09 يناير 2025

«الانسداد الرئوي».. التدخين «متهم» رئيسي والعلاج البيولوجي «أمل جديد»

محررة في مجلة كل الأسرة


مجلة كل الأسرة

يعّد مرض الانسداد الرئوي من الأمراض التنفسية المزمنة التي تصيب الأفراد بعد سن الأربعين، ويلعب التشخيص المبكر دوراً بارزاً في علاج وإدارة المرض بشكل كبير.

على صعيد الإمارات، تشير الدراسات المحلية إلى أن نسبة الإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن تقترب من 3% من سكان الإمارات، 25% منهم من المدخنين، ولا يمكن إغفال التداعيات السلبية لأي نوع من التدخين، بما في ذلك السجائر الإلكترونية والنرجيلة.

«كل الأسرة» تحاور البروفيسور بسام محبوب، رئيس قسم الجهاز التنفسي في مستشفى راشد، حول مرض الانسداد الرئوي، أعراضه والفئات المستهدفة، وكذلك أبرز العلاجات المعتمدة في الإمارات:

يعرّف البروفيسور بسام محبوب مرض الانسداد الرئوي المزمن وأعراضه، بقوله «مرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD) هو من الأمراض التنفسية المزمنة التي تؤدي إلى ضيق التنفس نتيجة انسداد في مجرى الهواء، وغالباً ما يصيب البالغين فوق سن الأربعين، وبشكل رئيسي يصيب المدخنين الذين يتعرضون للتدخين لأكثر من 10 سنوات. يظهر المرض عادة على شكل كحة مزمنة وإفراز للبلغم، وقد يتفاقم مع مرور الوقت إذا لم يتم علاجه. يُعاني المرضى أعراضاً مزعجة تشمل ضيق التنفس، والسعال المستمر، وزيادة إفراز المخاط، ما يؤثر بشكل كبير في حياتهم اليومية».

مجلة كل الأسرة

غالباً ما تبدأ أعراض مرض الانسداد الرئوي المزمن في مراحل مبكرة من الحياة؛ حيث «تظهر على شكل نزلات برد متكررة، وكحة مستمرة مع ضيق في التنفس، خصوصاً بعد القيام بمجهود بسيط. ومع تقدم العمر، وتحديداً بعد سن الأربعين، تبدأ الأعراض بالظهور بشكل واضح ومزعج للمريض، ما يؤثر سلباً في جودة الحياة اليومية».

مجلة كل الأسرة

تُقدر الإحصائيات انتشار هذا المرض بين 4% إلى 10% عالمياً، وهو رقم يدعو للقلق ويستلزم تكثيف الجهود للبحث عن حلول فعالة. أما على صعيد الإمارات، فيشير البروفيسور محبوب إلى أن «الدراسات المحلية تقدّر نسبة الإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن بـ3% من سكان الإمارات، وهي نسبة ترتبط بشكل أساسي بانتشار التدخين؛ إذ يقدر أن نحو 25% من السكان يدخنون، وهو أحد العوامل الرئيسية المسببة للمرض».

ويتوقف كذلك عند تداعيات المرض على حياة المريض، وبالأخص في حال عدم العلاج أو الإهمال، «مع استمرار المرض دون علاج مناسب، قد يؤدي الانسداد إلى فشل تنفسي مزمن؛ حيث يصبح المريض بحاجة إلى استخدام الأكسجين بشكل مستمر، وفي الحالات المتقدمة قد يلجأ الأطباء إلى زراعة الرئة كحل نهائي؛ لذا فإن التشخيص المبكر ضروري لتجنب مثل هذه التداعيات».

ويؤكد البروفيسور بسام محبوب أن التشخيص المبكر يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً في حياة المرضى؛ إذ إنه يسهم في تقديم العلاج المناسب وتجنب المضاعفات الشديدة، مثل الحاجة إلى استخدام الأكسجين بشكل دائم. ويضيف أن التعليم والتوعية من أهم الوسائل لمكافحة هذا المرض والحد من انتشاره في المجتمع، داعياً إلى ضرورة إدراك الناس لأهمية التوقف عن التدخين واعتماد نمط حياة صحي لتحسين صحة الرئة بشكل عام.

مجلة كل الأسرة

نصائح مهمة للتعامل مع الانسداد الرئوي

يقدم رئيس قسم الجهاز التنفسي في مستشفى راشد، عدداً من النصائح الأساسية للأسر والأفراد، سواء لمساعدتهم على التعامل مع المرض أو للوقاية منه:

  • تجنب التدخين؛ فهو السبب الرئيسي وراء انتشار هذا المرض، خصوصاً بين المراهقين والبالغين.
  • الانتباه للأعراض المبكرة وزيارة الطبيب المختص لإجراء الفحوص اللازمة؛ حيث يمكن للفحص المبكر والتشخيص السليم أن يساعدا على إدارة المرض بشكل أفضل.
  • التثقيف الصحي حول مرض الانسداد الرئوي المزمن، والابتعاد عن جميع أشكال التدخين أمر أساسي للوقاية والتعامل مع المرض بشكل فعال.
  • يجب أن يتعرف المريض وأسرته على طبيعة المرض، الذي يتسبب في تضييق الشعب الهوائية وصعوبة التنفس، وأن يفهموا كيف يمكن أن يؤدي التعرض لأي نوع من التدخين، بما في ذلك السجائر الإلكترونية والنارجيلة، إلى تفاقم الحالة.
  • رغم الاعتقاد الشائع بأن السجائر الإلكترونية أقل ضرراً، إلا أنها تحتوي على مواد كيماوية ضارة تؤدي إلى تهيج الرئتين. لذلك، يُنصح بالتوقف عن التدخين تماماً والابتعاد عن أماكن التدخين والتلوث البيئي.
  • يمكن لأفراد الأسرة دعم المريض نفسياً ومساعدته على الإقلاع عن التدخين عبر برامج الدعم والاستشارات الطبية.
  • ينبغي تهيئة بيئة منزلية نظيفة وخالية من الملوثات، مع متابعة حالة المريض باستمرار مع المتخصصين الصحيين للتأكد من استقرار حالته.
مجلة كل الأسرة

العلاج البيولوجي.. لتقليل الالتهاب

وحول مستقبل مرضى الانسداد الرئوي المزمن في ظل العلاجات الحديثة، يشير البروفيسور محبوب إلى أن «العلاج البيولوجي الجديد يُعد نقلة نوعية في التعامل مع المرض؛ إذ يستهدف أسباب المرض الجذرية بدلاً من مجرد تخفيف الأعراض، بحيث يمكن لهذا العلاج أن يقلل من الالتهاب بشكل ملحوظ، ويسهم في تحسين قدرة المريض على التنفس، ويقلل من الاعتماد على الأدوية التقليدية مثل الستيرويدات والبخاخات، ما يعزز جودة حياة المرضى».

ويعدّ العلاج البيولوجي الجديد المعتمد في الإمارات مختلفاً عن العلاجات التقليدية؛ حيث يستهدف العمليات الالتهابية الأساسية التي تزيد من حدة الأعراض، ما يجعله أكثر فاعلية على المدى الطويل، مقارنةً بالبخاخات التقليدية. كما يشير البروفيسور محبوب إلى أنه (أي العلاج ) «يشكّل تحولاً نوعياً في علاج المرض؛ إذ يعتمد على حقن تُعطى كل أسبوعين، وقد تمت الموافقة عليه من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، وهو متوفر حالياً في الإمارات، التي كانت من الدول الرائدة في تقديم هذا العلاج».

ويخلص البروفيسور محبوب: «من المتوقع أن يسهم العلاج البيولوجي الجديد في تحسين نوعية الحياة للمرضى بشكل ملحوظ، ويمنحهم فرصة للعودة إلى أنشطتهم اليومية بقوة ونشاط، وهذا التقدم يمثل خطوة كبيرة نحو مستقبل أفضل لمرضى الانسداد الرئوي المزمن، ويسهم في تعزيز إمكاناتهم للعيش بمرونة وصحة أفضل».