية. أما إذا تكررت الزيادة فسيصاب المرء بالسمنة.

وتجدر الإشارة إلى أن مفهوم مؤشر نسبة السكر قد بدأ مع الرياضيين. ومن المهم جداً أن يتناول المرء قبل التمرين بثلاث أو أربع ساعات أغذية ذات نسبة مؤشر سكر متدنية. وكلما اقتربنا من التمرين كان من الضروري تناول مأكولات ذات مؤشر نسبة سكر أكثر ارتفاعاً.

وبحسب وزن الشخص، قد يختلف السكر الذي يجب تناوله بين 5 إلى 12 جرام لكل كيلوجرام في اليوم وكذلك بحسب نوع التمرين.

وفي الواقع، يمكن أن نعتبر أن الشخص الذي يمارس رياضة الترفيه يحتاج من 250 إلى 300 جرام سكر في اليوم على شكل سكريات مركبة ذات مؤشر نسبة سكر منخفضة.

والرياضة ذات مستوى متوسط تستلزم حوالي 400 جرام يومياً، والرياضة الشديدة حوالي 500 جرام وأكثر إذا كان التمرين فائق الشدة.

والأرقام المذكورة صالحة لرجل يبلغ 70 كيلوجراماً وبحالة بدنية جيدة.