22 يناير 2024

تعرّف إلى جو كاميرون.. المرأة العجيبة التي لا تشعر بالألم أو القلق أو الخوف

محررة ومترجمة متعاونة

تعرّف إلى جو كاميرون.. المرأة العجيبة التي لا تشعر بالألم أو القلق أو الخوف

جو كاميرون، معلّمة سابقة، ومتقاعدة حالياً، لا تبدو عليها أيّ ميزة أو مظهر يوحي بأنها استثنائية، وفريدة من نوعها، إلّا أنها مع ذلك تظل محط أنظار العلماء والباحثين، والسبب باختصار، أنها واحدة من شخصين فقط، في العالم لا يشعران بالألم، أو الخوف، أو القلق.

يقول الباحثون إن الطفرة الجينية النادرة لدى هذه المتقاعدة جعلت من مستويات التوتر لديها تكاد تكون معدومة، وجروحها تشفى في وقت قياسي.

أمام منزلها في اسكتلندا
أمام منزلها في اسكتلندا

جو كاميرون.. حوادث وأمراض وعمليات جراحية بدون ألم

عانت المعلمة السابقة كسوراً في العظام، وجروحاً، والتهاب المفاصل، وخضعت للعديد من العمليات الجراحية، إلا أنها لم تكن بحاجة طوال هذه الإجراءات والمشاكل الصحية، لأي شيء تقريباً يخفف عنها الألم.

كما أنها دائماً ما لا تشعر بأي شيء عندما تتعرض للحرق أثناء الطهي، وفي إحدى المرات خرجت من حادث سيارة مصابة بكدمات خفيفة فقط. بل حتى أثناء الولادة، لم تعانِ أو تشعر بأي شيء، ولا حتى مجرد ارتعاش.

ولكن، على الرغم من كل هذا، لم تكتشف جو حالتها غير العادية إلا منذ 10 سنوات.

وقالت الأم لطفلين، التي تعيش بالقرب من بحيرة لوخ نيس في المرتفعات الاسكتلندية «كنت أعلم أنني محظوظة، لكن لم يخطر في بالي أنني كنت مختلفة. لم أكن أعلم بأي شيء غريب كان يحدث معي، أو بشأني، حتى بلغت من العمر 65 عاماً».

في عام 2013، طلبت العلاج من مشكلة في وركها، وتبيّن في التشخيص أنها تعرضت لانتكاسة شديدة في المفاصل، على الرغم من أنها لم تشعر بأي شيء، حتى لو مجرد إزعاج. خضعت جو لعملية استبدال وركها، وتعاملت مع هذا الإجراء الصعب بشكل لا يصدق، حيث إنها لم تتناول سوى حبتين من الباراسيتامول، في اليوم التالي، لهذه الجراحة التي عادة ما تكون مؤلمة حقاً.

تعرّف إلى جو كاميرون.. المرأة العجيبة التي لا تشعر بالألم أو القلق أو الخوف
يمكن أن تساهم حالتها في ابتكار أدوية وعلاجات

ماذا يقول الأطباء عن حالة جو كاميرون؟

شعر الأطباء بالذهول لعدم شعور جو كاميرون بالألم، وأحالوها إلى وحدة متخصصة التي عرفت أخيراً سبب امتلاكها «قوى خارقة».

كشف العلماء أن الوضع الفريد لهذه المرأة البالغة من العمر 75 عاماً، يرجع إلى طفرة في جين FAAH-OUT غير المعروف سابقاً. لكن الخبراء من جامعة كوليدج لندن أصبح لديهم الآن فهم أكثر وضوحاً لكيفية عمل هذه الاختلافات على المستوى الجزيئي.

وقال الباحثون إن النتائج، التي نشرت في مجلة Brain، تفتح الأبواب أمام أبحاث أدوية جديدة في ما يتعلق بإدارة الألم، والتئام الجروح. وأشار البروفيسور جيمس كوكس، من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، وهو أحد كبار مؤلفي الدراسة إلى أنه «من خلال الفهم الدقيق لما يحدث على المستوى الجزيئي، يمكننا أن نبدأ بفهم علم الأحياء المعنيّ بها، وهذا يفتح إمكانات اكتشاف الأدوية التي يمكن أن يكون لها اليوم آثار إيجابية بعيدة المدى على المرضى».

وبناء على هذا العمل، وجد الفريق أن طفرة FAAH-OUT «ترفض» التعبير عن جين FAAH، المرتبط بالألم والمزاج والذاكرة. كما اكتشفوا أنه في حالة جو، تنخفض مستويات نشاط الإنزيم في جين FAAH بشكل كبير. وقام العلماء أيضاً بتحليل عينات الأنسجة لدراسة آثار طفرات جين FAAH على المسارات الجزيئية الأخرى، ووجدوا نشاطاً متزايداً في جين آخر، يُعرف باسم WNT16، الذي تم ربطه سابقاً بتكوين العظام.

تعرّف إلى جو كاميرون.. المرأة العجيبة التي لا تشعر بالألم أو القلق أو الخوف

كما تم العثور أيضاً على تغيّرات في جينين آخرين، هما: BDNF وACKR3، اللذين يعتقدون أنهما قد يساهمان في انخفاض مستوى القلق، والخوف، وعدم الألم لدى جو.

وأوضح الدكتور أندريه أوكوروكوف، وهو أيضاً من كلية الطب بجامعة كاليفورنيا، وهو أحد كبار مؤلفي الدراسة، «إن جين FAAH-OUT هو مجرد ركن صغير من قارة شاسعة بدأت هذه الدراسة برسم خريطة لها. فإضافة إلى الأساس الجزيئي لعدم الشعور بالألم، حددت هذه الاستكشافات مسارات جزيئية تؤثر في التئام الجروح والمزاج، وكلها تتأثر بطفرة FAAH-OUT.. وكعلماء، من واجبنا الاستكشاف، وأعتقد أن هذه النتائج ستكون لها آثار مهمة في مجالات بحث متعددة، مثل التئام الجروح والاكتئاب وغيرها».

الآن تفهم جو سبب كونها على ما هي عليه الآن، وهي مصرّة على الاعتقاد بأنها ستعيش أطول من جميع أصدقائها «الألم موجود لسبب ما، فهو يحذرك - تسمع أجراس الإنذار - وسيكون من الجيد أن يكون لديك تحذير عندما يكون هناك خطأ ما. لكني أعتقد أني سأعيش حتى 120 عاماً لأنني لا أعاني التوتر وهذا هو القاتل الأكبر».