لا تبدو جراحات ما بعد التخسيس ضرورية للجميع، ولكنها خيار مهم لمن خسروا كميات كبيرة من الوزن، ويعانون الترهّل، بحيث تُعد إجراءات ما بعد فقدان الوزن أحد الخيارات، الطبية والتجميلية، التي يلجأ إليها الأفراد الذين خسروا وزناً كبيراً، إثر تكميم المعدة، أو باستخدام الأدوية، مثل إبر الأوزمبيك، أو المونجارو.
ما هي إجراءات ما بعد التخسيس، وهل هي ضرورية، وما التداعيات الصحية التي تعقب فقدان الوزن الكبير، وكيف يمكن تفادي أيّ آثار سلبيّة؟
يشير الدكتور قاسم أهلي، استشاري في جراحة التجميل، والملقب إعلامياً بـ«نحّات الجمال»، إلى أن هذه الإجراءات التجميلية تتنوع حسب حجم الترهّل الناتج عن فقدان الوزن الكبير، ما قد يسبّب ضعفاً في الجلد، وتراخي الأنسجة.
يوضح د. أهلي: «في حالات فقدان الوزن باستخدام الأدوية، مثل إبر الأوزمبيك، وغيرها، تحدث تغيّرات طفيفة في الجلد، حيث يصبح الجلد أقلّ مرونة، ولكن معظم المرضى يلجؤون إلى إجراءات تجميلية، مثل عمليات الشفط مع الأجهزة التي تساعد على شدّ البشرة والجلد، في حين أن الجراحة التي تتضمن قصّ المعدة، أو تحويل المسار، تنزل الكثير من وزن الجسم، حيث تتغير طبيعة الجلد، ومرونته، ويصبح مترهّلاً بشكل واضح، وغالباً ما يحتاج المرضى الذين يخضعون لجراحات المعدة إلى عمليات جراحية أخرى، لقصّ وشدّ الجلد المترهل».
وعلى الرغم من أن عمليات التجميل بعد فقدان الوزن ليست إجبارية، كما يؤكد د.أهلي، ولكن في كثير من الحالات، تتسم ببعد نفسي: «عندما يكون الجلد مترهّلاً ويفقد مرونته، بخاصة بعد عمليات تكميم المعدة، قد يعاني الشخص اهتزاز الجلد، ما يؤثر سلباً في ثقته بنفسه».
ولهذه العمليات بُعد طبّي حاسم، يتوقف عنده د.أهلي: «في الحالات التي يصبح فيها الجلد مترهّلاً بشكل كبير، وتتكوّن طبقات من الجلد فوق بعضها بعضاً، يمكن أن يؤدي ذلك إلى مشكلات صحية، مثل التعرّق الشديد، وظهور الإكزيما، أو الفطريات المزعجة، وهذه الحالات تشمل التهاب الجلد، وظهور حب الشباب نتيجة الاحتكاك المستمر، بحيث يصبح التدخل الجراحي ضرورياً لتجنّب المزيد من المشكلات الصحية».
ويتوقف د.أهلي عند حالات تعاني جراء عدم اتّباع ثلاثية شدّ البطن، وهي «شدّ الجلد، شفط الدهون والشحوم، وشدّ العضلات»: «على سبيل المثال، في حالة شدّ البطن، إذا تمّ شدّ الجلد فقط، من دون شفط الدهون والشحوم، وشدّ العضلات، فإن النتيجة قد تكون غير مُرضية، وبالتالي، تتمحور معظم الشكاوى حول هذه النقطة، ما يتطلب إجراءات أخرى للحصول على نتائج جيدة».
هناك من يفضّل إجراء عمليات شفط لكل الجسم، مع إغفال التداعيات الصحية
ويلفت: «في بعض الحالات، هناك من يفضّل إجراء عمليات شفط لكل الجسم، مع إغفال التداعيات الصحية، لكون تداعيات ما بعد العملية محفوفة بالمخاطر العالية، مثل نزول مستوى الدم، تغيّرات في الأملاح والهورمونات، والشعور بألم شديد، وإرهاق، ما قد يؤدي، في بعض الحالات، إلى دخول العناية المركزة».
تكمن المشكلة في أنّ العديد من المرضى يتوقعون نتائج سريعة، لكن ما يغفلونه هو «إن عملية الشفاء تحتاج إلى وقت، وبعض المرضى يظلّون يشعرون بالألم في المنطقة المعالَجة، حيث إن الخيوط والعضلات تحتاج إلى وقت للتعافي، لكون الجسم يحتاج إلى وقت للتكيّف، كما أن نجاح العملية يعتمد على نوعية الجلد، وكمية الدهون، ومرونة العضلات، وغيرها. ولذلك، يجب على الطبيب أن
نصائح مهمة لعمليات وإبر التخسيس
جملة نصائح يوجّهها د.أهلي تختصّ بواقع الخضوع لعمليات تكميم، أو استخدام إبر التخسيس لجهة:
- التركيز على الإرادة الشخصية والمجهود قبل اللجوء إلى الحلول السهلة، مثل تناول الأدوية المتوفرة في الصيدليات.
- استشارة الطبيب المختص قبل استخدام هذه الأدوية أو الإبر، لأنها تؤثر في الهرمونات، ومستويات السكّر في الدم، ووظيفة الكبد، ولتجنب أيّ آثار سلبية.
- في حال الخضوع للتكميم، لا بدّ من وجود سبب طبي لإجراء العملية بعد استنفاد الوسائل الطبيعية.
أما نصائح ما بعد الخضوع للعمليات التجميلية، مثل شفط الدهون أو شدّ البطن، وغيرهما، فلا بدّ من:
- الالتزام بممارسة الرياضة واتّباع نظام غذائي مناسب، حيث إن هذه العمليات تعتمد على التخلّص من الدهون الزائدة، ومن ثم يجب على الجسم أن يحرق الدهون مرة أخرى لتقليل الوزن الزائد الذي قد يعود، إذا لم يتم الحفاظ على الوزن بعد العملية.
- استخدام كريمات لترطيب البشرة بعد العملية والعناية بها، لضمان نتائج مُرضية، وظهور البشرة بشكل مشدود، وسليم.
كيف يتمّ تقييم الوضع بعد الخضوع لجراحة التخسيس؟
يوضح الدكتور حسام محمد الطرابلسي، جراح متخصص في جراحة السمنة والجراحة بالمنظار في مستشفى ميدكير: «بعد جراحة تكميم المعدة بالمنظار، يستعيد نحو 30 % من المرضى الوزن في غضون 3-5 سنوات، وهذا يُعزى إلى عوامل منها عادات الأكل للمريض، أو أمراض مصاحبة أخرى، مقاومة أنسولين ، أو اختلال في الغدة الدرقية، أو يعاني مشكلات مرتبطة بتكميم المعدة. لكن إذا كان المريض قد استعاد نحو 10% من وزنه مجدداً بعد جراحة إنقاص الوزن، فيمكننا حينها اقتراح حقن إنقاص الوزن».
ويوضح د.الطرابلسي يتم إجراء مثل هذه العمليات الجراحية من قبل جرّاح تجميل متمرّس لديه خلفية جيدة في الجراحة التجميلية، بعد علاج البدانة، لأن هؤلاء المرضى الذين فقدوا أكثر من 50 كغم بعد جراحة البدانة سيحتاجون إلى عمليات جراحية لتصحيح الترهلّات الجلدية».
وتتفاوت الحاجة إلى هذه الجراحات بشكل كبير بين المرضى الذين فقدوا الوزن بطرق مختلفة، سواء من خلال جراحة السمنة، أو باستخدام الأدوية، مثل أدوية إنقاص الوزن. فعلى سبيل المثال، المرضى الذين خضعوا لعمليات جراحية، مثل التكميم، قد يحتاجون إلى جراحة تجميلية لإزالة الترهّلات، والتأكد من أن الجسم يتناسب مع التغيّرات التي طرأت عليه. في المقابل، المرضى الذين استخدموا أدوية، مثل أوزمبيك، أو مونجارو، لفقدان الوزن، عادة ما يفقدون نحو 10-15% من وزنهم فقط، ما يجعل الحاجة إلى جراحة ما بعد التخسيس أقلّ، مقارنة بمن خضعوا لجراحة السمنة.
* تصوير: السيد رمضان