الرياضات الفيجيتالية.. مفهوم مبتكر لألعاب المستقبل تجمع العالَمين الرقمي والبدني
تستضيف الإمارات العربية المتحدة «ألعاب المستقبل 2025»، كجزء من رؤية الإمارات لتعزيز الابتكار. فمن خلال هذا الحدث الذي سيقام في 21 نوفمبر 2025، تبرز الإمارات دورها الريادي في تحويل الألعاب الإلكترونية إلى منصة تجمع بين الفائدة والنشاط البدني، في ظل استلاب التقنيات ووسائل التواصل الاجتماعي لوقت وجهد الشباب في عصرنا الحاضر.
وفي هذا الصدد، تبرز الرياضات الفيجيتالية كنوع مبتكر من الأنشطة الرياضية التي تجمع بين العالَمين الرقمي والبدني، ما يواكب تجربة تفاعلية وترفيهية، في آن واحد.
فما هي بالضبط الرياضات الفيجيتالية، أو ما تسمى بـ«phygital sports»؟ وما هي مكوّناتها الأساسية، وأهميتها للصحة البدنية والنفسية ، وللحدّ من عزلة شبابنا اجتماعياً؟
الرياضات الفيجيتالية وتغيير نمط حياة الشباب
كيف يمكن أن تُسهم الرياضات الفيجيتالية في تغيير نمط حياة الشباب من الجلوس لفترات طويلة، إلى الحركة والنشاط ؟ يجيب نيس هات، الرئيس التنفيذي لـ«فيجيتال إنترناشيونال» عن هذا التساؤل، مؤكداً أنه «ليس سراً أن أزمة الصحة المتزايدة حول العالم أصبحت موضوعاً هامّاً للحكومات، والمختصين الصحيين، وأولياء الأمور، بخاصة عندما يتعلق الأمر بالشباب، ونحن نعتبره في صميم أولوّياتنا».
ويوضح «تشير الإحصاءات العالمية إلى صورة مقلقة؛ حيث إن أقل من 20% فقط من الأشخاص دون سن 18 عاماً، يمارسون النشاط البدني لمدة خمس ساعات، أو أكثر، أسبوعياً. وتزداد الصورة سوءاً مع تقدم الأطفال في العمر، إذ إن 81% من المراهقين لا يحققون مستويات النشاط البدني الموصى بها. لذا، ليس من المستغرب أن تكون مشاركة الشباب في الرياضة في أدنى مستوياتها، وهذا ما جعلناه أولوية للتصدي له بشكل مباشر. لا تحتاج إلى أن تكون أباً لتدرك أن ألعاب الفيديو أصبحت جزءاً متزايداً من حياة العديد من الأطفال، والشباب، كما لا تزال الألعاب الإلكترونية واحدة من الأنشطة المفضلة للأطفال، حيث يمارسها أكثر من 70% من اللاعبين الذين تراوح أعمارهم بين 8-15 عاماً، معظم الأيام أو يومياً. واليوم، يوجد 618 مليون لاعب تحت سن 18 عاماً حول العالم...
هذه مشكلة صعبة المعالجة، لكننا نعتقد أن الحل قد يكون في الرياضات البدنية الرقمية. وبالنسبة إلى أولئك الذين ليسوا على دراية بالمفهوم، فإن الرياضات البدنية الرقمية هي مفهوم مبتكر يجمع بين العالَمين، البدني والرقمي، وتقدم حلّاً ديناميكياً لنقص المشاركة الرياضية لدى الشباب من خلال دمج الألعاب الإلكترونية مع النشاط البدني، وتحويل وقت الشاشة إلى تجارب ممتعة، تعتمد على الحركة. وقد أثبت هذا النظام البيئي المبتكر بالفعل، إمكاناته المثيرة لجذب الشباب نحو المشاركة، بفضل التنوّع الكبير في الرياضات والألعاب المتاحة، بما في ذلك الرياضات البدنية الرقمية، الرياضات الإلكترونية، والرياضات التقنية».
تساعد هذه الرياضات على تحسين ثقة الشباب بأنفسهم، وتعزيز الشعور بالإنجاز، وفي تعزيز صحتهم النفسية، يشرح هات هذه الأبعاد قائلاً «أعتقد أن الرياضات البدنية الرقمية تلعب دوراً محورياً في تعزيز ثقة الشباب بأنفسهم، وتنمية شعورهم بالإنجاز، ما يسهم في تحسين صحتهم النفسية..
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعاني نحو 16% من الأطفال والمراهقين الذين تراوح أعمارهم بين 10-19 عاماً، مشكلات نفسية، ويُعدّ القلق والاكتئاب من أكثر الحالات شيوعاً. ولذا، يمكن للأنشطة التي تجمع بين التمارين البدنية والتفاعل الاجتماعي، مثل الرياضات البدنية الرقمية، أن تخفف بشكل كبير من أعراض هذه الحالات. ونأمل أن يكون هذا النوع الجديد من الرياضات مدخلاً جذاباً لبدء، أو بناء عادات النشاط البدني، بدمج متعة الألعاب الإلكترونية مع النشاط البدني، بحيث تنتج الرياضات البدنية الرقمية بيئة يطور فيها المشاركون مهارات أساسية، مثل العمل الجماعي، والتنسيق، والتفكير الاستراتيجي. الطبيعة الشاملة لهذه الرياضات تضمن دعم الأفراد من جميع القدرات، ما يقلل الحواجز المرتبطة غالباً، بالأنشطة التقليدية. وتحقيق الإنجازات، سواء عبر التقدم في اللعبة، أو بلوغ أهداف بدنية، يعزز الإحساس بالإنجاز، وقيمة الذات، ونحن نعلم جميعاً أن النشاط البدني يحفز إفراز الإندورفين، الذي يخفف من التوتر، ويحسّن المزاج، ما يجعل هذه الرياضات أداة قوية لتعزيز الصحة النفسية. وأنا أؤمن بأن الرياضات البدنية الرقمية هي ظاهرة عالمية متنامية، تسدّ الفجوة بين التفاعل الافتراضي والنشاط البدني، وتوفر أسلوب حياة أكثر صحة، ومناسباً لشباب اليوم».
فوائد هامّة للرياضات الفيجيتالية
يرصد الرئيس التنفيذي لـ«فيجيتال إنترناشيونال» التحولات التي يمكن أن يعيشها الشباب في ظلال الرياضات الفيجيتالية، وأثر انخراطهم في تلك الرياضات «تجمع الرياضات البدنية الرقمية بين العالَمين الرقمي والبدني، ونؤمن بأنها توفر فرصاً تحويلية للشباب للنمو أثناء الانخراط في أنشطة يحبونها.
تمكّن هذه الرياضات الشباب من بناء المرونة، واكتساب مهارات جديدة، وتعزيز الروابط الاجتماعية. على سبيل المثال، أن العديد من الشباب الذين لم يشاركوا سابقاً في رياضات منظمة، أو الذين كانوا يعانون القلق الاجتماعي، أو نقص الثقة بقدراتهم البدنية، وجدوا أنفسهم متحمّسين لتبنّي أنماط حياة صحية أكثر. في البداية، جذبهم الجانب الرقمي من الرياضات البدنية الرقمية، وسرعان ما اكتشفوا أن الألعاب تتطلب ليس ردود فعل سريعة واستراتيجية فقط، ولكن أيضاً العمل الجماعي والتنسيق البدني. فالبطولات التي نظمّوها قادت البعض إلى تحوّلات جذرية، حيث انخرطوا مع أندية من دول أخرى، ما أتاح لهم فرصة تكوين صداقات جديدة، وفهم أعمق للتنوع الثقافي. وفي Phygital International، نشهد هذه التحولات يومياً، من تشجيع المشاركة النشطة، إلى بناء مجتمعات عبر الأهداف المشتركة، وتعيد هذه الرياضات تشكيل طريقة تفاعل الشباب مع التكنولوجيا واللياقة البدنية، ومع بعضهم بعضاً، والانتشار العالمي لهذا النشاط دليل على قوّته في إلهام الشباب، محلياً وعالمياً».
وإذ ارتبطت ممارسة الألعاب الإلكترونية الفردية بالعزلة الاجتماعية، وتقليل التفاعلات الواقعية، والشعور بالوحدة، والعزلة عن الأهل والمجتمع، يُبرز هذا التحدّي الحاجة إلى حلول مبتكرة تتماشى مع اهتمامات الأجيال الشابة، وتعمل في الوقت ذاته على تعزيز الروابط الأسرية. قد تكون الرياضات الفيجيتالية منفذاً إلى مواجهة هذه العزلة، والوحدة، والمسار الآحادي، حيث يؤكد نيس أن «الرياضات البدنية الرقمية تقدم فرصة رائعة لسدّ هذه الفجوة، في ظل الطبيعة الجماعية للعديد من الألعاب في هذه الرياضات، والتي تعزز التواصل، والتعاون، والتفاعل مع المجتمع، والعائلة. كما تقدم هذه الرياضات طريقة جديدة لتعريف الشباب بالنشاط البدني، وجعله ممتعاً ومجزياً، في آنٍ واحد. لا تقتصر جاذبية هذه الرياضات على المشاركين فحسب، بل تمتد أيضاً إلى أفراد الأسرة، حيث يمكنهم تشجيع اللاعبين، ما يخلق بيئة ديناميكية ومحفزة».
ويوجز الرئيس التنفيذي هات «لقد شهدنا هذا التفاعل بشكل مباشر، حيث شارك 2000 شخص، وحضر 300,000 زائر، فعاليات «ألعاب المستقبل» الأولى هذا العام، إضافة إلى 3.2 مليار مشاهدة للبث عبر المنصات المختلفة. ويمثل هذا المزج بين عناصر الألعاب الإلكترونية التنافسية والإثارة البدنية الواقعية، تجربة محفزة للشباب للمشاركة في الأنشطة البدنية، وكسر الحواجز المرتبطة بالرياضات التقليدية».