4 مايو 2023

إنعام كجه جي تكتب: كوارث تجميلية

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس.

الدكتور عادل الوافي
الدكتور عادل الوافي

مشاهد مقززة تلك التي عرضها التلفزيون الفرنسي في تقرير عن الأخطاء الطبية التي يرتكبها خبراء وخبيرات تجميل مزيفون في عيادات سرية غير مرخصة قانوناً. وأستخدم الفعل «يرتكب» لأنها جرائم موصوفة مع سبق الإصرار والترصد، والضحايا في أغلب الأحيان مراهقات دون العشرين. تقرأ إحداهن إعلاناً على «النت» وتغريها الأسعار المتهاودة لتكبير الصدر أو نفخ الشفاه أو رفع المؤخرة. تصدق المزاعم وتذهب بحسن نية على أمل أن تخرج أفضل شكلاً لكنها تنتهي مشوهة الوجه والجسد.

عادل الوافي، طبيب فرنسي من أصل عربي، يخوض، حالياً، حملة إعلامية ضد عيادات التجميل السرية وضد الممارسات التي تتم، أحياناً، في بيوت وشقق قذرة. وما بين العمل في عيادته وحضوره المكثف في وسائل الإعلام، يقسم جراح التجميل عادل الوافي وقته للتصدي للآلاف من تلك العمليات السرية التي يقوم بها أشخاص غير مؤهلين لهذا النوع من الممارسات. وتأتي عمليات حقن الحوامض والدهون تحت البشرة في مقدمة هذه العمليات التي أدت في حالات كثيرة إلى مضاعفات وإلى تشوهات في الوجه والجسم.

نشر 200 جراح تجميل في فرنسا بياناً يدين البيع الحر في الصيدليات لبعض المواد المستخدمة في الحقن، وبدون وصفة من طبيب، وبالأخص حامض «هيالرونيك». وأوضح الموقعون على البيان أنهم يستقبلون في عياداتهم وفي أقسام الطوارئ في المستشفيات حالات كثيرة من عمليات قام بها معالجون غير مرخصين وأدت إلى مضاعفات خطيرة. ونظراً للبيع الحر لتلك المواد، تقوم المراهقات بحقن أنفسهن بها، لتكبير الشفتين مثلاً، بعد رؤية تسجيلات إرشادية على «النت». هل تتذكرون تلك الكتيبات من نوع: «تعلم الانجليزية في خمسة أيام بدون معلم»؟

البيان، الذي أيدته النقابة الوطنية لأطباء التجميل، يحذر الشابات والمراهقات، بالأخص، ممن تغريهن الأسعار المنخفضة لتلك الحقن التي تروج لها مواقع على الشبكة الإلكترونية. ويقول الموقعون عليه: «هناك اليوم المئات من الذين يمارسون حقن الدهون والحوامض لنفخ الشفاه والوجنات، أو عمليات تكبير الصدر والمؤخرة، بدون أن تكون لهم صفة طبية حتى ولو ارتدوا الصدرية البيضاء وانتحلوا لقب دكتور. وهي ممارسات أدت إلى حالات تسمم وأزمات استدعت دخول أقسام العناية المركزة أو الخضوع لعمليات تصحيح معقدة، ومنها ما يصعب تصحيحه. إنها حالات لم نشهد ما يماثلها خلال السنوات الأربعين الماضية من انتشار طب التجميل في فرنسا».

هناك أيضاً الآثار الضارة الناتجة عما يسمى بالسياحة العلاجية. عشرات الإعلانات التي تغري السذج بأسعار زهيدة لزرع الشعر وتقويم الأنف وعلاج الأسنان في تونس أو تركيا أو بلغاريا. يذهب الزبون وهو يحلم بأن يعود كثيف الشعر، جميل الملامح، ذا ابتسامة هوليوودية لكنه يعود في الغالب خائباً موجوعاً يعاني عاهات ظاهرة ولا يعرف لمن يلجأ لكي يشتكي أو يطالب بتعويض.

يدافع المعالجون «الهواة» عن أنفسهم بالقول إن الأطباء الرسميين يريدون احتكار الكعكة لأنفسهم بالكامل. فمن المعروف أن هناك أموالاً بالمليارات تدور في فلك التجميل. لكن لا أحد يملك الرقم الحقيقي نظراً لأن الزبائن يحرصون على التكتم وغالباً ما يدفعون نقداً. فالتأمين الصحي لا يشمل عمليات التجميل ويعتبرها من أنواع البطر والرفاهية.

تندفع المراهقات وراء وهم الصور التي تزدحم بها الشاشات. يدفعن مدخراتهن ولا يقبضن سوى الريح. هذا مع العلم أن القانون الفرنسي يمنع إجراء عمليات تجميل لمن هم دون الثامنة عشرة من العمر. كما يعاقب المعالجين غير المرخصين بسنتين من السجن وغرامة قدرها 30 ألف يورو.

 

مقالات ذات صلة