13 فبراير 2025

لماذا تحتاج النساء إلى وقت نوم أكثر من الرجال؟

محررة ومترجمة متعاونة

مجلة كل الأسرة

تشير الأبحاث إلى أن الرجال والنساء لديهم احتياجات نوم مختلفة، حيث تحتاج النساء عموماً، إلى المزيد من النوم، مقارنة بالرجال. نستكشف في ما يلي الأسباب المتعلقة بالاختلافات البيولوجية بين الجنسين، وكيف تؤثر الهرمونات، ووظيفة الغدة الكظرية، ومراحل الحياة، بخاصة انقطاع الطمث، في متطلبات النوم.

أساسيات النوم

النوم عملية فسيولوجية معقدة تسمح للجسم بالراحة، والإصلاح، والتجدّد. ويلعب النوم دوراً حاسماً في الوظيفة الإدراكية، وتنظيم الحالة المزاجية، والصحة العامة. وفي حين يحتاج الشخص البالغ العادي إلى نحو 7-9 ساعات من النوم في الليلة، تظهر الدراسات أن النساء غالباً ما يحتجن إلى المزيد قليلاً.

التأثيرات الهرمونية في النوم

تتعرض النساء لتقلبات هرمونية فريدة طوال دوراتهنّ الشهرية، ما يؤثر بشكل كبير في جودة النوم، ومدّته. ويؤثر هرمون الإستروجين، وهرمون البروجسترون، وهما الهرمونان الأنثويان الأساسيان، في أنماط النوم بعدّة طرق:

الإستروجين

يرتبط هذا الهرمون بتحسين جودة النوم، فهو يعزز نوم حركة العين السريعة، وهو أمر ضروري للوظيفة الإدراكية، وتنظيم العواطف. ومع ذلك، تتقلب مستويات الإستروجين، بخاصة أثناء الدورة الشهرية، والحمل، وانقطاع الطمث، ما يؤدي إلى اختلافات في احتياجات النوم، وأنماطه. وفي مرحلة ما قبل الحيض، تعاني بعض النساء اضطراب النوم بسبب التغيّرات في مستويات الإستروجين، ما قد يؤدي إلى زيادة التهيّج، والتعب.

البروجسترون

يُعرف البروجسترون بتأثيراته المهدّئة، ويمكنه تحسين جودة النوم. وغالباً ما يزداد خلال المرحلة الأصفرية من الدورة الشهرية (بعد الإباضة مباشرة)، ما قد يفسر سبب النوم الأعمق لبعض النساء خلال هذه المرحلة. ومع ذلك، يمكن أن تؤدي التقلبات في البروجسترون أيضاً، إلى الأرق، أو النوم المتقطع، بخاصة في الأيام التي تسبق الحيض.

مجلة كل الأسرة

اضطراب النوم عبر مراحل الحياة

يمكن للتغيّرات الهرمونية خلال مراحل الحياة المختلفة، البلوغ، والحمل، وانقطاع الطمث، أن تؤثر بشكل كبير في النوم، حيث تسهم في زيادة انتشار اضطرابات النوم.

البلوغ: غالباً ما تعاني الفتيات زيادة في احتياجات النوم بسبب النمو السريع، والتغيّرات الهرمونية. وخلال هذه المرحلة، قد يحتجن إلى المزيد من النوم مقارنة بنظرائهن من الذكور، لدعم النمو البدني والإدراكي.

الحمل: تعاني العديد من النساء زيادة التعب، واضطرابات النوم أثناء الحمل، بسبب التقلبات الهرمونية، وعدم الراحة الجسدية، والتغيّرات العاطفية. وتزداد الحاجة إلى النوم التعويضي، بخاصة مع عمل الجسم لدعم الجنين النامي. إضافة إلى ذلك، قد تصبح حالات معينة، مثل انقطاع النفس أثناء النوم، أكثر انتشاراً أثناء الحمل، ما يزيد من تعقيد احتياجات النوم.

سِن اليأس: يؤثر الانتقال إلى سن اليأس، التي تتميز بانخفاض مستويات هرمونَي الاستروجين والبروجسترون، بشكل كبير، في جودة النوم. وغالباً ما تعاني النساء أعراضاً مثل الهبّات الساخنة، والتعرّق الليلي، وتقلّبات المزاج، ما قد يؤدي إلى الأرق، واضطراب النوم. وقد تؤدي التقلبات الهرمونية المرتبطة بانقطاع الطمث إلى صعوبة الحفاظ على أنماط نوم ثابتة، ما يؤدي إلى زيادة التعب، والحاجة إلى نوم أكثر. وتظهر الأبحاث أن النساء بعد انقطاع الطمث قد يعانين جودة نوم أسوأ، وزيادة الأرق، مقارنة بنظيراتهن قبل انقطاع الطمث.

دور الغدد الكظرية

تلعب الغدد الكظرية دوراً مهماً في النوم، والتوازن الهرموني للنساء، فهي مسؤولة عن إنتاج هرمونات، مثل الكورتيزول والأدرينالين وDHEA، والتي يمكن أن تؤثر جميعها في مستويات الطاقة، واستجابات الإجهاد، وجودة النوم.

  تنظيم الكورتيزول

يتبع الكورتيزول، الذي يُشار إليه غالباً باسم هرمون التوتر، إيقاعاً نهارياً، حيث يبلغ ذروته عادة في الصباح ثم يتراجع طوال اليوم. ويمكن أن يؤدي الإجهاد المزمن إلى ارتفاع مستويات الكورتيزول، ما قد يتداخل مع أنماط النوم فيجعل من الصعب النوم، أو البقاء نائماً. وترتبط مستويات الكورتيزول المرتفعة بالأرق، وقد تكون صعبة بشكل خاص بالنسبة إلى النساء، بخاصة اللاتي غالباً ما يتولين أدواراً ومسؤوليات متعدّدة.

إجهاد الغدة الكظرية

في حين أن إجهاد الغدة الكظرية غير معترف به عالمياً، في المجتمع الطبي، يرى بعض الباحثين أن الإجهاد المطوّل يمكن أن يؤدي إلى انخفاض وظيفة الغدة الكظرية. ويمكن أن تؤدي هذه الحالة إلى التعب، وصعوبة النوم، واختلال التوازن الهرموني. وقد تشعر النساء اللاتي يعانين إجهاد الغدة الكظرية بحاجة أكبر إلى النوم، حيث تحاول أجسادهن التعافي من الضغوط المستمرة.

التأثير في الهرمونات الأخرى

تنتج الغدد الكظرية أيضاً DHEA (ديهيدرو إيبي أندروستيرون)، والذي يمكن أن يؤثر في مستويات هرمونَي الاستروجين والتستوستيرون. ويمكن أن يؤثر اختلال التوازن في هذه الهرمونات بشكل أكبر في النوم. على سبيل المثال، يمكن أن تتفاعل التقلبات في هرمون الإستروجين أثناء الدورة الشهرية مع هرمونات الغدة الكظرية، ما يؤدي إلى اختلاف احتياجات النوم، وجودته. علاوة على ذلك، مع اقتراب النساء من سن اليأس، يمكن أن يسهم انخفاض إنتاج هرمون الغدة الكظرية في الشعور بالتعب، وانخفاض القدرة على التعامل مع الإجهاد، ما يؤثر في النهاية في النوم.

الاستجابة للتوتر وجودة النوم

يمكن أن تؤدي استجابة الغدة الكظرية للتوتر إلى زيادة الإثارة واليقظة، ما يجعل من الصعب على النساء الاسترخاء والنوم، إذ من المحتمل أن تمنع هذه الحالة المتزايدة من اليقظة الجسم من الدخول في مراحل النوم التعويضي. ويمكن أن تساعد تقنيات إدارة التوتر، مثل اليقظة، واليوغ،ا وتمارين الاسترخاء، على تخفيف هذه الاستجابة، وتعزيز النوم بشكل أفضل.

مجلة كل الأسرة

العوامل البيولوجية المؤثرة في النوم

الإيقاع اليومي

يمكن أن يختلف الإيقاع اليومي، دورة النوم والاستيقاظ الطبيعية في الجسم، بين الرجال والنساء. وتشير الأبحاث إلى أن النساء قد تكون لديهن دورة يومية أقصر، ما يؤدي إلى بداية نوم، وأوقات استيقاظ مبكرة. ويمكن أن يجعل هذا الاختلاف النساء أكثر عرضة للحرمان من النوم، بخاصة إذا حاولن الالتزام بالمعايير المجتمعية التي تفضل ساعات استيقاظ أطول.

بنية الدماغ ووظيفته

تشير الدراسات العصبية إلى وجود اختلافات بنيوية بين أدمغة الذكور والإناث، يمكن أن تؤثر في النوم. وعادة ما تكون للنساء قشرة أكثر سمكاً، وهو ما يرتبط بوظيفة إدراكية أفضل، وتنظيم عاطفي. قد تسهم هذه الاختلافات في اختلاف احتياجات وأنماط النوم، حيث غالبا ما تتولى النساء أدواراً ومسؤوليات متعدّدة، ما يؤدي إلى زيادة التعب الذهني، والحاجة الأكبر إلى النوم.

التأثيرات النفسية والاجتماعية

الإجهاد والنوم

غالباً ما نجد أن النساء يعانين مستويات أعلى من التوتر والقلق، مقارنة بالرجال، ما قد يؤثر سلباً في جودة النوم. فالنساء يتولين أدواراً متعدّدة في حياتهن، داخل المنزل وخارجه، لذا، يؤدي هذا الإجهاد الإضافي إلى زيادة التعب، والحاجة الأكبر إلى النوم. إضافة إلى ذلك، فإن الضغوط المجتمعية المفروضة على النساء للتفوق في مجالات مختلفة، يمكن أن تخلق حلقة مفرغة من التوتر الذي يزيد من اضطراب النوم.

اضطرابات النوم

بعض اضطرابات النوم، مثل الأرق ومتلازمة تململ الساقين، أكثر انتشاراً بين النساء. يمكن أن تسهم التقلبات الهرمونية والتوتر والعوامل النفسية في هذه الحالات، ما يزيد من الحاجة إلى النوم. وقد تحتاج النساء اللاتي يعانين هذه الاضطرابات، إلى مزيد من النوم للتعويض عن رداءة جودة النوم التي يتلقينها.

مراجعة سريعة

إن فهم الاختلافات البيولوجية بين الرجال والنساء أمر ضروري للتعرف إلى سبب احتياج النساء، عموماً، إلى مزيد من النوم. وتلعب التقلبات الهرمونية، وبنية الدماغ، والعوامل النفسية أدواراً مهمة في احتياجات النوم. إضافة إلى ذلك، فإن تأثير وظيفة الغدّة الكظرية واستجابات الإجهاد والتحديات الفريدة التي يفرضها انقطاع الطمث، تؤكد أهمية النوم الكافي للنساء. ومن خلال إعطاء الأولوية للنوم، وتوظيف استراتيجيات فعالة لتحسين النوم، يمكن للنساء تعزيز رفاهيتهنّ العامة، وإنتاجيتهنّ، ونوعية حياتهن.

اقرأ أيضاً: لماذا نعاني قلة النوم؟ وكيف نهزم الأرق؟.. إليكم إجابات خبراء الطب النفسي