الحديث عن الإيغو (الذات الزائفة)، يكشف الكثير من أسرار النفس البشريّة، حيث إنه «يعتبر الوسيط بين الهواجس الداخلية والواقع الخارجي»، قد تكون للإيغو آثار سلبيّة على حياة الفرد حيث تؤثر التنشئة على نشوء الإيغو وتبرز تجلياته في اضطرابات نفسية وآلام تنتج عن طاقة الإيغو المدمرة للفرد، في رحلته إلى «الأنا الحقيقية».
هذا التماسّ مع «الأنا الزائفة» تتوقف عنده مستشارة الإرشاد والتوجيه ومدربة التمكين فاطمة المشرخ، التي تشرح دافعها إلى البحث في الآلام التي ترافق طفولتنا ويطلق عليها «الآلام الخمسة» الناتجة عن الإيغو.
تقول «في بداياتي، كنت أقوم بالكثير من الأعمال الجميلة وأحصل على تصفيق طويل، لكن كل هذا ينهار بعد فترة قصيرة ولا أحافظ على أيّ إنجاز حققته، وعندما بحثت عن السبب، تبيّن أننّي ضحية من ضحايا «الإيغو»، بمعنى كنت متفوقة إلا أني كنت أسيء التصرّف دوما بسبب المشاعر السلبية التي أختزنها».
وتشرح «عندما بدأت أستعيد آلام الطفل الموجود عندي، تبدّت عندي ملامح بعض الآلام ومنها ألم الغدر والخيانة، هو ألم يعود إلى غياب أمي عن المنزل لحضور فرح ولكنّها لم تخبرني، ما أشعرني بأن أمّي غدرت بي، وهذا يجعل الطفل داخلي تتبدّى عنده نوازع السيطرة».
ما هي الآلام الخمسة؟
في البداية، تلفت المشرخ إلى أن «الآلام الخمسة تفعّل من قِبل الأمّ أو الأب ومن غير وعي، أو القائم برعاية الطفل (الجدّ، الجدّة، الخادمة)، في حالات أخرى وفي مرحلة عمرية مبكرة كحد أقصى خمس سنوات أو يوم نكبر ونتعرّض لموقف صعب».
وهذه الآلام الخمسة هي:
1- ألم الرفض: هو أعمق وأصعب ألم، فكلما شعرت بإنسان يقلّص من حجم جسمه، فهو يعاني من الرفض و النبذ ويتبنى هذا الشعور، ألم الرفض قد ينتقل للإنسان وهو جنين في حال حدوث حمل غير مرغوب به أو غيره، ومن يعاني من ألم الرفض يرتدي دوماً قناع الهروب.
2- ألم الهجر والتخلّي: قد يكون هذا الهجر قصير الأمد للحظة، كأن تتخلى الأمّ عن ابنها في الحضانة لتذهب للعمل، في وقت يشعر فيه الطفل بالحاجة إلى هذا الحبّ ولا يحصل عليه، للهجر درجات وألم الهجر يساعد على أن يكون المرء أكثر استقلالية عندما يكبر وتُوكل إليه شؤون أسرته وهو يقوم بذلك خوفاً من أن يهجره الناس، هو يرتدي قناع المطارد لرغبته في إرضاء الآخرين.
3- ألم الغدر والخيانة: في هذه الحالة، كل علاقات الفرد يشوبها الغدر، سواء من الدائرة البعيدة ومن أقرب الناس، في حال لم يعِ الفرد هذه الآلام، غالباً ما يتكرّر تعرّضه لألم الغدر في محطات حياته، المثال: طفل يتعرّض والده للضرب في الشارع دون أن يقوم الأب بالردّ، ما يشعر الطفل بالغدر لاعتقاده بقوة الوالد، ويكون قناع هذا الألم هو المسيطر.
4- ألم الإهانة: غالباً ما يعمد الطفل إلى تحسّس المناطق الحسّاسة من باب الاستكشاف ويتعرض للتعنيف من قبل الأب والأم بشكل قاس، يشعر الطفل بالإهانة وبأنّه «غير مهم» أن يهتم بنفسه وبكونه «أمراً خاطئاً»، من يعيش هذا الألم يرتدي قناع تدمير الذات لأنّه عندما يخطئ، يوجه الكلام المهين لنفسه.
5- ألم الظلم: يتبدّى هذا الألم عندما يشعر الطفل بعدم المساواة مع أقرانه، هو يرتدي قناع القسوة بحيث لا يتعاطف مع الآخرين ولا يبدي مشاعره ليوهم الآخرين بعدم قدرتهم على ظلمه.
جلسات التحرر من المشاعر السلبية
وإذ يعرّف علماء النفس الإيغو بكونه «الجزء من شخصيّتنا المكلّف بمهمّة تحقيق التوازن بين الوعي بأنفسنا والجهل بمكامن النفس» فإنّ تسلّل الإيغو إلى أنفسنا يقودنا إلى الشعور بـ«العار، التأنيب، الشفقة، الحزن، الخوف، الرغبة، الغضب والكبرياء، وهذه هي مشاعر الإيغو».
تؤكد المشرخ «يجب أن نعي المشاعر السلبيّة ونتجاوزها ونحرّرها من أجسادنا لأنّ وجودها يولّد آلام الظهر، ضغط الدم، السكر والكثير من الأمراض العضويّة».
كيف نبدأ؟ وما الطرق العلاجية التي تستخدمها المشرخ؟
تقول: «نبدأ بتنظيف المشاعر والعمل على خمسة أجساد بموازاة الآلام الخمسة، لأن كل إنسان عبارة عن جسد مادي، جسد فكري ذهني، جسد مشاعري، جسد روحي وجسد طاقي».
في الجلسات، نبدأ بالتغيير في كل جسد:
- الجسد المادي: تمارين معينة (مشي ورياضة) ونظام غذائي وترتيب ساعات النوم للحصول على المنال.
- الجسد الفكري: التخلّص من الأفكار والقناعات التي تسبّب له هويّة الضحيّة وبرمجتها.
- الجسد المشاعري: تحرير المشاعر الموجودة في الجسد لأن كل شعور يتراكم في مكان معين من الجسد، ومثال: مشاعر الخوف تتركز في القدم أو أسفل الظهر وفي المعدة.
- الجسد الطاقي: العمل على الشاكرات ومحاولة موازنتها كونها تشهد نشاطاً أو تعاني من الخمول.
- الجسد الروحي: تعزيز الرابط بين الإنسان وخالقه.
ثمّة مسامير مزروعة لدى مراجعيها كما تبيّن المشرخ «أحاول نزع تلك المسامير لكون الأغلبيّة تتعايش مع آلامها، رغبة بالحفاظ على خصوصيتها عبر:
- استخراج المشاعر الدفينة المكبوتة بالعمق دون انتهاك خصوصيتّه.
- استحضار المشاعر والفضفضة بالورقة والقلم وإبقاء الأوراق معه.
- استحضار المواقف في حياته دون دخول الغرف السوداء أو الاطلاع على أسراره.
- تحليل مشاعره واكتشاف ماهيّة الألم عبر توجيه أسئلة واتباع الإرشادات لتخليصه من كلّ موقف ويستتبع بتمارين يقوم بها (تمارين تنفس).
- التركيز على برمجة الجسد الفكري بحيث لا يتلقى الحدث بالطريقة نفسها، تحريره من المشاعر بحيث «أقبل نفسي بكلّ تفاصيلي وبكلّ الحماقات التي ارتكبتها».
- استحضار الركن السادس من الإيمان «الإيمان بالقدر خيره وشرّه»، ما يشعر المرء بالهدوء والطمأنينة.
ينصبّ دوري على تشخيص الآلام لدى الأفراد وتنظيفها ليتحرروا منها من أجل التشافي