تطالعنا الـ«سوشيال ميديا»، بين فترة وأخرى، بمعلومات متعلقة بجديد الصيحات الرائجة في عالم التجميل، آخرها تلك المتعلقة بإبر التنحيف، وما خلّفها من نتائج كانت غير مُرضية للبعض، إذ أصيب عدد من المشاهير بشلل المعدة بعد اللجوء إلى إبر إنقاص الوزن كحلّ سريع للتخلص من الدهون الزائدة، وفشل محاولات اتّباع الحميات الغذائية.
بيد أن التقليد الأعمى لكثير من المتابعين، بخاصة الشباب، لهذه الوسائل من باب ضمان صحتها لكونها مجرّبة من قبل مشاهير، بات أمراً يجب الالتفات إليه، في ظل تعرض الأشخاص لخطر هذه التقنيات الحديثة.
تحدثنا ميلاني ديسوزا، أخصائية تغذية في الشارقة، عن استخدام إبر التنحيف لإنقاص الوزن، وتقول «تُعد إبر التنحيف من الصيحات التي يكثر الطلب عليها هذه الفترة، والتي تتضمن مواد تحقن في الجسم لإخراج الدهون من الخلايا الدهنية الموجودة تحت الجلد، وتحويلها إلى أحماض أمينية تنتقل إلى الأوعية الدموية، وأبسط مشاكل تلك الوسائل أنها تؤدي إلى نقص العناصر الغذائية، وضعف العضلات، لكونها تتجاهل أهمية التغذية المتوازنة، والتمثيل الغذائي، بمرور الوقت...
علاوة على ذلك، قد تكوّن علاقة غير صحية مع الطعام، ما يجعل ضبط الوزن على المدى الطويل أكثر صعوبة، فضلاً عن الأضرار الأخرى، مثل:
إبر التخسيس يجب أن تخضع لإشراف طبيب متخصص
وعن أعراض شلل المعدة «تؤدي هذه الحالة إلى الشعور بآلام حادة، وانتفاخات في البطن، والغثيان، والقيء، مع الشعور بالشبع والامتلاء، وصداع، وألم رأس قوي، وإسهال حاد، أو على النقيض إمساك مزمن، وفقدان الوزن الحاد الذي يظنه البعض دليلاً على نجاح تلك التجربة. وأودّ هنا أن أشير إلى نقطة هامة، وهي أن حقن التخسيس لها استخدامات طبية مفيدة ما دامت تخضع لإشراف طبيب متخصص، ويحصل عليها المريض لغرض طبي، مثل حالات السكّري من النوع الثاني، إلا أن المشكلة تكمن في عشوائية التطبيق، والاستعانة بنوعيات مجهولة المصدر من هذه الحقن».
تركز أخصائية التغذية على دوافع البعض الذين يتخذون من تجارب المشاهير فرصاً يجب اقتناصها «الدافع الأساسي وراء الاندفاع لاستخدام حقن التخسيس، أو إبر التنحيف، تلك التي يروّج لها المشاهير والفنانون، هو الضغط المجتمعي، وتأثير معايير الجمال غير الواقعية التي تصورها الـ«سوشيال ميديا»، إذ يشعر العديد من الأشخاص بأنهم مجبرون على الالتزام بهذه المعايير، والسعي إلى حلول سريعة لتعزيز ثقتهم بأنفسهم، حتى إن كان ذلك على حساب الصحة الجسدية، حيث يصبح المظهر هو النقطة المحورية لجهودهم، وغالباً ما يتغاضى البعض عن المخاطر المرتبطة بأساليب التخسيس الشديدة، بسبب جاذبيتها كحلول سريعة، وتعمل وسائل التواصل الاجتماعي على تضخيم هذا الاتجاه، من خلال عرض التحولات التي قد تبدو سهلة، ما يخلق تصوراً خاطئاً بأن هذه الأساليب غير ضارّة، كما يسهم الافتقار إلى الوعي بالأساليب الأكثر أماناً، والمستندة إلى الأدلة، في تفاقم هذه المشكلة».
تشير أخصائية التغذية «الطريقة الأكثر أماناً لفقدان الوزن هي من خلال اتّباع نهج متوازن يجمع بين التغذية السليمة، والنشاط البدني المنتظم، وممارسة نمط حياة صحي باستشارة أخصائي، أو خبير تغذية يوفر إرشادات مصممة لاحتياجات كل شخص، وبما يضمن التركيز على الصحة، على المدى الطويل، بدلاً من النتائج السريعة، ووصولاً إلى ضبط الوزن بشكل دائم».
يقودنا الحديث إلى أهمية تعزيز دور الوالدين في أن يتقبل الأبناء ذواتهم من دون خجل، وبما يحميهم من الانسياق وراء هوس التنحيف وتقليد المشاهير من دون وعي «يجب على الوالدين أن يلعبا دوراً محورياً من خلال تعزيز الصورة الإيجابية لشكل جسم ابنهما، أو ابنتهما، كما يجب عليهما أن يكونا قدوة في سلوكات الأكل الصحي، وتوفير بيئة داعمة تبني الشخصية، وتساعد على بناء الثقة والمرونة في مواجهة الضغوط المجتمعية. ونصيحتي للشباب إعطاء الأولوية لصحتهم، ورفاهيتهم العامة، من خلال طلب المشورة التخصصية قبل التفكير في أيّ طرق لفقدان الوزن، فقد يكون لإبر التخسيس آثار جانبية غير معروفة، ويمكن أن تشكل مخاطر صحية كبيرة، فنمط الحياة المتوازن مع عادات الأكل الصحية، والنشاط المستمر، والنوم الجيد، والتعليم، أو المشاركة في جلسات التوعية حول نفس الموضوع بشكل متكرر، يساعد الشباب على انتقاء الاختيار الأفضل، وعلى عيش حياة أكثر صحة وأماناً».