هل يمكن لعنصر أساسي بسيط في الثلاجة أن يساعد على الوقاية من مرض السكّري من النوع الثاني؟ ما حدث مؤخراً في الولايات المتحدة الأمريكية أشعل فتيل هذا الاعتقاد، وتداوله الكثير عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل. فما هي حقيقة العلاقة بين الزبادي والسكّري نوع 2.
اعتباراً من 1 مارس 2024، أعلنت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، أنها لم تعد تعترض على استخدام بعض «الادّعاءات الصحية المؤهلة» حول استهلاك الزبادي، وتقليل خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2، طالما تمت صياغتها بطرق لا تضلل المستهلكين. وارتكز هذا القرار على ما يلي:
- إن تناول الزبادي بانتظام، على الأقل كوبين (3 حصص) في الأسبوع، قد يقلل من خطر الإصابة بالسكري من النوع 2. وخلصت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية إلى أن هناك معلومات محدودة تدعم هذا الادعاء.
- إن تناول الزبادي بانتظام، على الأقل كوبين (3 حصص) في الأسبوع، قد يقلل من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2 وفقا لأدلة علمية محدودة.
ما هو «الادّعاء الصحي المؤهل» بالضبط؟
تعتبر إدارة الغذاء والدواء الأمريكية أن «الادعاء الصحي المؤهل» هو ادعاء مدعوم بالأدلة العلمية، ولكنه لا يحقق معيار «الاتفاق العلمي الهام». ففي حين تتطلب معايير «الاتفاق العلمي الهام» دراسات جيدة التصميم، وإجماعاً بين العلماء حول تأثير الغذاء في الصحة، فإن «الادعاء الصحي المؤهل» لا تتطلب هذا النوع من التبرير المكثف. لهذا السبب، تفرض إدارة الغذاء والدواء الأمريكية صياغة محددة حول هذه الادعاءات.
وبالنظر إلى هذه الدلالات، لدى البعض مخاوف من أن هذا القرار الجديد قد يدفع المستهلكين إلى الاعتقاد خطأً، بأن الزبادي هو الحل السحري لمرض السكري من النوع 2.
ويشير اختصاصيو التغذية إلى أنه قد يكون من المضلل بالنسبة إلى لمستهلكين أن يعتقدوا أن الزبادي يمكن أن يكون حلاً سريعاً لمرض السكري لديهم. فهذا بالتأكيد ليس هو الحال، حيث ليست كل أنواع الزبادي مثالية للحفاظ على نسبة الجلوكوز في الدم بشكل ثابت. ومع ذلك، فإن بعض الأبحاث حول الزبادي ومرض السكّري من النوع الثاني واعدة.
ونستعرض في أدناه نظرة على ما إذا كان تناول الزبادي كل يوم يمكن أن يقي من مرض السكّري:
كيف جاء «الادّعاء الصحي المؤهل» بشأن الزبادي والسكّري؟
إن الموافقة على المطالبات المتعلقة بالزبادي ومرض السكّري هي نتاج سنوات من التطوير والإعداد.
في عام 2018، قدمت شركة Danone North America، التي تضم الشركات التابعة لها: «دانون» و«أكتيفيا» و«سيلك»، التماساً إلى إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، للحصول على موافقة لتسويق منتجاتها على أنها تقلل من خطر الإصابة بمرض السكّري من النوع 2.
سلّط هذا الالتماس الضوء على الروابط القائمة على الأدلة بين الزبادي، وانخفاض معدل الإصابة بمرض السكّري من النوع 2. وشددت أيضاً على أن بعض الأبحاث ربطت الزبادي كغذاء كامل (بدلاً من مجرد احتوائه على عناصر غذائية فردية) مع انخفاض خطر الإصابة بالسكّري من النوع 2.
وعلى مدى السنوات العديدة التالية، نظرت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في هذه الأدلة، وخلصت في النهاية إلى أن «بعض الأدلة الموثوقة» تدعم وجود علاقة عكسية بين تناول الزبادي وخطر الإصابة بالسكّري (على الرغم من أنها لاحظت أن «الأدلة محدودة»)، وهكذا، وُلدت «ادعاءات صحية مؤهلة».
هل حقاً تناول الزبادي يمنع مرض السكّري من النوع 2؟
يُعرف الزبادي منذ فترة طويلة بأنه طعام صحي، لمحتواه العالي من البروبيوتيك والبروتين. ومن الممكن أن تترجم هذه العناصر الغذائية إلى تقليل خطر الإصابة بالسكري من النوع 2.
ويبين الخبراء أنه كمصدر للبروتين، يساعد الزبادي على تنظيم نسبة السكّر في الدم، وقد يساعد على تنظيم إشارات الجوع في وقت لاحق من اليوم، بخاصة إذا تم تناوله في وجبة الإفطار.
من ناحية أخرى، يمكن أن تكون البروبيوتيك علاجاً لمرض السكّري من النوع 2 لقدرتها على تقليل الالتهاب، وفقاً لبحث أجري في عام 2023.
كما بحثت العديد من الدراسات أيضاً في تأثيرات الزبادي كطعام كامل في مرض السكّري من النوع2. على سبيل المثال، وجدت مراجعة أجريت عام 2022 في مجلة علوم الألبان، أن معظم دراسات المجموعات كشفت أن منتجات الألبان المخمّرة لها آثار وقائية ضد تطور مرض السكّري، ومن بين الأطعمة التي تحمي من المرض، كان الزبادي هو الأكثر ثباتاً. وخلصت دراسة أجريت عام 2017، نشرت في مجلة التغذية، إلى أنه في سياق نظام غذائي صحي أوسع، يمكن أن يقلل الزبادي من خطر الإصابة بمرض السكّري من النوع 2 لدى البالغين الأصحاء، وكبار السن الذين يعانون مخاطر عالية على القلب والأوعية الدموية.
ولكن في المقابل، ليست كل الأبحاث مثيرة للإعجاب إلى هذا الحد. إذ وجد تحليل تلوي لعام 2019، نشر في مجلة التغذية، أن الزبادي الذي يحتوي على البروبيوتيك ليس له أي تأثير في نسبة الجلوكوز في دم الصائم، أو أنسولين الصائم، أو مقاومة الأنسولين. وقد تكون بعض أنواع الزبادي ضارة للأشخاص المصابين (أو المعرضين للخطر) بمرض السكّري من النوع 2، حيث تتم تحلية العديد من أنواع الزبادي الموجودة في السوق بكميات كبيرة من السكر المضاف، ما قد يكون له تأثير سلبي في نسبة السكّر في الدم.
اختيار الزبادي الصحي
لاتخاذ قرار ذكي بالنسبة إلى العلاقة بين الزبادي ونسبة السكّر في الدم، من الأفضل عدم تناول أي زبادي من على الرفوف في الأسواق.
عندما يتعلق الأمر بالاستفادة من الزبادي لتقليل نسبة السكّر في الدم، فإن الزبادي غير المحلّى مع البروبيوتيك قد يقدم أعظم الفوائد. علاوة على البحث عن الزبادي عالي البروتين (مثل الزبادي اليوناني العادي) لموازنة نسبة السكّر في الدم وتنظيم الشهية.
إذا كنت حقاً متشوقاً للنكهة في الزبادي، يمكنك البحث عن خيارات منكّهة لا تحتوي على سكّر مضاف، أو أصناف خالية من السكّر، على الرغم من أنها غالباً ما تتم تحليتها بالمحليات الصناعية، أو المكونات مثل ستيفيا، إلا أنها لن ترفع نسبة السكّر في الدم من خلال إضافة مزيد من السكّر إلى استهلاكك اليومي.
أطعمة أخرى تدعم الوقاية من مرض السكري من النوع 2
قد يكون للزبادي فوائد لنسبة السكّر في الدم، لكنه ليس الغذاء الوحيد الذي يمكن أن يساعد على الوقاية من مرض السكّري من النوع 2. فهناك أطعمة أخرى يمكن أن تؤدي الغرض نفسه، مثل التوت، والفاصوليا، والعدس، واللوز، والأفوكادو، وجميعها تحتوي على مستويات ثابتة من الجلوكوز.
بشكل عام، قد يؤدي اتّباع نظام غذائي مضاد للالتهابات، مثل نظام البحر الأبيض المتوسط، إلى التحكم في نسبة السكّر في الدم أيضاً، إضافة إلى فوائد أخرى، مثل تحسين مستويات الهيموجلوبين A1C والكوليسترول.
بالطبع، إذا كنت تستمتع بالزبادي، فلا تتردد في إدراجه كوجبة خفيفة مناسبة للتعامل مع مرض السكّري، بشرط أن يكون منخفض السكّر، وعالي البروتين. وإذا كنت مصاباً بالفعل بمرض السكّري، فيمكن أن يساعدك الزبادي على إدارة نسبة السكر في الدم، وتوفير جرعة صحية من البروتين والبروبيوتيك المعزّز للأمعاء.