مؤشر كتلة الجسم (BMI) أصبح قديماً.. مؤشر جديد يخبرك بالمزيد عن صحتك
يُعد مؤشر كتلة الجسم (BMI) أحد أكثر الأدوات شيوعاً، وحتى انتقاداً في الطب لتقييم وزن الأشخاص، ومخاطر صحتهم.
في العقود الأخيرة، تعرّض استخدام مؤشر كتلة الجسم للمراجعة والتدقيق من قِبل المتخصصين، بسبب تصنيف الأشخاص، بشكل خاطئ، على أنهم معرّضون لخطر كبير للإصابة بأمراض مرتبطة بالسمنة، من دون مراعاة عوامل رئيسية أخرى، مثل مقدار الوزن الزائد من العضلات، ومكان وجود الدهون لديهم. لذلك، يمكن أن يقع رياضي أولمبي في نطاق مؤشر كتلة الجسم «السمين»، في حين يمكن تشخيص شخص مصاب بمتلازمة التمثيل الغذائي بشكل خاطئ على أن وزن جسمه «صحي».
تكمن فائدة مؤشر مثل مؤشر كتلة الجسم في بساطته، حيث ينتج عن الحساب السريع رقماً واحداً يعطي معياراً للصحة. كما يمكن أن تعطي فحوصات الجسم صورة أكثر اكتمالاً لنسبة الدهون في جسم الشخص، ولكنها قد تكون باهظة الثمن، ويصعب الوصول إليها.
مؤشر استدارة الجسم (BRI)
يسمّى النموذج الجديد مؤشر استدارة الجسم (BRI)، وبات يكسب اهتماماً كبيراً، كطريقة بسيطة، وربما أكثر دقة لرسم السمنة، والمخاطر الصحية المرتبطة بها. يتضمن مؤشر كتلة الجسم قياسات الخصر والورك، لحساب مدى استدارة الجزء الأوسط من جسم الشخص نسبة إلى طوله.
وتظهر الدراسات أن تكوين جسم الشخص، أي توزيع الدهون والعضلات والعظام والأنسجة الأخرى، أكثر أهمية للصحة من وزن الجسم الإجمالي. يرتبط وجود الدهون، حول الجزء الأوسط بشكل خاص، بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب، والسكّري من
كيف يختلف مؤشر كتلة الجسم عن مؤشر استدارة الجسم؟
تم تطوير مؤشر كتلة الجسم منذ نحو 200 عام، بناء على بيانات من الرجال، وكان معظمهم من البيض. وفي الخمسينيات من القرن العشرين، بدأت شركات التأمين الصحي بتصنيف العملاء حسب الوزن، عندما أدركت أن الأشخاص الأكثر وزناً يميلون إلى تقديم المزيد من مطالبات التأمين. وبعد عقدين من الزمان، أصبح مؤشر كتلة الجسم مقياساً أساسياً لمخاطر الإصابة بالأمراض في الدراسات السكانية، وفي الرعاية الصحية.
لكن في السنوات الأخيرة، بدأ بعض خبراء الصحة يحذّرون من قيود مؤشر كتلة الجسم. ففي عام 2023، قالت الجمعية الطبية الأمريكية إنه بسبب «ضرره التاريخي»، و«استخدامه للاستبعاد العنصري»، لا ينبغي استخدام مؤشر كتلة الجسم كمقياس وحيد في الطب، حيث لا يأخذ هذا المقياس في الاعتبار التنوّع العرقي، والإثني، والعمري، والجنس، وهي العوامل التي قد تكون مهمة في فهم صحة الفرد.
لذلك توصي السياسة الجديدة للجمعية الطبية الأمريكية باستخدام مؤشر كتلة الجسم، جنباً إلى جنب مع مقاييس أخرى، مثل مقاييس الدهون الحشوية، وتكوين الجسم، وكتلة الدهون النسبية، ومحيط الخصر.
يقوم مؤشر كتلة الجسم بتقريب حجم جسم الشخص من خلال التعامل معه مثل الأسطوانة. ولكن اقترحت ديانا توماس، أستاذة الرياضيات في الأكاديمية العسكرية الأمريكية، في ويست بوينت، استخدام مقياس مختلف، وقالت «لدى الناس منحنيات في أماكن مختلفة من الجسم، بخاصة النساء».
وصفت توماس وفريقها لأول مرة مؤشر استدارة الجسم في ورقة بحثية عام 2013. يضع النموذج بشكل أساسي شكلًا بيضاوياً حول جسم الشخص، ويحسب انحراف الجزء الأوسط من جسم الشخص، أو مدى استدارته، من شكل العصا إلى الدائري تماماً.
لقد حدد الفريق نقاط قطع لنطاقات مؤشر كتلة الجسم، الصحية وغير الصحية، باستخدام بيانات من المسح الوطني للصحة والتغذية في أمريكا. وتجمع هذه الدراسة الجارية، التي تجريها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، بيانات صحية من أكثر من 10000 مشارك، سنوياً.
تراوح درجات مؤشر استدارة الجسم من 1 إلى 16، حيث تشير الأرقام الأعلى إلى أجسام أكثر استدارة. ويحصل معظم الأشخاص على درجات تراوح بين 1 و10.
هل مؤشر استدارة الجسم أفضل مؤشر للنتائج الصحية؟
في العقد الذي تلا ظهور مؤشر استدارة الجسم، أظهرت دراسات من دول أخرى، أنه يمكن استخدام مؤشر استدارة الجسم للتنبؤ بخطر الإصابة بأمراض معيّنة، لكن لم يقم أيّ منها بالبحث في استخدامه لفهم خطر الوفاة لأي سبب، في الولايات المتحدة.
ثم في دراسة نشرت في مجلة علمية، قام الباحثون بتحليل بيانات من نحو 33000 بالغ أمريكي، تم جمعها بين عامي 1999 و 2018. قسم الباحثون المشاركين إلى خمس مجموعات، بناء على مؤشر كتلة الجسم الخاص بهم.
وعندما رسموا مخططاً بيانياً للبيانات، كان الأشخاص الذين لديهم أعلى مؤشر استدارة للجسم لديهم أعلى خطر للوفاة، لأيّ سبب. ومع ذلك، كان لدى أولئك الذين لديهم أدنى درجات استدارة الجسم نتائج سيئة أيضاً. وبدا أن مؤشر استدارة الجسم يقدّر مخاطر المرض بمزيد من الفروق الدقيقة واليقين، من ناحية مؤشر كتلة الجسم.
وبينما مؤشر كتلة الجسم هو حساب ثابت لجميع الناس، تحاول حاسبة مؤشر كتلة الجسم الرقمية عكس الاختلافات في العرق، والمجموعات العرقية. قد يكون ذلك هاماً لتشخيص الأمراض الأيضية في بعض المجموعات التي لم يتم تشخيصها بشكل كافٍ.
عموماً، على الرغم من هذه البيانات الواعدة، و«الإجماع المتزايد» على أنه لا ينبغي استخدام مؤشر كتلة الجسم كمؤشر وحيد للصحة، فإن مؤشر استدارة الجسم ليس أداة شائعة بعد.
هل يحل مؤشر استدارة الجسم محل مؤشر كتلة الجسم؟
من أجل استبدال مؤشر كتلة الجسم بممارسة سريرية لمؤشر استدارة الجسم، لا يتطلب من الأنظمة الصحية تنفيذ أيّ أدوات وتقنيات جديدة، أو باهظة الثمن. لكن مؤشر كتلة الجسم متجذر بعمق في نظام الرعاية الصحية وأنظمة تتبع الصحة العامة، بحيث لن يكون من السهل استبداله.
فمثلاً، تعتمد مخططات النمو للأطفال على مؤشر كتلة الجسم، كما تعتمد جرعات الأدوية على مؤشر كتلة الجسم، وهذا مجرد غيض من فيض.. حيث تم دمج مؤشر كتلة الجسم في الكثير من الممارسات السريرية، ومع ذلك، يقول بعض الخبراء اليوم أنه يجب أن يتغير كل شيء، ولكن هذا صعب حقاً.
سيأتي تحليل تكوين الجسم الأكثر دقة من فحص تكوين الجسم بواسطة جهاز «السكانر». أما المعيار الذهبي فهو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، لكنه قد يكون مكلفاً، ويصعب الوصول إليه. كما يمكن أن يعطي فحص امتصاص الأشعة السينية ثنائي الطاقة (DEXA) الأرخص نتائج دقيقة للغاية. وتقدم بعض الصالات الرياضية ومراكز اللياقة البدنية فحوصات تكوين الجسم أيضاً.
من جانبها، تبيّن توماس أن كل مؤشر فيه عيوب، لأنه يصنّف الأشخاص في فئات، ولا يأخذ دائماً في الاعتبار الاختلافات الديموغرافية بين الأفراد، بشكل كافٍ، وتضيف «إذا كان بإمكاني أن أفعل أيّ شيء أريده، فسأتخلص من جميع المؤشرات، وأقول دعنا نبنِ أدوات مخصصة، بحيث يتم فحصك عند دخولك الباب. أشعر بأن هذا ما يجب فعله، وليس مجرد استبدال مؤشر بمؤشر آخر».
اقرأ أيضاً: انتبه! السّمنة في منتصف العمر تهدّدك بمشاكل صحية