اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.. ما مدى تأثير العوامل الوراثية؟
يُعد اضطراب تشتت الانتباه وفرط الحركة (ADHD)، من أكثر الاضطرابات النفسية التي لا يتوقف تأثيرها في مرحلة الطفولة والمراهقة، بل يمتد حتى مرحلة البلوغ، وإلى جانب صعوبات التركيز والانتباه، يعاني المصاب فرط النشاط والسلوك الاندفاعي، والتي يمكن أن تؤثر في أدائه الأكاديمي والمهني، بل وتطال حياته الشخصية، وعلاقاته الاجتماعية. ومع تزايد الاهتمام بدراسة هذا الاضطراب يبرز السؤال المهم: إلى أيّ مدى تلعب العوامل الوراثية دوراً في الإصابة باضطراب تشتت الانتباه وفرط الحركة؟
من أجل التوعية باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، توجهنا إلى الدكتورة مينو ماثيوز، أستاذ مشارك في علم النفس بجامعة هيريوت وات دبى، لمعرفة تأثير العوامل الوراثية في الإصابة بالاضطراب، وكيفية تشخيصه عند الأطفال، وأهم العلامات التي يجب على الآباء والمعلمين الانتباه إليها.
تقول «يعاني الأطفال المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، صعوبة الانتباه، أو فرط النشاط، أو الاندفاع، أو مزيجاً من هذه الأعراض. حيث تشمل علامات عدم الانتباه، وصعوبة الحفاظ على التركيز، وسهولة تشتيت الانتباه، وصعوبة الاستماع عند التحدث إليه، بينما يتمثل فرط النشاط في عدم القدرة على الجلوس ساكناً، أو التململ المستمر، أو النقر باليدين والقدمين، أو الشعور بصعوبة في انتظار الدور على سبيل المثال، والمقاطعات المتكررة، واتخاذ قرارات متسرعة، من دون النظر في العواقب».
المعيقات التي تمنع تشخيص المرض بالشكل الصحيح
توضح د. مينو «على الرغم من أن الأعراض يمكن أن تظهر عند الأطفال الصغار، إلا أن تشخيص اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه قد يكون أمرًا صعبًا بسبب التداخل مع مشكلات النمو الأخرى (مثل تأخر اللغة) أو القلق أو اضطرابات النوم أو صعوبات التعلم، وعادةً ما يحتاج الأطفال الصغار المشتبه في إصابتهم باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه إلى تقييم من طبيب نفسي، باستخدام معايير DSM-5الخاصة بالتشخيص».
ما هو دور العوامل الوراثية والبيئية في تطور هذا الاضطراب؟
تجيبنا د. مينو عن هذا السؤال المهم بالقول «غالباً ما تلعب العوامل الوراثية دوراً في احتمالية الإصابة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، لكن ذلك لا يعني بالضرورة أنه سيتم نقله إلى الطفل، حيث يتطور الاضطراب من خلال مجموعة من التأثيرات، الجينية والبيئية. وعادة ما تتضمن العوامل البيئية التعرض للسموم، مثل الرصاص، وكذلك تعاطي الأم للمخدرات، أو الكحول، والتدخين أثناء الحمل، ومضاعفات أخرى، مثل نقص الأوكسجين، أو الولادة المبكرة.
وقد أظهرت الأبحاث أن مناطق معيّنة من الدماغ لدى الأفراد المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، تميل إلى أن تكون أصغر، ما يشير إلى تأخر نمو الدماغ، وعلى الرغم من أن هذه الدراسات تشير إلى روابط محتملة لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، إلا أنها لا تثبت العلاقة السببية بشكل مباشر».
تأثير اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه
ترصد د. ماثيوز أهم تأثيرات الاضطراب في الأطفال والمراهقين:
- اجتماعياً: صعوبة في التواصل بسبب صعوبات التركيز التي يمكن أن تكون سبباً في سوء الفهم، وتجاهل الإشارات، إضافة إلى السلوكيات المندفعة، مثل مقاطعة الآخرين، أو محاولة السيطرة على الحديث، ما يجعل الحفاظ على الصداقات أمراً صعباً. كما يمكن أن يكون سبباً في عدم السيطرة على الانفعالات، واحتمالية التعرض للتنمر الذي ينعكس سلباً على احترام الذات.
- أكاديمياً: يعاني الأطفال المصابون باضطراب فرط الحركة قص الانتباه، وغالباً ما يكونون أقل إنجازاً، وأكثر صعوبة في التركيز على إكمال الواجبات، واتباع التعليمات، وغالباً ما يحصلون على درجات أقل في اختبارات القراءة، والرياضيات، وربما يكونون بحاجة إلى خدمات تعليمية خاصة، مثل خطط التعليم الفردية، وكل ذلك يزيد من احتمالية عدم قدرتهم على إكمال الدراسة الثانوية.
تأثير الأجهزة الذكية في تفاقم الأعراض أو تخفيفها
يمكن للهواتف الذكية أن تخفف من أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، وتفاقمها، حيث يمكن لبعض التطبيقات، مثل التذكيرات وقوائم المهام، أن تكون عوامل مساعدة للمصابين بالاضطراب، كالتطبيقات التعليمية التي تسهم في زيادة التركيز، من جانب آخر، تعمل بعض الألعاب والإشعارات على تشتيت انتباههم وفقدانهم التركيز، إضافة إلى التأثير السلبي في قضاء وقت طويل أمام الشاشات الذي يؤثر في النوم، والنشاط البدني.
التحديات في الحياة المهنية والاجتماعية بسبب فرط الحركة ونقص الانتباه
على الصعيد المهني، يواجه البالغون صعوبة في الاهتمام وإدارة الوقت، والاندفاع، والتنظيم، ما يؤثر في الأداء الوظيفي، والعلاقات مع الزملاء. أما على الصعيد الشخصي، فيواجه المصابون بالاضطراب صعوبات في التواصل والحفاظ على العلاقات، بما في ذلك الأبوّة والأمومة، كما يعاني العديد من البالغين نقص الانتباه، ومشكلات أخرى، مثل القلق والاكتئاب، ما يزيد من تعقيد حياتهم. ومع ذلك، يساعد اتّباع الاستراتيجيات المناسبة، مثل العلاج والأدوية، في التغلب على هذه التحدّيات، وعيش حياة طبيعية.