14 يناير 2025

كلمة أكسفورد لعام 2024.. ما هو تعفّن الدماغ؟ وكيف يمكنك منعه؟

محررة ومترجمة متعاونة

مجلة كل الأسرة

اشتهر مصطلح «تعفّن الدماغ»، أخيراً، خاصة مع الإعلان عن تسميته كلمة أكسفورد لعام 2024. ولكن ماذا يعني بالضبط هذا المصطلح؟ وما تأثيره في صحتنا؟ وكيف بمقدورنا حماية أنفسنا منه؟

يقول الخبراء إن كل هذا الوقت الذي تقضيه على الإنترنت يمكن أن يضرّ بصحتك الإدراكية، ويجعل من الصعب الانتباه، والتركيز، والتعلم.

جميعنا نمرّ بأوقات نشعر فيها بأنه من المستحيل أن ننظر بعيداً عن شاشاتنا، سواء كان ذلك من أجل العمل، أو متابعة الأخبار، أو للتواصل مع الآخرين ومنشوراتهم، أو لمجرّد قضاء الوقت. ويمكن أن يكون هذا الالتصاق بالشاشة شديداً لدرجة أنه يعبث بتركيزنا، وصحتنا الإدراكية، لذلك شاع في الإنترنت مصطلح «تعفّن الدماغ»، لدرجة أنه تمت تسميته للتو كلمة أكسفورد لعام 2024.

تعرّف أكسفورد «تعفّن الدماغ» بأنه «التدهور المفترض للحالة العقلية، أو الفكرية للشخص، بخاصة نتيجة للإفراط في استهلاك المواد، وفي الوقت الراهن، بشكل خاص، المحتوى عبر الإنترنت»، كما ذكرت دار نشر جامعة أكسفورد، في بيان أعلنت فيه عن كلمة العام.

ارتفع استخدام مصطلح «تعفّن الدماغ» بنسبة 230 في المئة بين عامي 2023 و2024، وسط مخاوف متزايدة بشأن الضرر الذي يلحقه الاستهلاك المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي والمحتوى عبر الإنترنت، بمزاجنا، وصحتنا الإدراكية، وفقاً لأكسفورد. ويُستخدم هذا المصطلح لوصف المحتوى المخدّر للعقل الموجود على وسائل التواصل الاجتماعي، والإنترنت بشكل عام، فضلاً عن التأثير السلبي اللاحق الذي يمكن أن يحدثه في صحة أدمغتنا.

يقول الخبراء اليوم، إن هناك «سباق تسلح» لتطوير المحتوى الرقمي، والمنصات التي يمكن أن تجذب انتباه الناس، والتنافس في سوق رقمية مشبعة. والمحتوى الرقمي والمنصات التي تفوز بهذا السباق أصبحت إدمانية بشكل متزايد، حيث تجذب الناس إلى «شراهة رقمية»، وتعرّض المستهلكين لمحتوى غير صحي.

مجلة كل الأسرة

ما هي أعراض تعفّن الدماغ؟

لا يُعد تعفّن الدماغ تشخيصاً طبياً رسمياً، ولكن مقدار الوقت غير الصحي الذي يقضيه الشخص أمام الشاشة يمكن أن يؤدي، بالتأكيد، إلى مجموعة واسعة من المشاكل المعرفية والعاطفية. إذ يمكن أن يؤثر الوقت المفرط أمام الشاشة سلباً في الانتباه، والتركيز، والتعلم، والذاكرة، والتنظيم العاطفي، والأداء الاجتماعي.

ويبيّن الباحثون أن العلامات التحذيرية لتعفّن الدماغ لدى الأشخاص من جميع الأعمار، يمكن أن تكون مماثلة لما يحدث لدى كبار السن الذين يعانون ضعف الإدراك، وهي:

  • ضعف مستمر في التركيز
  • الارتباك بسهولة أو بشكل متكرّر
  • صعوبة في تكوين ذكريات جديدة والاحتفاظ بها، بخاصة الأحداث الأخيرة
  • مشاكل في رعاية النفس جسدياً
  • تغيّرات في الشخصية والقدرة على التواصل الاجتماعي
  • تغيّرات مستمرة في المزاج والمنطق وقدرات اتخاذ القرار

كيف، ولماذا يحدث تعفّن الدماغ؟

يمكن أن يحدث تعفّن الدماغ عندما يكون الوقت الذي يقضيه الناس على الشاشات هو الوقت الذي لا يقومون فيه بأشياء يمكن أن تعزز صحة الدماغ، مثل ممارسة الرياضة، والنوم، والتواصل الاجتماعي في الحياة الواقعية، والقيام بأنشطة تتحدى العقل.

كما يمكن أن يحدث تعفّن الدماغ بسبب الطريقة التي نستخدم بها شاشاتنا. في كثير من الأحيان، نتصفح المحتوى بشكل سلبي ونستهلكه بوتيرة سريعة أثناء تعدّد المهام، أو محاولة العمل، أو الدراسة في الوقت نفسه.

إن استخدام الشاشات بهذه الطرق يمكن أن يؤدي إلى تقسيم الموارد الانتباهية، وتقليلها، ما يؤدي إلى ضعف قدرات التعلّم والذاكرة، فيزيد التوتر، واضطراب الانفعالات عندما يتعين على المرء إعادة تعلم الأشياء باستمرار. وغالباً ما تكون هناك أيضا تأثيرات مقابلة في الدماغ، مثل انخفاض المادة الرمادية، والمادة البيضاء، ما يؤدي إلى ضعف قدرة المعالجة والكفاءة.

مجلة كل الأسرة

من هم الأكثر عرضة لتعفّن الدماغ؟

أحد الأسباب التي تجعل تعفّن الدماغ مشكلة كبيرة للناس هو أنه يمكن أن يضعف ما تسمى بالمرونة العصبية، أو مدى سهولة تكيّف الدماغ، وإنشاء اتصالات جديدة بناء على تجارب جديدة.

فالانخراط في أنشطة جديدة، وتعلّم أشياء جديدة طوال حياتنا، يمكن أن يزيدا من المرونة العصبية، ما يحمينا بدوره من التدهور المعرفي مع تقدمنا ​​في السّن. إن الاستهلاك المتكرر للمحتوى غير العقلي الظاهر على شاشاتنا له تأثير معاكس، ما يقلل من قدرة الدماغ على إدارة الوظائف المعرفية والسلوكية، بشكل فعال.

والأمر الخطر، أن الأطفال والمراهقين هم الأكثر عرضة للخطر، لأن تطوّر تعفّن الدماغ بسبب الوقت المفرط الذي يقضونه أمام الشاشة في سن مبكرة، بينما لا يزال الدماغ في طور النمو، يمكن أن يؤدي إلى ضعف صحتهم، المعرفية والسلوكية.

قد يكون الأطفال الذين يطوّرون مسارات الدماغ والمهارات التي تدعم الانتباه المستمر، والتحكم في السلوك، وتنظيم الحالة المزاجية، أكثر عرضة لهذه التأثيرات. ومع ذلك، من المحتمل أن يتداخل معها الاستخدام المفرط للوسائط الرقمية.

مجلة كل الأسرة

كيف تمنع تعفّن الدماغ؟

على الرغم من أن تعفّن الدماغ ليس تشخيصاً طبياً حقيقياً، كما أشرنا، إلا أن هناك بعض الأشياء التي يمكنك القيام بها لمنعه، ومحاولة عكس بعض تأثيراته:

1- من الممكن أن يؤدي تغيير عادات الوسائط الرقمية إلى تحسين الرفاهية، بتطبيق مبدأ فترات الراحة على الشاشة، ووضع الحدود الزمنية، وفرض قيود على استخدام تطبيقات غير صحية معيّنة. فهناك الكثير من التطبيقات التي يمكن أن تساعدك على تتبع إجمالي وقت الشاشة، وفرض فترات إزالة السموم الرقمية لمساعدتك على فصل نفسك والانخراط في أنشطة الحياة الواقعية.

2- ومع ذلك، فإن هذا يعد حلاً قصير المدى، وقد تحتاج إلى إلقاء نظرة فاحصة على عاداتك اليومية من أجل تحسين حالتك المزاجية، ووظائفك الإدراكية، بمجّرد أن يبدأ تعفّن الدماغ. فمن أجل إحداث تغيير حقيقي، يجب على المرء أن يفكر في تغييرات نمط الحياة المستدامة على المدى الطويل، مثل استبدال وقت الشاشة بأنشطة أخرى، على غرار التأمل؛ ممارسة الرياضة؛ القراءة؛ الانضمام إلى مجموعات اجتماعية شخصية؛ تعلّم مهارات جديدة، مثل لغة جديدة، أو آلة موسيقية؛ اللعب مع الحيوانات؛ التفاعل مع الطبيعة، والقيام بهذه الأنشطة بانتظام.

3- إذا كان وقت الشاشة جزءاً كبيراً من وظيفتك، فقد تحتاج إلى الإبداع لإيجاد طرق للابتعاد عن الكمبيوتر، والهاتف، مثل طباعة المواد التي تقرأها عادةً عبر الإنترنت، أو القيام بها شخصيا بدلاً من الاجتماعات الافتراضية. عندما تحتاج إلى التواجد على الشاشة، يجب أن تبذل قصارى جهدك لجعل ذلك هو تركيزك الوحيد، حتى تتمكن من إكمال المهمة المطروحة بكفاءة.

اقرأ أيضاً:
- 5 علامات تدلّ على أن ابنك مدمن على الشاشات
- كيف تنقذ طفلك من الشاشات؟.. نصائح سهلة وفعّالة